القاعدة تجلب المعركة إلى العاصمة صنعاء
مجلة التايم الأمريكية
مجلة التايم الأمريكية

بقلم: سام كمبول                                                                                                 ترجمة/ أخبار اليوم


أيدي الدكتور المرتعشة كانت لا تزال ملفوفة بقفازات ملطخة بالدماء. خارج بوابة كلية الشرطة بالعاصمة صنعاء، كان الدكتور أحمد ادريس يتحدث إلى حشد من وسائل الإعلام حول أحدث هجوم وقع في صنعاء.

قبل ساعتين، ألقى مهاجم، الذي تم تحديد هويته في وقت لاحق بأنه محمد العري، 20 عاما، عبوة ناسفة على مجموعة من الطلبة حال مغادرتهم الكلية لقضاء عطلة نهاية الاسبوع. قُتل في الهجوم عشرة أشخاص وجُرح 15 آخرين. العري نفسه فقد بعض أعضائه في التفجير، ومات في المستشفى بعد ساعة من الهجوم.

في إشارة إلى أوجه التشابه مع هجوم آخر وقع في شهر مايو، يقول ادريس: "خصائص هذا الهجوم هي نفسها التي شهدناها في السبعين".

الهجوم الانتحاري في ميدان السبعين كان هائلا، فقد قتل 96 جنديا أثناء بروفة لعرض عسكري إحياءا لذكرى توحيد اليمن. في كلتا العمليتين، أعلنت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسئوليتها عن الهجومين.

بعد الحملة الخاطفة التي شنها الجيش اليمني على القاعدة ودحر عناصرها من معاقلهم في جنوب االبلاد، بدأت القاعدة في شبة الجزيرة العربية تسديد ضرباتها في قلب الحكومة.

فالاعتداءات في صنعاء آخذة في التزايد. ففي غضون أقل من شهرين، وقعت خمسة تفجيرات بتنفيذ القاعدة. الأولى كانت في ميدان السبعين. وبعد عدة أسابيع، أصيب انتحاري يرتدي حزاما ناسفا بالذعر قبل لحظات من أن يفجر نفسه في مكتب للبريد، ورمي حزامه بجانب الجدار وهرب. وفي بداية هذا الشهر، قُتل العقيد محمد القدمي من جهاز الأمن السياسي في انفجار سيارته الملغومة بينما كان يقودها في صنعاء. وبعد يومين شاهد مدير مركز للشرطة في صنعاء، صالح مصطفى، سيارته تنفجر بعد دقائق من خروجه منها. وكلية الشرطة ما هي إلا هدف آخر في موجة هجمات القاعدة التي تعهدت بمواصلتها.

عندما كان يتحدث الدكتور إدريس إلى وسائل الإعلام، كان لا يزال طلبة الكلية المذهولون والمتخصصون في الطب الشرعي وشرطة مكافحة الشغب بالدروع الواقية، يتجنبون الإقتراب من برك الدم التي بدأت تهب عليها قراطيس القمامة.

كان الغضب واضحا من عدم قدرة الحكومة الجديدة على منع العنف. يقول مروان السباعي، أحد الطلبة الذي نجا بأعجوبه من الهجوم: "هناك من اليمنيين ينفذون مثل هذه الهجمات لإظهار أن هذه الحكومة غير قادرة على السيطرة على البلاد".

الجندي صالح علي كان يصيح ضد الحكومة اليمنية أمام بوابة كلية الشرطة: "إنها فاشة. فاشلة تماما. نريد من أجهزة المخابرات أن تعتقل المجرمين قبل أن ينجحوا في تنفيذ مثل هذا العمل".

ويقول عبدالله الفقية، استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء: "إذا استمر الوضع السياسي على ما هو عليه، سنشهد بالتأكيد هجمات أكثر وأكثر".

ويشير الفقية إلى أن الحكومة اليمنية لا تزال ضعيفة ومجزأة بسبب الولاءات للرئيس السابق علي عبدالله صالح ولعلي محسن قائد الفرقة الأولى مدرع التي وقفت إلى جانب المتظاهرين خلال انتفاضة العام الماضي.

ويقول الفقية: "الحكومة الجديدة لا تملك سلطة على الإطلاق. فأعضائها إما مع علي محسن أو مع علي صالح".

وواصل الفقية قوله إن تنفيذ الهجمات يتم- مثل الأخيرة التي استهدفت طلبة كلية الشرطة- بينما قوات الامن تغض الطرف.

وفي إشارة إلى الطموحات المستمرة للرئيس السابق، الذي اضطر في نهاية المطاف إلى ترك منصبه في فبراير الماضي بعد أكثر من ثلاثة عقود في السلطة، يقول الفقية: "إنها تصب في مصلحة معسكر صالح لإقناع المجتمع الدولي والقوى الإقليمية بأنه هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إنقاذ هذا البلد وإبقائه مستقرا نسبيا".

ويتفق مع الفقية عرفات مدابش رئيس تحرير موقع التغيير نت الاخباري، حيث يقول: "صنعاء لا تزال مُقمسة بين أتباع علي عبد الله صالح واللواء علي محسن الأحمر والشيخ صادق الاحمر".

ويقول مدابش إن كل من هذه الشخصيات يستخدمون الهجمات لتشويه سمعة القوات الموالية للطرف الآخر أو لغرس الشعور بأنهم اللاعبون الوحيدون القادرون على إنقاذ اليمن من تهديد تنظيم القاعدة.

بسبب إنزعاجهم من الإصلاحات المنتظرة التي تهدد مصالحهم، تدفع هذه الأطراف بالاعتداءات على موظفي الحكومة لتشتيت انتباه كلا من المجتمع الدولي والرئيس اليمني الجديد عبد ربه منصور هادي.

في الماضي، غالبا ما كان المنتقدون يتهمون صالح بالسماح لتنظيم القاعدة وفروعها بتنفيذ الهجمات والاستيلاء على مناطق في اليمن في محاولة يائسة لصرف الأنظار عن الانتفاضة الشعبية التي أجبرته في نهاية المطاف على مغادرة رئاسة الجمهورية.

ويقول البعض إن الحيلة لم تفقد جاذبيتها. طالبا وصفه بأحمد كاسم مستعار، يشير صحافي يمني متخصص في القضايا العسكرية والأمنية إلى أن إعادة هيكلة القوات المسلحة، وهي إحدى الركائز الأساسية لاتفاقية نقل السلطة التي أفرزت تشكيل حكومة هادي، تشكل تهديدا لسلطات صالح ومحسن وغيرهم.

ويقول أحمد: "من أجل إلهاء الرئيس هادي عن إعادة هيكلة الجيش، يجعلونه منشغلا بالهجمات".


ووفقا لمدابش، فإن السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في هذا البلد المضطرب يكون من خلال الضغوط الدولية، لاسيما من الولايات المتحدة والسعودية. ومن دون تضافر الجهود الدولية، فإن التوقعات قاتمة.

ويقول أحمد بأسى: "إذا ظل الوضع كما هو، فإن تنظيم القاعدة سوف يسير حتى دار الرئاسة".
في الثلاثاء 17 يوليو-تموز 2012 02:49:55 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=68830