المال سُلطان .....
أحلام المقالح
أحلام المقالح

لا شك أن المال هو أحد ركائز الحياة على وجه الأرض وبالإضافة إلى أنه أساس المعاملات المالية فإنه أوشك أن يكون بل وأصبح سُلطان الحياة وهذا ما يبعث في النفس العديد من التساؤلات التي تصب جميعها في منحى واحد...إلى أين سيرحل بنا سُلطان المال بعدما قطع بنا أشواط الحياة معظمها بخسائر فادحة – من وجهة نظري- والقلة طبعاً مازالوا يرونه وسيلة لا هدف..فلنرى إذن سلطان المال بأوجهه المتعددة وبما ينعكس على بئر الحياة العميق.
(المال سُلطان)...هذه الجملة الخبرية لم أنتبه لمدلولها إلا حينما وجدتُ فلاناً يشتري أصدقاءه بماله وتلك الأخرى تبيع جمالها بالمال أيضاً ووجدتُ معظم الخونة والمتخاذلين يشترون ضمائر الضعفاء وبالمال أيضاً..فأيقنت أن كل ما يُشترى بالمال هي كنوز ثمينة وتحتويها النفس البشرية وللإحساس بالنقص والفقدان لذاك المُشترى تتسلط الأموال عليهم بغية إستيفاء ما يفتقدون.. ولكن ليست هذه المشكلة؟!..المشكلة تكمن في الخسارة المقابلة لمعاملات الشراء، فالمال يعلو قدره يوماً عن يوم والإنسان يفقد أشياءه الثمينة يوماً عن يوم والضمير أثمن ما قد يفقده...فأصبح الإنسان يفقد كل ثمين لأجل المال فيبيع ولا يشتري وهذه هي حقيقة حياة المال المريرة.
في مشهد آخر أشد إيلاماً أصبحت العلاقات الأسرية والاجتماعية تتدمّر وتنهار بسبب المال فالأب يُشرّد ابنه لأجل المال والأخ يقتل أخاه ويقطع أخته لأجل المال وكل العلاقات تنتهي إلى القطيعة بفعل أوامر السُلطان (المال).
ايضاً صارت معظم العلاقات الإجتماعية تتحدد وتتشكّل طبعاً لميزان المال عند الإنسان، فذاك الشخص محترم فقط لأنه (مُبوّن) والآخر منبوذ لأنه فقط (طَفران)..!!!.
أوشك أغلبية البشر على دفن حقيقة أن المال لأهل الإيمان أعظم نعمة ولأهل الكفر أكبر نقمة والسبب بكل بساطة أن الفئة الأولى يسخرونه لزرع الخير فيُثمر سنابل حسنات والفئة الأخيرة تنفثه لأوجه الشر المُقنعة بالزيف والرياء ولكن لن يكون حصادها إلا جبال سيئات وإن أحبهم كل البشر فلن تغنيهم محبتهم المُشتراة بالمال يوم الحساب...
وأنا اقرأ لكارل ماركس كلماته عن المال وزيف القيم كنتُ على قناعه تامة بأنه استطاع أن يرسم صورة المال الحقيقية، حيث قال: ((خصال المال هي خصالي وهي قواي الجوهرية، أنا مالكه فلستُ في ذاتي محدداً البتة بما أكون ولا بما استطيع، فقد أكون قبيح الوجه ولكنني يمكنني أن أشتري أجمل امرأة فلستُ إذن قبيح الوجه، لأن تأثير القُبح وقوته المنفردة يقضي عليهما المال وقد أكون في ذاتي كسيحاً غير أن المال يوفر لي أربعة وعشرين رجلاً فلستُ إذن كسيحاً وقد أكون رجلاً سيئاً ولئيماً وعديم الضمير لا مُهجة له غير أن المال موقر وكذا يكون مالكه ايضاً, ثم إن المال ينجيني من شر اللؤم، فإذا الناس يعتقدون أنني نزيه وقد أكون بلا مُهجة ولكن المال هو المهجة الحقيقية لكل الأشياء, وأنا القادر بمالي على تحقيق كل ما يهفو له الفؤاد أفلستُ إذن مالكاً كل السلطات البشرية؟ إذن أفلا يحول مالي كل صنوف العجز فيّ إلى ضدها))..
نعم المال أصبح يحول كل صنوف العجز إلى الأضداد وصار البشر يرسمون صوراً مزيفة لأنفسهم بأموالهم...
بعد هذا الكلام من فيلسوف ككارل ماركس هل يمكننا وضع معادلة للمال تؤجج قيمته الأصلية لا المُكتسبة؟؟.. سألت هذا السؤال لأناس كثيرين وكانت معادلتهم المشتركة هي أن المال يساوي السعادة.. ولكنها ليست كذلك – من وجهة نظري- وسأظل أبحث بين سطور الحياة الخالية من التزييف عن معادلة جديدة للمال تضعه في موضعه الصائب وسأترك الطرف الآخر للمعادلة فارغاً تحدده النفس البشرية وليكن السؤال لكم: ماذا يساوي المال من مفردات الحياة؟.
في الإثنين 10 أكتوبر-تشرين الأول 2011 04:40:12 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=65887