الدين المعاملة
أحلام المقالح
أحلام المقالح

نكبر وتكبر أفكارنا وتصقلها التجارب والحياة, إلا أن بعضها تتشوّه بفعل الحماقات واخص بالذكر الدين والذي حوله البعض لغطاء لأفكارهم الخبيثة والمسمومة تحديداً في هذا الزمن..
في بادئ الأمر تعلمنا في المدارس أن الدين قرآن وصلاة وصيام وحج ومعاملة قبل كل شيء وبالتقادم تلاشت هذه العناوين وغابت ملامح الدين تحت سقف السياسة والمصالح ولعل ما يحدث في الساحة السياسية في بلادنا والبلدان الأخرى يعمّد ذلك.
من جهة أخرى يلجأ المتدين أكثر الأحيان إلى تشويه الدين بل وإخافة الناس منه وتكوين صورة مغايرة لما تعلمناه ودرسناه وكأن لهم دينهم ولنا ديننا، أبسط مثال: جارتي التي تحفظ القران الكريم وتدرسه للبنين والبنات في الجوامع من يصدق أنها سببا لدموع والدتها الغزيرة والتي تشتكي فيها عقوق ابنتها لها وتركها برمضان بدون فطور أو سحور؟ بل وكسر تلك العلاقة الحميمة بين الأمهات والبنات بفعل القسوة وغلظة القلب وفظاظة اللسان..
كيف لها أن تشرح لهم هذه الآية الكريمة (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا) وثمة أعظم قلب يئن من فرط قسوتها عليها وهولا يستحق ذلك بتاتاً؟!
أوجعني أكثر تلك القشور التي تمنح هذه الأخت وغيرها من المتدينين الضوء والاحترام وثمة خبايا تسحقها وتبدل الصورة تماما، وكأن الآية الأخرى تصفهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) صدق الله العظيم..
السؤال الذي يطرح نفسه : ما شكل الدين الذي يفكر فيه أصحابنا؟ هل هو مظهر وبريستيج أم أنه معاملة وإرشاد للنفس قبل الغير؟!
يصورون الدين على أنه قانون عقوبة وهو بالأصل دين تسامح ودين يُسر.. والا ماذا نسمي تأطير المصالح السياسية بالدين وتكفير الخارجين عن دوائرهم..
(الدين المعاملة) يعني أن الدين الحسن ليس فقط بإقامة شعائر الإسلام بل أيضا بأن تطيب معاملتك مع الآخرين...
وفي وقتنا الحالي نجد من يقيمون الإسلام خارجيا فقط وليس ظاهريا اي قد تجد رجل يظهر علي هيئته الدين كله إطالة الذقن وتقصير الثوب والإمساك بالسبحة ولكن تجده غليظ القلب مع الآخرين فظا مع من يتعامل معهم وذلك يعتبر من أسوأ الأشياء حيث أنه بذلك يكره الآخرين فيه ولن ينفعه بغض الآخرين له ولا ابتعادهم عنه فقد قال تعالي لرسوله الكريم " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك."
وسوء معاملة الغير تظهر بأشكال عدة فقد نجد الآخر يلقي بأسوأ الألفاظ علي الآخرين وآخر لا يبالي بمشاعر الآخرين فيسير لسانه قبل عقله فتخرج منه بعض السلوكيات التي يبغضها الغير وهناك آخرون لا يعلمون أن عصبيتهم تعتبر من سوء المعاملة بل أنها من أصعب أشكال سوء المعاملة لأنها توقع الفرد في الخطأ دائما... فالحليم شخص محبوب بين البشر لسعة صدره وقدرته علي تحمل المشاكل بهدوء...
وبعد زيادة التكنولوجيا وبعد أن أصبح العالم كله كبيت صغير أصبحنا في أمس الحاجة لتحسين طرق معاملتنا مع أبناء مجتمعنا والمجتمعات الأخرى... فطريقتك في التعامل توضح دينك وديننا الإسلامي أسمي الأديان السماوية ولكي ننشره بين العالم يجب أن نحبب الآخرين فيه ولن يزيد حبهم له إلا بإظهار أهم معالم الدين الإسلامي كالرغبة في نشر السلام وحسن معاملة الغير وعدم التفريق بين طوائف البشر..
أخيراً.. ينبغي عليهم استيعاب حقيقة الدين التي وضعها الله في محكم كتابه, بعيداً عن أهواءهم بل وتطبيقها أولا في محيط أسرهم ومن ثم التفكير بنقلها للمحيطين بهم.
ومن ثم سيكون بمقدورنا البحث في أقوالهم عن عين الحقيقة التي لا يخطئ فيها الدين أبداً بعد أن نكون رأينها فيهم القدوة الصالحة للمعاملات الإنسانية والدينية..

في السبت 31 أغسطس-آب 2013 05:09:11 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=72860