مأساة رواندا العرب " سوريا " !!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

لأول مرة أشاهد فيها الطاغية ببزته العسكرية المثقلة بالنجوم والأنواط والنياشين ومرصعة ببذخ لكتفه وصدره وكأنما هو نابليون بونابرت أو مونتغمري القائد الإنكليزي المكلل بغار الانتصار العسكري المحرز في معركة العلم التاريخية، وعلى قائد عسكري ألماني واستثنائي "روميل " والملقب بـ"ثعلب الصحراء ".
نعم الطاغية بشار يظهر قبل أيام فقط وهو محاط بجماعة ضباط وجُند يؤدون معركة الشرف والبسالة وفق نبأ القناة السورية الرسمية، ففيما عدسة الكاميرا مسلطة على القائد الهمام أثناء تفقده لجبهة القتال راح مخاطباً هؤلاء قائلاً( التاريخ العسكري سيدوّن للجيش السوري البطل هذه الملحمة العظيمة والأسطورية).
بل وزاد" إن ما سطره ضباط وجنود الجيش العربي السوري من مآثر بطولية في حلب وإدلب واللاذقية والقصير ودرعا وسواها من المدن والنواحي تمثل إضافة نوعية للعلوم العسكرية وللمحللين والخبراء الذين سيولون جل اهتمامهم ودراستهم وبحثهم في معجزة الصمود المحرزة ضد قوى الارهاب والعدوان والتآمر الصهيوني والدولي كما وأثبت الجيش السوري أنه بحق خير تجسيد ودليل لمعنى الجيش العقائدي".
هو بالفعل جيش عقائدي؛ فولائه الأول والأخير للحكم العائلي السلالي الطائفي المتدثر بثوب القومية والمواجهة، فلو أن ولائه لوطنه وشعبه؛ لكان ولائه للاثنين؛ ولكان فعله يؤكد ويشير إليه كجيش وطني مجسدا لهذا الولاء للشعب والوطن اللذين هما فوق الولاء للسلطة والعائلة والطائفة والقبيلة والمنطقة؛ وحتى الحزب ذاته الحامل لرأيه الوحدة القومية والحرية والاشتراكية منذ استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري قاده وزير الدفاع وقتها حافظ الأسد الأب.
بعيد سماعي للقائد الهمام قلت وبدهشة وحيرة من جهته قال" الحمد لله أن مصر ليس فيها جيش عقائدي بناء ومنطق نيرون العصر " كما وأن تونس لا يوجد فيها جيش بهذه العقائدية السورية؛ بل وحتى اليمن الفقيرة المتخلفة؛ وإلا لكنا وكانت أوطاننا في مجاهيل الخراب والموت المشرفين! لا أعلم كيف ولماذا لم يطلق الجيش المحترف طلقة واحدة صوب أرضه المسلوبة المغتصبة بالقوة؟ إننا إزاء حرب مروعة فاطرة لقلب الإنسانية فيما النظام العسكري البوليسي يحدثنا عن معركة كرامة وشرف.
فهذه منظمة " هيومان رايتس ووتش" في أحدث تقرير لها قالت إن الصواريخ الباليستية التي يطلقها الجيش السوري تسقط على مناطق مأهولة فتسبب وفيات المدنيين بأعداد كبيرة إذ تسببت أحدث الهجمات ـ التي حققت فيها المنظمة، في محافظة حلب يوم 26 يوليو/ تموز 2013 ـ في مقتل ما لا يقل عن 33 مدنياً، بينهم 17 طفلاً.
أما دوليا ـ وفقا وتقرير أصدرته المنظمة مؤخراًـ فقد أعلن مسؤولون في الأمم المتحدة الثلاثاء أمام مجلس الأمن أن خمسة آلاف شخص يقتلون شهريا في سوريا، وإن أكثر من مائة الف قتيل هم في عداد القتلى، وان ازمة اللاجئين في هذا البلد تعتبر الاسوأ منذ حرب الأبادة في رواندا قبل نحو عشرين عاما، كما وهناك نحو ستة الاف شخص يفرون يوميا من البلاد ونحو 1,8 مليون لاجئ سوري الى الدول المجاورة لسوريا وفق أخر احصاء اجرته الامم المتحدة .
 مساعد الامين العام للأمم المتحدة "غوتيريس" من جهته وصف هذه المأساة قائلا: لم نر تدفقا للاجئين يصل إلى هذا المستوى المخيف منذ حرب الإبادة في رواندا قبل نحو عشرين عاما"، وتابع "ان هذه الازمة دامت اكثر بكثير مما كنا نخشى وتداعياتها الانسانية لا تحتمل".. وكان اكثر من مليوني شخص فروا من رواندا بسبب عمليات القتل الجماعية لقبيلة الهوتو في 1994. 
مسؤولة الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة فاليري أموس اقترحت بدورها على المجتمع الدولي القيام بعمليات عبر الحدود لنقل مساعدات الى داخل سوريا، وقالت إن المنظمة الدولية تحتاج إلى 3.1 مليارات دولار أخرى للعمليات في سوريا والمناطق المجاورة لها لباقي العام، وأضافت إن اربعة ملايين شخص داخل سوريا يحتاجون إلى المساعدات، وإن الحكومة السورية وجماعات المعارضة وضعت "قيودا كبيرة" على منظمات الاغاثة.
وإذا كان العالم قد عد مأساة الشعب السوري بانها مأساة القرن ؛ فإن السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري لم يكترث بسوى شكه في ارقام القتلى التي تقدم واعتبر انها جمعت "بشكل غير مهني"، منتقدا استخدام شركة اميركية لجمع البيانات.
 
في الثلاثاء 13 أغسطس-آب 2013 06:13:30 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=72689