أنت ما بتصليش ليه؟!
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي

لعل الحديث عن الصلاة في هذا الزمان أمر رجعي وتطرف ديني, أو حديث ممل, أو ربما قال البعض: نحن في أزمة, بل العالم كله في أزمة والوقت غير مناسب للحديث عن الصلاة، ولكنني بحثت فلم أجد أنسب من الحديث عن الصلاة, فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزّ به أمر فزع إلى الصلاة وقال "أرحنا بها يا بلال".
أما نحن فنفزع إلى سيجارة, أو أغنية, أو مسرحية, أو اتصال بصديق، فالصلاة عماد الدين وصلة بين العبد وربه وهي الفرق بين الكفر والإسلام.
وقد شرعها الله تعالى ولم يجعل لتركها عذراً, وجعل لكل حدث أو مناسبة صلاة, فصلاة الخوف وصلاة الاستسقاء وصلاة الحاجة.
وكيف لطالب لا يداوم في المدرسة يرجو أن ينجح آخر السنة، وما أغبى ذلك المرابط في ميادين التغيير والتحرير لينال الشهادة أو ليحقق النصر وهو لا يصلي, يذكرني بصديقتي التي كانت تسارع للذهاب إلى الجامع لتصلي التراويح ولا تصلي العشاء.
ولعل سوء أحوالنا وفساد ذات بيننا سببه التهاون في أمر الصلاة, فكم من مسلم بالهوية لا يعرف للمسجد طريقاً ويسمع نداء الله أكبر مجلجلاً وكان الأمر لا يعنيه.
وفي حواري مع شاب تارك للصلاة وضع النقاط على الحروف قائلاً: السبب أهلي ورفاق السوء.. ودائماً وأبداً نجد هذين السببين هما وراء كل المصائب والرزايا.
تهاونا في الصلاة حتى أصبح تركها أمر غير مستغرب، بل أصبح الغريب هو المداومة عليها، ومن النادر جداً أن تجد رجلاً قلبه معلق بالمساجد, لكنك ستجد من قلبه معلق ببنت الجيران, ومعلق بالأغاني والأفلام والمسلسلات, ومعلق بالأموال والعقارات, ومعلق بحب الدنيا والشهوات.
أنت ما بتصليش ليه:
ومما يحز في النفس أن تجد أديباً ومثقفاً ودكتوراً جامعياً لا يصلي, وهذا هو الجهل بعينه, فعلم لا يقود إلى الله ولا يوصل العبد بربه ليس بعلم "إنما يخشى الله من عباده العلماء".
وكثيراً ما اسمع قول قائل: فلان ما شاء الله عليه كل الصفات الحلوة فيه "غير عيب واحد, ما بيصليش"؟!.. وهل بعد ترك الصلاة عيوب, وأي عيب أكبر من ترك الصلاة؟، وكيف لمن لا يعرف حق ربه الخالق المنعم المتفضل أن يعرف حقوق الناس؟!
ونعود للمدرسة لنضرب بها الأمثال, فالطالب الذي يداوم على الحضور إلى المدرسة وإن كان مهملاً أو مقصراً أو مشاغباً، إلا أن فرصة نجاحه موجودة ولو "بالدهفة", بعكس الذي سجل ولم يداوم على الحضور مهما كان مثقفاً أو يقرأ ويطالع، فمن المستحيل أن يحصل على شهادة أصلاً.
وما أجمل تلك الكلمات التي قالتها عجوز طاعنة في السن لشباب يجلسون على الأرصفة يمضغون القات ويسمعون المنادي للصلاة يقول الله أكبر ولا يجيبون داعيه "لو صيحت لواحد واتصانجك تزعل و إلا لا؟ قال لها الشباب: أيوه نزعل.. قالت: الله يصيح لكم ليش ما تجاوبوه؟
فعلاً لماذا لا يجيب البعض داعي الله؟ أو كما قال الشيخ محمد حسين يعقوب في إحدى محاضراته: أنت ما بتصليش ليه؟ هو عملك إيه؟ اللي ما بيصليش الحائض والنفساء وأنت إيه؟
صلي بدون خشوع:
يقول البعض كيف أصلي ولا يوجد خشوع؟ نقول له الخشوع ليس من أركان الصلاة, والصلاة مفروضة عليك بخشوع أو بغير خشوع, لأنها تسجيل حضور يومي, كالطالب تماماً مطلوب منه المداومة والحضور اليومي " بنفس أو بغير نفس"، وإلا فإن الإدارة ستضطر لفصله من المدرسة.. ولذلك قيل من رأيتموه يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان.
وما أجمل ما قاله أحد الصالحين" ظللت أقود نفسي إلى الله عشرون سنة وهي مرغمة حتى أتته وهي راغبة"، فالمداومة على الصلاة ستجلب الخشوع ,
ومن عجائب ما سمعت أن بعض الفتيات لا يصلين؟ أتدرون لماذا؟ حتى لا يصيب السواد ركبتيها من أثر السجود؟!
وإذا حضرت عرس أجد الأغلبية العظمى لا تقوم للصلاة، بحجة لا يقبلها عقل، فكل المعازيم "معذروات"؟!.
قل لي لماذا لا تصلي؟
إليك يا من أضعت مفتاح الجنة وأنت ترجو دخولها، أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مفتاح الجنة الصلاة".
يا من يناديك الله بكل جلاله وعظمته خمس نداءات في اليوم والليلة "عبدي هلُم إلى لقائي"، فتأبى إلا أن تتجاهله، أأصابك الوقر في أذنيك؟
يقول تعالى: "وإن تدعهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون "والله لو ناديت حبيباً إلى قلبك وتعمد عدم إجابتك لمللت منه وانقطع حبل الود بينك وبينه، بل ربما تحملك العزة بالنفس على الانتقام منه، فهل ترضى أن يقطع الله حبل الود الذي بينك وبينه، أم انك تستعجل انتقامه منك" أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون".
قل لي لماذا لا تصلي
      يا ناسي الصلوات قل لي
إن الحياة بلا صلاةٍ
       موتٌ فيا مسكين صلي
تشتاق أن تلقى وجوهاً
       للناس من جارٍ وخلِ
 وتفر من لقيا مليكٍ
          هو صاحب الأجل
بالله ما ألهاك عنها
         أشُغلت بالفاني الأقل
ترجو الجنان بغير قربى
       تخشى العذاب ولا تصلي
   أخي أجب داعي الله.. وأقم الصلاة وصل قبل أن يُصلى عليك .

في الخميس 08 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:29:44 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66483