شعب في كشوف السفارات
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

ربما لو قدر لأحدكم وسافر من هذه البلاد لظن نفسه اليمني الأخير المغادر لهذا الوطن الذي تحول لسجن كبير لكثرة من سيجدهم قد سبقوه من أبناء اليمن إلى حيث يصل.
لقد تفرق أبناء اليمن أيدي سبأ وباعد الله بينهم وبين أسفارهم فصاروا نوارس مهاجرة وشعباً في كشوف السفارات، فتغريبة ابن زريق اليمني قصة ملت من رواية شهرزاد لطولها وطابعها الحزين.
حدثني أحدهم قائلاً: ذهبت لحضور ندوة في الصين في مدينة جوانزو أول ما خرجت من القاعة صدمت بلوحة مكتوب عليها (مطعم أبو محمد اليمني للفحسة والسلتة ويوجد لدينا قات)!! لم أكد أصدق ..
صارت الغربة هي حلم اليمني البعيد المنال يبيع أرضه وبقرة أمه لكي يغترب ويأتي الناس يهنئوه، لأنه سيفارق أهله ووطنه .!!
صرنا مجرد طوابير أمام أبواب السفارات كل أمل اليمني أن يرحل من هذه البلدة التي كانت طيبة واليمن الذي كان سعيداً فيما مضى من الزمان..
اليمن من أروع بلدان العالم ومدنها من أجمل المدن وهوائها ومناخها من أجمل المناخات وأهلها أطيب خلق الله لولا أن عائلة صالح الإجرامية سممت أجواء هذا البلد وجعلته طارداً لأبنائه قبل الآخرين، يؤكد لي ما أقول هذا كل أبناء اليمن أنفسهم الذين أتواصل معهم عبر الفيسبوك، فأجدهم موزعين في العالم وكلهم يحنون لبلدهم يتمنون فيها أمناً واستقراراً وإدارة حكيمة ويتمنون أن تخلو من الفساد وستكون من أروع البلدان وستشهد نمواً يفوق بلدان الخليج.
يتساءل المرء وهو يعيش أحداث هذه الثورة الشبابية وتداعيات الربيع العربي: هل سنعيش زمناً يمنياً أخضر يستعيد فيه اليمني كرامته المسلوبة حقوقه وحرياته ووطنه المنهوب، فيسافر في كل أقطار العالم مرفوع الرأس موفور الكرامة مثل بقية خلق الله؟! نحن نحلم وليس لنا سوى الأحلام نحلم أن يأتي زمن تقدم فيه اليمن مساعدات لدول الجوار ويأتي العالم لليمن ليتعلم ويتنزه ويتسوق، فهذا الشعب قادر على إبهار البشرية وإدهاش العالم.
وهل ستتحقق أهداف الثورة التي ناضل أبناء اليمن شهوراً من أجلها أم أن كيد المتآمرين وجهل بعض العسكر سيحرم أبناء اليمن قطف ثمارها كاملة كما يشتهون؟!
لقد صغرت أحلام أبناء قومي في هذا الواقع المزري، فصاروا يحلمون بكهرباء دائمة وماء متواصل وراتب لا ينقطع وعيشة الستر وحياة العافية وهي أساسيات لا يفكر بها الناس ولا يضعها شعب في مرتبة الأحلام سواهم.
يعيش معظم أبناء اليمن حياة تصعب على الكافر ويحز في نفوسنا أن في هذا البلد من الثروات والكفاءات والعقول ما لو وجدت تنمية حقيقية وإدارة رشيدة وعدالة اجتماعية وإحلالاً للكفاءات النزيهة مكان العصابات الفاسدة لكان الشعب اليمني أغنى شعب في العالم على الإطلاق ولوصل معدل دخل الفرد اليمني إلى أعلى معدل دخل في العالم ولصنفت اليمن في رأس قائمة دول الأحلام والرفاهية والسعادة.
لقد حولنا المحتل الوطني والمستعمر المحلي من شعب أبي كريم إلى عاهة وتسول بها في كل أقطار العالم مليارات من الدولارات لم نرى منها دولارا واحدا بل سعى جاهداً إلى إلصاق كل تهم الإرهاب والتطرف والعنف بأبناء هذا الشعب حتى صاروا مشبوهين في كل مكان وبكل مطارات العالم.
أيها الناس: أحرام علينا أن نحلم بغد أبهى وصباحات أروع ومساءات يعمرها الفرح ولا يغمرها الظلام؟!!
أتساءل دوماً: متى سيودع أبناء اليمن المشردون في المنافي والمشتتون في بقاع العالم هذه الغربة القاتلة التي فرقت بين الأخ وأخيه والمرء وزوجه وحرمت الأطفال من دلال الأب وتربية الوالد؟!!
إنني واثق بالله وحده أن يعبر بأبناء اليمن إلى بر الأمان وأن الزمن اليمني الأخضر قادم مهما تآمر المتآمرون وكره العميان الحاقدون فأروع أيامنا تلك التي لم تأت بعد ولم نعشها بعد والله على كل شيء قدير..

في الأربعاء 07 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:23:58 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66467