تكرار سيناريو ولا أحد يعتبر
على محمد الحزمي
على محمد الحزمي

قالوا قديما:
التكرار يعلّم الحمار وصار من باب التأدب في الحديث أن تصبح التكرار يعلّم الشطّار ولو أن الشطّار لا يحتاجون إلى التكرار من أجل أن يستوعبوا ما حدث بالأمس القريب من وبال عاقبة بعض السّفاحين، وعلى مدى التأريخ لم يكن أبدا أن هناك نظاماً انتصر على شعبه، والجيش لم يكن إلا من أجل حماية الوطن من أي اعتداء خارجي، والأمن كان لخدمة المواطن على مدى الزمان في كل مكان، ولم يكن يوما من الأيام يحتاج إلى مدرعات جيش ومصفحات الجند والى رشاشات تخترق البشر والجماد من أجل الأمن المزعوم، ولم يكن أيضا بحاجة إلى الطرق النازية في التعذيب والحرق والجرف والقتل العمد المباشر أمام الصدور العارية والأفواه التي تنادي بالحرية، بحثاً عن لقمة عيش كريمة، هو التأريخ يعيد نفسد في أغلب الأوطان ولا أحد يعتبر أو يفكر.
رهانات وتحدّيات :
لا زلت أتذكر كل التحديات والرهانات التي كان يضعها بعض الأشخاص المقربين سواء لي أو للنظام البائد في بلادنا مصحوبة بأغلظ الأيمان أن حسني مبارك يستطيع أن يحكمها مائة عام أخرى، وانه يستطيع أن يقتل إن شاء خمسة ملايين مصري وانه يستطيع ويقدر ولديه جيش وملكوت وربما نسوا أن يقولوا أن له رسلاً وكتباً منزلة وملائكة يطوفون في الشوارع وشياطين تحرسه من العين ومن شرور الإنس والجان، نسى أن يقول إن له بطانة فاسدة طوال فترة حياته وان له من المقربين من جعلونه يتولى أمر المسلمين وينام عنهم، نسوا أن يقولوا إن مصر برجالها ستظل أم الدنيا، وهي مهد الحضارة، والتأريخ لا يكذب أبدا.
تصريحات المجرم الهارب:
كان البعض يستمتع كثيراً بتصريحات السّفاح الأكبر مجرم الحرب معمر القذافي وهو يكيل الويلات والتهديدات لشعبه الثائر ويتكلم بغرور وكأنه من خلق تراب ليبيا وليس من هؤلاء الذين قتلوا الأبطال الحقيقيين وطلع على ظهورهم من أجل أن يكون هو الفاتح الرازق الباني المعطي الشامخ الكبير، ولا أكبر من الله عز وجل شأنه واعتلا سلطانه وتبارك اسمه عن كل ما يعتقد هؤلاء الزائفون الزائلون، وبعد أن هرب في العشر المباركة من الشهر الفضيل، لم نعد ندري هل ابتلعته الأرض أم عرج به إلى السماء أم أسري به إلى تشاد أو النيجر أو أي دولة من دول الأفارقة التي يستطيع بماله أن يعطي ما يشاء، ولكن أتحداه أن يزيد في عمره يوماً واحداً ولو بذل مليار دولار من أجل هذا اليوم، وما أكثر ملياراتهم التي نسمع عنها وسنموت بسكتة قلبية إن رأينا إحداها على الواقع ولو مصورة من بعيد لبعيد، لان مثل هذه الأموال لا تحصى ولا تعد ولا تحمل ولا توضع في الجيب الخلف من البنطلون خوفاً من أن يذهب بها الحال مع الأموال المصادرة من قبل بعض الدول التي تراعي حقوق الإنسان وتعلن في الوقت المناسب عن تجميد أرصدة دول بحالها، وتعمل على تمويل البنوك والمصارف بما يلزم واستمرار الحياة.
بشار ومواجهات النار:
تستمر التضحيات العظيمة التي يقدمها الشعب السوري المناضل من أجل حريته، وهو اليوم لا يختلف كثيراً عن كفاح الشعب اليمني الأبيّ الذي خرج إلى الشارع غاضباً يصرخ بعد أن طال الصمت والذل والقهر والصبر على كل منكرات الأنظمة في البلدين، شهور متواصلة ومسيرات النضال الوطني من اجل الحرية لا تتوقف ودماء الشهداء لم ولن تجف على تراب الوطن، اليوم حال الشعبين لا يختلف كثيرا كما لم يكن يختلف كثيرا في ما سبق من خلال المستوى المعيشي بالرغم من التسميات الصورية لأنظمة الحكم فيهما إلا أن في سوريا سبق التوريث ما كان متوقعاً حدوثه في بلادنا قبل أن تولد ثورة الشباب، وكان الرئيس ابن الرئيس على النظام الاشتراكي، وحكايات الرعب وقوة النظام في إرعاب الشعب وترهيبه وترغيبه بالقوة المفرطة لدرجة استخدام الدبابات والمدرعات وقوات الجيش لا من أجل الشعب وإنما من أجل قتل الشعب لأنه قال للنظام الفاسد إرحل.
سيناريو لا تراجع:
صراحة لو كنت زعيماً عربياً وقامت في بلدي ثورة فمن الأشراف لي أن أعلنها بما يحفظ لي قليلا من ماء الوجه وسأتنازل علانية وأقول دعوا الشعب الديمقراطي يختار ما يشاء لأنني بالرغم من كل الأساليب التي استخدمتها والاحتياطات الأمنية التي رتبتها والجواسيس الذين تم زرعهم من أجل مراقبة الشعب وترهيبه كل يوم، بالرغم من كل الخطابات وصرف الكلام والرقم القياسي في الظهور على التلفزيون سواء بخير أو دون ذلك، فإن ذلك لا يعطيني الحق في أن أكون صاحب الشرعية الرسمية أو شرعية آمنة أو أي أدّعي أن هناك مؤامرة كونية من قبل بعض الكواكب التي تسعى إلى احتلال دولتي وأن أصبح في ليلة وضحاها أضحوكة بين الناس بسبب تصرفاتي الهوجاء، والتقارير التي تصلني مفرغة تماما من منطق الحكمة وما يفرضه الواقع، صدقوني سأحاول أن اقرأ قليلا من التاريخ لكي أجد تصحو في نفسي النخوة والشهامة وأن أؤمن بحقيقة دوام الحال من المحال وأن الملك والدنيا والكرسي لا يصبح خالدا أبداً وهي حكمة الله في خلقه على أرضه، وبالتأكيد سيحق الله الحق وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
مرسى القلم :
 قلت أضاع الله منهم ضيّعوني
واعذابي كم أعاني وأصطبِرْ

ما كفاهم أنهم يوم أهملوني
يوم خلّوني من الفُرقة استعِرْ
وكم على درب الليالي يوعدوني
راحت أيامي وأنا كم بأنتظِرْ
يا عباد الله ياللي تسمعوني
ودِّي أتزوج وماني مقتدِرْ
إعذروني كان فيكم تعذروني
بأشتكي حالي وأقول وأختصِرْ
أنتصف عمري وأهلي يقهروني
وحظّي المسكين فيني يفتقِرْ
وكنت احسبهم بحالي ينصفوني
تاهت آمالي وحلمي ينقبِرْ
وأهلها بين المواعد يرهنوني
وقلبي الغادي أشوفه ينكسِرْ
a.mo.h@hotmail.com
في الأربعاء 28 سبتمبر-أيلول 2011 04:22:13 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=65764