الرئيس وعش الدبابير !!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

لا أعتقد أن الرئيس عبد ربه لم يضع في حسبانه ردة فعل العائلة الحاكمة، فقرارات الجمعة لم تأت مصادفة أو رغبة أو كرهاً ؛ إنما يمكن اعتبارها أشبه بمباغتة دبابير في وكرها ، ما رأيناه بُعيد إقالة قائدي القوات الجوية والحرس الخاص – شقيق الرئيس السابق ونجل شقيقه – كان أمراً غريباً ومعيباً.
لكننا وإذا ما نظرنا إلى طبيعة النظام العائلي العسكري الذي لم يتوقع يوماً بهكذا مآل ؛ فإننا سندرك حقيقة التمرد والرفض لقرارات رئيس الدولة ، فهؤلاء لم يؤخذوا بحسابهم إمكانية انتقال السلطة إلى نائب الرئيس أو حتى شخص آخر من خارج نطاق الأسرة الضيق والمستأثر بسلطة القرار نتيجة لهذه الهيمنة على القوة .
الناظر في المشهد سيخلص إلى أن الرئيس ما كان له اتخاذ قرارات استباقية واضطرارية من هذا القبيل وفي ظرفية حرجة ؛ لولا يقينه وإدراكه بأنه ليس وحده ، ولولا ثقته الكبيرة بذاته وشعبه وكذا بدعم الدول العشر الراعية والمتبنية لمسألة انتقال السلطة في اليمن .
الأيام القادمة ستكشف للجميع بأن ما يفعله الرئيس السابق وأقاربه وأعوانه لن يوقف عملية انتقال البلاد أو يمكنه إعادة عجلة التحول إلى ما قبل تاريخ 21فبراير 2012م، البعض يتساءل وبقلق شديد حول ماهية القرارات الرئاسية المهمة، وهل ستطال هذه المرة أيضاً ما تبقى من عش الدبابير ؟ .
شخصياً أفضل أن يقدم الرئيس على خطوات جريئة وعملية كي لا تظل الدولة الجديدة عالقة ما بين محاولات النظام القديم لعرقلة مسيرتها الانتقالية وبين النظام الجديد وقيادته التي يجب أن تكون إجراءاتها مؤثرة ومطمئنة للداخل والخارج .
يقال "رب ضارة نافعة"، فقرارات الجمعة وما تبعها من تداعيات تمرد ورفض وصلت لحد إغلاق مطار البلاد أمام الملاحة الدولية ، بكل تأكيد مثلت بالون اختبار جعل معقل الرئيس السابق يخرج عن طوره إلى العلن، ربما توقع الرئيس/ عبدربه ووزير دفاعه ما هو أسوأ من أذى وضرر وضع أصبع اليد في عش دبابير، لكنهما بالمقابل لم يعلما بان ردة الفعل ستكون وبالاً على النظام السابق ولدرجة نقل الصراع من الهامش والعموم إلى الجوهر والخصوص ، من الأطراف والحواشي إلى الرأس والصميم ، من الخلافات في التفاصيل بين طرفي المعادلة القائمة إلى الخلاف بين أطراف وطنية ودولية وطرف واحد يمثل أجندة ضيقة وخاصة .
أظن الثورة الشبابية والشعبية في اليمن أخطأت مسارها عندما اعتبرت معركتها مع نظام سياسي يقوده حزب اسمه (المؤتمر) الذي لديه غالبية برلمانية وأصوات كبيرة ومستفزة مثل البركاني والجندي ، فكل هذه المسميات والأسماء مجرد ظاهرة شكلية وصوتية استخدمها النظام الفردي العائلي العسكري ليغطي بها سوءته المنكرة والمشينة بحق النظام الجمهوري والوحدة والتعددية السياسية والحزبية .
اليوم فقط يتكشف لنا وللعالم حقيقة النظام العائلي العسكري الذي كان من المفروض أن تكون هذه الثورة موجهة إلى قلبه وصميمه بدلاً من إهدارها الوقت والجهد والدم في معركة ثانوية مع البرلمان أو المؤتمر أو غيرهما من المظاهر الزائفة والمضللة .
الرئيس ووزيره هما اليوم في مواجهة الدبابير ، لكن ما يجعلنا نطمئن أنهما ليسا وحدهما في هذه المعركة الحاسمة والفاصلة ، العائلة الآن في مواجهة الجميع رئاسة وحكومة وشعباً، بل وكل الأشقاء والأصدقاء الذين هم في النهاية مع الشعب اليمني ومع خياراته وقيادته واستقراره وهذا بالضبط ما لم يفهمه ويستوعبه النظام العائلي العسكري .
في الأحد 22 إبريل-نيسان 2012 03:11:46 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=67900