فوبيا الطب في بلادنا
أحلام المقالح
أحلام المقالح

الطب مرة أخرى.. لم تنتهِ بعد مآزقه ولم تقف عند حد يمكننا القول عنه أنه يُبشر بخير، بل على العكس تزداد ثقوبه ويوماً عن يوم، حتى بات فوبيا لدى الكثير داخل اليمن، خصوصاً لذوي الدخل المحدود والذين يصعب عليهم مجرد التفكير بالسفر للخارج للعلاج إذا تطلبت حالاتهم المرضية ذلك..
نأخذ على سبيل المثال شقيقي الذي يكبرني بعام فقط والذي تعرّض مع أفراد عائلتي لأشد وأقسى أنواع الضغوطات النفسية بسبب تخبط الأطباء في تشخيص مرضه فأحدهم يهمس "شكله سرطان" والثاني يهمهم "ورم بالدماغ يمكن ويمكن صنفور" والثالث يصرخ "عالجوه بالخارج قبلما ينتشر الورم، فأنا لست قادراً على فعل العملية لخطورتها وإذا أجريتها فسأزيل الورم بالمناطق القريبة خوفاً على صحة المريض"! وجر لك يا أبي جر.
اتضح لي حينها أن الأطباء اليمنيين – إلا من رحم ربي – يدفنون شرف المهنة بالتخبط في التشخيص وعدم الثقة بالقدرات وهمهم الأكبر هو حصد المال من المهنة فقط ضاربين بحياة المرضى وصحتهم عرض الحائط وهذا ما لمسته طيلة شهرين على وجه والدتي الذي غرق بالشحوب والدموع بسبب القلق والتوتر وانتهى بها الأمر إلى بارئها تتضرع بأن يُنقذ ابنها من سكاكين الطب التي لا ترأف بحاله وحالها ..
وحدث أن أجرى شقيقي العملية في مستشفى خاص وبتكلفة لا تنقص عن تكلفتها بدولة مصر العربية وتحت إشراف طبيب ماهر بشهادات دولية ولكن ذلك لم يمنع الطب مطباته، خاصة أن الفحوصات لم تنتهِ بعد حتى بعد إجراء العملية بحجة التأكد من صحة المريض مع حضور الخوف والقلق والتوتر مرافقاً للمريض ومن حوله، وهذا حال الطب في بلادنا بالفعل ..

مشهد آخر لصديق يعاني نفس الضغوطات بسبب تعدد التشخيصات لمرضه داخل اليمن ما بين القلب وأمراض متنوعة والحاجة الملحة تدعوه للسفر للخارج للتأكد من تشخيص مرضه ، صديقي القادر على السفر يرثى لحال أولئك من يصعب عليهم السفر فيقضون نحبهم داخل بلادهم يبحثون عن تشخيص صحيح لأمراضهم بسبب ضعف الطب في بلادنا وقلة الكوادر المؤهلة لرفع مستوى الطب للحد المفروض ..

على الجانب الآخر بدت مؤخراً فوبيا الطب تتفاقم بشكل مروّع مع انتشار حمى الضنك خصوصاً في تعز، فبمجرد أن تسمع عن قريب أو صديق يعاني من حمى شديدة حتى يتبادر إلى ذهنك أنها حمى ضنك، فيتسرب الخوف والقلق على صحته بعد أن تكون قد سمعت من قبل عن الكثير من الشباب والنساء ممن قضوا نحبهم بسبب حمى الضنك بعد أن اكتظت المستشفيات بحالات حمى الضنك دون أن يكون هناك حل شافٍ لوقف عجلة الموت على طريق هذا المرض.. ولعل هذا الذي يستوقفني كثيراً فيما يخص الطب باليمن والذي تتدهور حالته يوماً بعد يوم دون حلول مجدية ومؤهلة لتنمية الوضع الصحي باليمن لتلحق بركب من سبقتها من دول العالم الثالث.. فأين دور الوزارة في هذا الشأن؟ أم أن الموت بات لقمة سائغة للبشر؟ وما مهمة الوزارة إن لم تكن ملاحظة وتحسين المستوى الصحي في البلاد ؟!.
أخيراً.. إلى أي هوة ستوّلي بنا فوبيا الطب في بلادنا يا وزارة الصحة؟!.
في الثلاثاء 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 02:58:47 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=69927