من الأولى بالرحيل يا مجاهد؟!
محمد علي محسن
محمد علي محسن
 
يرحل من يرحل؟ سؤال, صاحبه أطلقه في ذروة ثورة عارمة مطلبها رحيله.. وقتها مثّل هكذا تساؤل بمثابة نكتة سمجة تلقفها عامة اليمنيين الذين أشاعوها في أرجاء البلاد, التي ظنوها حقبة أقرب للملكية والتوريث منها إلى الجمهورية ونظامها الجمهوري الذي يعني في المقام الأول أن الشعب مالك السلطة ومصدرها وواهبها الأوحد وإذا بالواقع الممارس يكشف لهذا الشعب حقيقة صادمة متجسدة بإقطاعية كبيرة مملوكة لشخص وعائلته وعشيرته وأصهاره وأتباعه وأصدقائه وكل من سبَّح وحمّد ولي نعمته وفضله عليه.

نعم.. فبعيد قرابة أعوام ثلاثة على رئاسة الخلف هادي, مازال الرئيس السلف صالح حاضراً بقوة في مشهد ما بعد الثورة على نظامه.. حاضر بعبثه وبخطبه وببرقياته وتهانيه وبطوابير المهنئين وبوسائل إعلامه وبرئاسته للمؤتمر وبشراكته وبرموز نظامه.

رحل من قصر الرئاسة ليستقر في دكان التنظيم ومن نشرة أخبار الرابعة في قناة اليمن إلى نشرة الثالثة والنصف في قناة اليمن اليوم.. لكأن الرئيس الأسبق حالة استثناء لا تفضي إلى رحيل نهائي كذاك الذي استحقه الرؤساء مبارك وزين العابدين ومعمر القذافي!.

عزيزي المجاهد إبراهيم- رئيس تحرير صحيفة "أخبار اليوم".. المحترم

رحيل وزير الدفاع اللواء/ محمد ناصر, لن يستلزمه ثورة أو انتفاضة، بل قرار رئاسي وستجد الوزير طائعاً مغادراً وزارته إلى منزله دونما عناء أو مقاومة تستدعي تدخل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر لإنفاذ قرار الرئاسة مثلما سبق له التوسط حيال قرارات رئاسية أبى واستكبر وماطل وقاوم من هم أدنى وأقل رتبة ووظيفة وأهمية من الوزير ناصر.

فعلى فرضية مساوئه وتبديده لمليارات الريالات فإن رحيله أو محاسبته لا يكون بنشر صورته والإساءة والتشهير بصاحبها وبتلك الطريقة المستفزة الفجة المسيئة للصحيفة ولكتابها ومسؤوليها قبل الوزير ووزارته.

أصدقك أن رحيل وزير ليس أمراً عصياً وصعباً يضاهي رحيل أولئك القادة العسكريين والأمنيين المقربين المحتمين بنفوذ الحاكم وبرموزه القبلية والتجارية والرسمية المستملكة لكثير من الأدوات والإمكانيات والقوة والسلطة.. فعلى سوءة وفساد وعبث هؤلاء لم يرحل أحد منهم أو يحاكم أو يحاسب وإنما كان رحيلهم بمثابة ترقية لدرجة سفير أو وزير أو ملحق أو على الأقل مستشار في مجلس الشورى.

لا أعلم سبباً مهنياً أو وظيفياً أو منطقياً يستدعي منا قبول واستساغة هكذا مطالبة مقتصرة على وزير بعينه!.

 دعني أقول إن شعار "إرحل" وعلى هذه الشاكلة المستفزة لم أستطع تقبلها واحتمالها وفي بلاد اخفقت ثورتها ترحيل رأس النظام وعترته ورموزه ومواليه.

فكل هؤلاء نهبوا وقتلوا وأفسدوا وأثروا وطغوا وتجبروا ومازالوا وإلى يومنا هذا مستنزفين لمقدرات البلد, مخربين لكل فرصة في التغيير والاستقرار, معرقلين لمسيرته الانتقالية, مخاتلين ورافضين لمسألة بناء الدولة الاتحادية الديمقراطية وووووالخ.

تصور يا صاحبي لو أن كل صحيفة اختارت وزيراً من هذا القبيل مطالبة برحيله؟ يقينا الأمر لا يطاق وسيكون مدخلاً لفوضى.. نعم رحيل الوزير كان سيكون أكثر جدوى ونفعاً لو أن في هذه البلاد دولة، ولو أن فيها رئاسة ومؤسسة جيش وأمن وحكومة ووزارة تزاول كامل سلطاتها وصلاحياتها.

 ولو أن ثورة هذا الشعب قدر لها إجبار رأس النظام ورموزه ومواليه الذين هم- من وجهة نظري- أولى بالرحيل من وزير لم يكن يوماً، ولن يكون أبداً حائلاً معرقلاً مقوضاً للدولة ومؤسساتها ووظيفتها وبنيويتها مهما بدت صورته مشوهة وسيئة للغاية أو أن فعله لا يرتقي لمصاف ما يريده البعض منه.
في الأحد 15 يونيو-حزيران 2014 06:52:16 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=76059