حكاية مقال وصومالي غلبان
محمد علي محسن
محمد علي محسن

قلت نعم للرئيس/عبد ربه منصور قبيل انتخابه رئيساً توافقياً وانتقالياً يوم 21فبراير؛ وأجدني اليوم وغداً نصيراً ومعيناً وناصحاً له, وأيضاً ناقداً لسلطانه إذا ما رأيت فيه إساءة واستغلالاً فجاً وعبثياً لوظيفة الرجل الأول في الدولة .
وإذا كان هذا هو موقفي من الرئاسة والرئيس، ومن عملية الانتقال السياسي بما تعني من قضايا وطنية ووحدوية وديمقراطية وهيكلية ومستقبلية؛ فلمصلحة من يتم اقتحام وتجبير ما كتبته من أفكار متواضعة أردت بها فقط النصح أو التنبيه؟ ففي جميع الأحوال الوظيفة العامة عرضة للكتابة الصحافية؛ فكيف إذا ما كانت هذه الوظيفة هي وظيفة رأس هرم الدولة ؟.
الأحد الفائت نشرت موضوعاً عنونته بـ" قليل من الكلام " مضمونه بالطبع نصح وتنبيه رئاسة البلاد من اتباع أسلوب الرئيس السابق الذي أدار البلد بالقوة والفهلوة وتزييف وعي اليمنيين، فالحكم الرشيد لا يتأتى بالقوة والقمع وترسانة الأسلحة, كما أن الحاكم المحبوب لا يصنعه الإعلام الموجه المضلل..
 هل أخطأت حين حذرت الرئيس من برقيات النفاق والزيف والرياء؟.. إنه ومركزه في غنى عن تدبيج البيانات والبرقيات الداعمة لقرارات الهيكلة، قلنا إنها ذات البداية والطريقة التي ضللت اليمنيين ثلث قرن ويزيد، إنها وراء النهاية المأساوية والمهينة لسلفه الذي استهل مسيرته الطويلة بالتظاهرات المؤيدة المنظمة من أجهزة النظام العسكري الأمني، وبالبرقيات المذاعة المهنئة للقائد الحكيم..
 حقيقة لا أعلم من المستفيد من نشر مقالي وعلى تلك الصورة المنتهكة لحق الكاتب في أن يعبر عن آرائه وبكل شفافية وحرية ووفق الأسلوب والطريقة التي يراها متاحة ومناسبة ودونما تشويه أو تحوير أو استغلال بشع يمكنه الإساءة والتشهير لصاحبه وبالآخرين .
 لست هنا بصدد دحض فكرة أن تكون الصحافة قد وقعت في شرك الالتباس أو قولوا الخطأ الفادح الذي أعده نتاج تسرع وسوء تصرف وتقدير، فلا توجد ثمة مطبوعة أو وسيلة إعلامية خالية تماماً من هكذا أخطاء؛ لكنني معني بالتوضيح, كون ما نشر كان قد أريد منه إيصال رسالة سلبية؛ أولاً لقيادي عسكري كان الأحرى بالصحف والمواقع التأكد منه قبل النشر، وتالياً لكاتبه الذي وجد نفسه يوضح ويؤكد ما لا يحتاج لتوضيح أو تأكيد أو نفي .
 فالمقال تم نشره قبل ثلاثة أيام في صحيفة يومية معروفة، كما ونشرته مواقع حاضرة في الساحة الإعلامية؛ فلماذا هذا الاستخفاف والتحاذق الذي يصور المسألة وكأنها مجرد سبق وتفرد يستحق التسويق طالما والمتحدث قيادي من سنحان، وأعلن انشقاقه عن الرئيس السابق؟.
وعليه أرجو من الصحف والمواقع التي نشرت موضوعي وبتلكم الطريقة التي قد يفهم منها وقوفي ضد قرارات هيكلة الجيش مع إنني لست كذلك؛ إذ احسب نفسي في جبهة إنقاذ اليمن، وهذه الجبهة يقودها الرئيس عبد ربه بكفاءة وحنكة وجلد وتروي جدير بالاحترام والدعم، فحتى وإن كان نقدنا قاسياً ولاذعاً في بعض الأحيان, فلا يعني ذلك استهدافنا لشخص الرئيس؛ بقدر ما هو تنبيه مخلص وحريص هدفه تصحيح وتصويب ما نراه انحرافاً لسفينة وطن نظن أننا جميعاً ركابها، كما ونعتقد أن ربانها وحده لا يستطيع قيادتها إلى شاطئ الأمان ما لم يكن لنا جهد ودور ناصح وصادق ومخلص .
ختاماً: لا أريد أن أكون هنا أشبه بذاك الصومالي الغلبان الذي خُصم من أجرته نظير إعانة شهداء دولة الجنوب، وقتها لم يجد بداً من التذمر حول إجباره على دفع حصة دائرة رعاية الشهداء فيما هو لا ناقة له أو جمل، قال حينها وبشيء من التندر والمزح الخبيث: يمني يقتل يمني والصومالي يدفع ضريبة ..
الحال أنني لا أشك بسلامة نية الناشرين، فما من صحافي يمكنه رفض تصريح أو موضوع صاحبه يعد من الرجال المقربين من الحكم، لكني مع ذلك ارفض أن أكون كذاك الصومالي الساخط الضحية الذي وجد ذاته مقسراً على دفع فاتورة دم لم يسفكه، وعلى صراع لم يخضه مطلقاً, كما وليس له فيه علاقة أو مصلحة .
 

في الجمعة 28 ديسمبر-كانون الأول 2012 10:30:08 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=70399