عرطة وورطة!!,,,
أحلام المقالح
أحلام المقالح

 بلا شك أن الامتحانات هذا العام تختلف جواً وسيراً، وبالتالي نتائجاً، فبداية الأمر كانت المذاكرة تحت أضواء الشموع بأعين ذابلة يدنو منها السواد حتى باتت الإمتحانات اليوم مهزلة واستخفاف بالمسؤولية، فخلافاً على منهجيتها في العام الماضي جاءت هذا العام حاملة لطلاب الشهادتين الأسئلة والأجوبة دون عناء وفي حين أنه كان المراقب في أعوام سابقة يمنع دخول نماذج الحل (الغش) إلى المركز الامتحاني ولو على قطع رقبته، بات اليوم يمنعها فقط إن أنعدم ثمنها.
لا تستغربوا فقد حدثني شخصياً أحد طلاب الشهادة الأساسية أن المراقب رفض دخول نماذج الحل، إلا حينما وجد مبلغاً مالياً وقدره ثلاثة آلاف ريال أمام عينيه!، أظنه يكفي لتخزينة يوم حتى يأتي اليوم التالي.
قد يتحدث أحدهم عن مبرر الوضع الأمني في المحافظة، خاصة وأن تعز مازالت على وتيرة الهجوم الشرس والإنتقامي على أبناءها من قِبل قوات الأمن والحرس الجمهوري، ولكنني أرد عليه هناك عدن أيضاً سير الإمتحانات لا يختلف كثيراً عن تعز، بل وأسوأ، فالأسئلة مع الأجوبة تسلم للطلاب.
أيعد هذا إمتحان أم مهزلة بكل معنى الكلمة واستغلال وقبح معاملة، فإما أن يكون الحبل مشدوداً فاختناق أو منفلتاً فمهزلة والظلم حليف المجتهد في كلتا الحالتين.. أين الوسطية والاعتدال يا وزارة التربية والتعليم؟!.
الشيء الذي أجده طريفاً نوعاً ما ومحزناً في نفس الوقت أن الطالب في لحظات قد يجد الحل (عَرطة) ويكتشف مؤخراً أنه في ورطة.. لا تسألوني كيف سأجيبكم حالاً..
الطالب مُتبلد أمام الأسئلة منها ما لم يذاكرها ومنها من نسى إجابتها أو متردد، فيأتيه الفرج بنماذج حل من عدة مداخل، فمن الباب يأتي نموذج ومن الشباك يأتي آخر ومن أمامه نموذج ومن خلفه نموذج ومع وجود بعض التشابه، إلا أن هناك اختلافاً، فيتورط الطالب في أيها ينسخ ويلصق، فهو لا يعرف أين تكون الإجابة الصحيحة، فأمامه إحدى شيئين إما "حجرة بجرة ويعد للعشرة" أو أن يسردها بأكملها وهنا فعلاً يتورط أكثر.. الشعور بقمة التورط يلوح حينما يفتح صفحات الكتاب، فيجد أنه قد اختار خطأ أو كل ما وصله خطأ أيضاً، فيحزن ملء ملامحه.
موقف فعلاً محزن ويدعي للسخرية ليس من الطالب، بل من الذي يسمى باليمن تعليماً، فالطالب المجتهد لا يتورط، فهو يعرف الحل وأين يكمن بينما الطالب الذي يظن نفسه ذكي، فيستخدم جيبه لجمع أكبر قدر من النماذج ومن ثم يبحث عن الإجابة الصائبة وإن لم يهتد لها، فليسرد الإجابات جميعها، فهو غبي فعلاً..
إحداهن تعلق قائلة: (طلاب هذا العام سنجدهم (جميعاً) العام القادم في مصر)، مما دعاني للضحك، هذا حال الواقع بعد ظهور نتائج طلابنا هذا العام أما المفترض فهو مفترض، ولكن ليس بسبب الغش وإنما إيماناً بوجود عقول مستنيرة لم تصل بعد إلى طريق النور بسبب مهزلة التعليم وفقدان الثقة بالقدرات وما الثانية إلا نتيجة للأولى.
كنت آمل أن أرى الطمأنينة بأحداق شقيقي بعد عودته من كل امتحان، ولكنني أجده مغموراً قلقاً وهماً، فزملاؤه المهملون تصلهم الإجابات دون عناء أو حتى تفكير، في حين أنه يفكر ويتعب ويجاوب الأسئلة بنفسه ثقة منه أن إجابته صائبة وأن النماذج أغلبها إجابات خاطئة وناقصة..
فأي عدالة هذه التي تقضي بالهم والتعب للمجتهدين وراحة بال وغش للمهملين والجميع ينجح بمعدلات تفاجئك مع فارق المستويات؟!

في الثلاثاء 12 يوليو-تموز 2011 02:48:39 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=65019