من حسنات الثورة
محمد علي محسن
محمد علي محسن

من حسنات ثورة الشباب أنها كشفت وعرت النظام السياسي على حقيقته، الآن تبدو الصورة فاضحة وقبيحة وللملايين الذين لطالما خدعتهم مظاهر الديمقراطية المزيفة،فلسنوات مضت كان الاعتقاد بان صناديق الاقتراع بإمكانها التغيير السلمي للسلطة، الواقع أننا عشنا كذبة كبيرة أو قولوا وهماً طال أمده.
 فهذه الثورة المباركة أكدت لنا ماهية الواقع المرير؟، فلولاها لما تجلت حقيقة الديمقراطية وانتخاباتها المشوهة والبائسة التي خلناها طريقة مثلى لحكم الشعب وإذا بنا نكتشف أنها وسيلة مضللة ومزيفة لا مكان لها في جمهورية هي أشبه بإقطاعية عائلية.
الحسنة الثانية للثورة أنها كشفت النظام العائلي للداخل والخارج، فمنذ سبعة أشهر ونيف والتظاهرات المطالبة بتنحية ورحيل الرئيس ونظامه لا تتوقف في معظم المحافظات اليمنية ومع أن شرعية هذه الملايين فوق أية مشروعية نابعة من انتخاب أو اتفاق أو انقلاب أو دستور، فأن النظام مازال متشبثاً بحكمه ولو اقتضى الأمر قتل وتجزئة شعبه وتبديد ثروته وقوته ومقدراته.
الحسنة الثالثة أن هذه الثورة أعادت لنا نوعاً من وهج الوحدة المفقود وبعد أن ظننا انه لا تلاقيا، فالحاصل أن ما كان قائماً في محافظات الجنوب منذ ما بعد حرب 94م وحتى اللحظة بات مشاهدا اليوم في محافظات الشمال، فالقتل للمتظاهرين العزل والاعتقال للنشطاء ومحاكمتهم وتشويه الحقائق وإظهارها في وسائل الإعلام الرسمية وكأنها بين الدولة الواحدة وثلة متمردين وانفصاليين خارجين عن النظام والقانون.
 هذه الممارسة الوحشية والهمجية ذاق مرارتها المتظاهرون في صنعاء وتعز والحديدة وإب وغيرها من المحافظات الشمالية التي صارت في الحاضر تتجرع من ذات الكأس الذي شربته محافظات الجنوب ومازالت، فما يحسب لهذه الثورة هو أنها نزعت اللثام عن واقع مزري ومهين وعبثي لا صلة له البتة بالوحدة أو الديمقراطية أو الجمهورية أو القانون أو غيرها من الشعارات المرفوعة.
الحسنة الرابعة هي أن هذه الثورة أعادت لليمنيين التفاؤل باستعادة ثورتهم ووحدتهم وجمهوريتهم وشرعيتهم، فجميع هذه الحقوق السياسية والمعنوية والنفسية والتاريخية والنضالية تم مصادرتها من اليمنيين ولحد التملك والتوريث لها، فقبل أن يسقط النظام العائلي كانت الثورة الشعبية قد استعادت الثورة إلى الثوار والجمهورية إلى جماهيرها والوحدة ستعود بإذن الله وبجهود الصادقين إلى المتوحدين وقبل ذا وذاك الوطن إلى مواطنيه.
الحسنة الخامسة أنها كشفت عن طاقات مجتمعية مذهلة وعن رؤى وأفكار ثورية متقدمة وعن سلوك مدني حضاري أستحق إعجاب واحترام العالم الحر، يقابل هذه الطاقات المجتمعية نظام عائلي فئوي متخلف غير مؤهل أو قادر على فهم واستيعاب هذه الطاقات الخلاقة، فالثورة كشفت كم هي المسافة شاسعة ما بين نظام فكره وسلوكه اللذين ينتميان للقرون الوسطى وبين شعب فكره وطموحه ينتميان للألفية الثالثة ؟، نظام لا يتورع عن استخدام كافة وسائل العبث والقتل والتدمير والإرهاب وغيرها من الأشياء المنتهكة لحق الإنسان في الحياة والكرامة.
الحسنة السادسة أنها كشفت لنا كم هي حاجتنا للدولة المدنية الديمقراطية ؟ وكم هي الضرورة ملحة لأحزاب سياسية؟ وكم هي حاجتنا ملحة للرؤى والأفكار الجريئة ولدستور جديد وقبل ذا وذاك لقيادات سياسية وحزبية مدركة ومستوعبة المرحلة؟، الشيء الأخر أن هذه الثورة أجلت لنا حقيقة الواقع المر بدءاً من حشود المنتفعين والمنافقين والمدلسين والانتهازيين، مرورا بالمواقف السياسية المخجلة الداعمة للنظام وليس انتهاء بطبيعة العلاقات الإقليمية والدولية المشبوهة.
 
في الإثنين 22 أغسطس-آب 2011 05:27:39 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=65393