خبايا وفضائح العناية المركزة
أحلام المقالح
أحلام المقالح

غرفة العناية المُركزة أو كما يسمونها (غُرفة الموت)، إحدى غرف المستشفيات المُظلمة تحيطها العُتمة وبجوفها خبايا وأسرار لا يكاد يعرفها إلا من جاورها يوماً انتظاراً للحياة أن تهزم الموت.
ولعل العين الزائرة داخل المستشفى أزاحت الستار عن الأخطاء المُرتكبة في داخل هذه الغرفة المُوحشة , فماذا نسمي المستشفى حينما تتحوّل إحدى غُرفه إلى صالون تجميل، فتجد الممرضات يُمارسن مهامهن بكف واحدة والأخرى (مُناه) وكأنه لا وقت لوضع الحناء والتزّين سوى في صالة العناية المركزة.. أليست قمة السخرية واللامبالاة بحياة المرضى وخصوصيات والتزامات المستشفى عامة وغرفة العناية المركزة خاصة؟!..
الممرضة المتزّينة هي نفسها من تطلب من مرافقي أحد المرضى (100) قفاز يد مُعقّم ربما الحناء يستدعي الإسراف والبذخ في شراء القفازات كل يوم من كل مريض!.
الحزن الغامر في وجه مرافقة إحدى المريضات هذه المرة لم يكن سببه الابتزاز لأهل المريض، وإنما تيقنها بأن معدة والدتها لأيام تبات خاوية، فبعد أن أوصت الممرضة على رعاية والدتها وتركت لها ما تقتاته من زاد وشراب لاحظت أن شيئاً لم ينقص ولم تمسه رحمة ملائكة الأرض!
إذاً فلمَ تتواجد هناك ملائكة الأرض وآثارهن تدل على عكس ذلك تماماً؟، السؤال موجه لممرضات غير الرائفات بأرواح البشر وغير المتمسكات بأمانة المهنة.
من جهة أخرى ومألوفة جداً تنهر الممرضات أهل المرضى بمنعهم من الدخول للعناية المركزة (تطبيقاً للقوانين)، ولكن ما أن يأتي أي موظف بالمستشفى ولو (الفرّاشة) حتى تفتح له أبواب الغرفة على مصراعيها ودون التزام بالتعقيم وحينما تسأل (لماذا) يكون الجواب على طرف اللسان (هذا الموظف معرفة ذلك المريض, هذا الموظف يوشوش صديقه الطبيب ربما عن مكان التخزينة!).. قمة الهمجية.
بلا شك أن الأخطاء الطبية - مهنياً وإنسانياً- أكثر ما تكون, مثلما هناك مميزات نادرة، ولكنها مطمورة بقسوة العاملين في المستشفيات حين تجد (مثلاً) المريض يخرج من غرفة العمليات إلى الممر (الطارود) ويُرمى هناك بسبب تأخره، فيدفع تكاليف العملية أو مصاريف المستشفى، فهل هذه الرحمة أم أن الطب بات سكيناً على رقاب شريحة البسطاء؟.
لا بد لغرفة العناية المركزة تتنفس الرحمة لتؤنس أرواح المرضى المنسدلة أجفانهم، ولابد للممرضات أن يلتزمن بشرف المهنة وأخلاقها وأن يبحثن عن صالونات تجميل للتزّين لا عن مستشفيات , وحتى يستحقن وصف ملائكة الرحمة كما ينبغي.
أتمنى ألا ألمس وجعاً آخر لمرافق آخر كما لمسته من إحدى مرافقات المرضى، فبعد أن انتقلت إلى جوار ربها وودعت أمها بقت في القلب ندبة بحجم الأخطاء والسلوكيات الهمجية واللامبالاة في غرف المستشفيات، وتحديداً غرف العناية المركزة التي باتت غرفة مظلمة ومعمية عن العين بستائر وأخطاء من كل اتجاه.
ولي أمل كبير فيمن ستلامسه نزيف أحرفي الموجوعة هنا، أن يشاطرني الاحتجاج والمطالبة بتطهير النفوس من القسوة المترتب عليها خسائر فادحة بشرياً وإنسانياً، وليكن الطب مهنة شريفة ونزيهة لا سلعة تشترى وتباع.
في الخميس 12 يناير-كانون الثاني 2012 06:27:45 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66722