قرابين الإرهاب ومشايخ القاعدة!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

أين اختفى صوت الشيخ بن الشيخ؟!, فحين هاجم الجيش جماعات الإرهاب في أبين وشبوه خرج على الملأ قائلاً: كيف تقتلون من يقول ربي الله ويحارب عدوة الإسلام أمريكا؟.. يا لبؤس هذا الشعب المخدوع المُغرر به ردحاً طويلاً!.. يا لعاقبة الرئيس هادي وقائد جيشه المحارب لصناديد نشيدها" الله أكبر ولا إله إلا الله"!.

أقول أين اختفيت أيها الشبل وأين توارت تصريحاتك المستنكرة لهجمات طائرة دون طيار ولمعركة الجيش على عناصر الشر والإرهاب والانحراف؟.

أمريكا؛ أين أمريكا من جريمة حافلة الشيخ عثمان ومن قتل الضباط والجنود اليمنيين قبلها في حضرموت؟ من ضرب محولات وأبراج الكهرباء ومن تخريب إمدادات النفط والغاز؟ من سرقة ونهب بنوك ومكاتب بريد الدولة ؟ من تهجير الأطفال والنساء والشيوخ في أبين وصعده وعمران ومن خراب المساكن والمنشآت الحيوية والخدمات الأساسية التي لم تسلم أيضاً من النهب والتخريب؟ .

نعم أين ذهب أشياخ الجهاد والفُتيا؛ إذ أنني لم أسمع صوتاً مستنكراً ما وقع مؤخراً في عدن أو المكلا وسيئون والبيضاء وأبين وشبوه وصنعاء؟ لا مقاربة بين جماعات جهادية مسلحة خارجة محاربة للدولة وجيشها ونظامها العام وبين أناس عُزل مسالمين آمنين!.

ومع الفارق الشاسع بين الحالتين؛ هنالك من يعد قتل الجماعات المسلحة ظلماً وعدواناً على الله ورسوله ودينه, بينما قتل الأبرياء والعُزل والموظفين والجنود والدبلوماسيين والسياح وكأنه قتل مبرر ومشروع.

قبل أيام فقط كانت عناصر التوحش والبربرية قد صبت جام حقدها وبشاعتها على ركاب حافلة عسكرية على متنها نساء ورجال عُزل آمنون متوجهون إلى عملهم اليومي. قبل هذه الحادثة تسللت جماعات إرهابية مماثلة إلى المناطق النائية والمأهولة مستغلة الأوضاع الأمنية المضطربة وكذا تفكك الجيش وانقسام قواته ما بين ولاءين, فكانت حصيلة عملها مئات الضحايا ومليارات الخسارة وملايين المنكوبة في حياتها ومسكنها وقوتها وخدماتها.

ما إن بدأت الدولة مستنهضة جيشها وأمنها كي تعيد هذه المناطق الخارجة إلى وضعها الطبيعي المفترض حتى رأينا حرباً شعواء هدفها إعاقة عجلة هذه الدولة وتمكين جماعات الإرهاب .

كأن إحالة مناطق ومنشآت في أبين وشبوه إلى خرابة وبقايا أطلال, قفرة عن الحياة والتنمية ليس كافياً! تسأل: لماذا كل هذا الخراب والدمار والقتل والرعب؟, فتأتيك إجابة باهتة صاعقة قاصمة لروحك وإنسانيتك وعقلك: إنها معركة مقدسة تستوجب نذر النفس رخيصة كيما تسود شريعة السماء.

 نعم.. فالموت هنا لا يستلزمه أكثر من فتيان مراهقة وأحزمة ناسفة وأسلحة ذاتية وديناميت وتسجيل متلفز وانتحاري مختل ضال مأزوم يلقي وصية أخيرة مؤثرة في شباب عاطل جائع جاهل كافر بحياة بخسته حقه في العيش بكرامة وفي الزواج والحياة المستقرة الهانئة الخالية من المشكلات.

حكم الله وطاعته وتمكين شريعته تصير في هذه الحالة متجسدة بقطعة قماش أسود مكتوب عليه شعار التوحيد " لا اله إلا الله " كما ويصير في يافطة كتب فيها " ولاية أبين أمارة وقار ".

فتيان الشريعة مجرد براميل وألغام قابلة للانفجار في أية لحظة، أما أمراء الشريعة فموتهم يؤخذ وقتاً ولا يكون انتحاراً.

حملة بيدق الإسلام تتسلل في جنح الظلام كيما تسرق وتنهب خزائن البنوك والبريد في سيئون، وبعيد غنيمتها بنقود البنوك لم تنسَ كتابة رسالة لرئيس البلاد على جدار البنك:" اليوم هنا وغداً صنعاء .. يا عبد ربه يا مهزوم".

قتلة ولصوص وأصحاب سوابق ومغرر بهم ومرضى بعاهات نفسية وذهنية وعقلية. البعض استغرب وجود بين جثامين قتلى أنصار شريعة الله مجرمين خطرين فارين من العدالة وسجونها. هؤلاء ربما لا يدركون ما يمايز القاعدة واتباع منهجها عن سواها من الحركات الحاملة للواء الجهاد ظلماً وعدواناً وانحرافاً وضلالةً، فالقاعدة وبقدر غلوها وتشددها للعنف والقتل في سبيل تحقيق غايتها نراها بالمقابل مرنة وبرجماتية جداً في الوسيلة.

نعم القاعدة لا تشترط في الانتساب لها أية اشتراطات دينية أو وطنية أو أيديولوجية, فيكفي هنا أن يكون المنتسب مستعداً للتكليف المأمور به ولا يهم بعدئذ إذا ما كان طفلاً أو جاهلاً أو نصرانياً أو علمانياً أو مجرماً ذات سوابق أو سجيناً أو لصاً أو أو أو.. إلخ.

 إنَّها خير تجسيد لمذهب" ميكافيللي" الذي يبرر الوسيلة الخطأ لتحقيق غاية يراها صحيحة.

في الثلاثاء 17 يونيو-حزيران 2014 07:09:58 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=76081