إهداء لإخواننا في المحافظات الجنوبية
نور الدين اليامي
نور الدين اليامي

قولوا ما شئتم عن الانفصال واغضبوا كيفما شئتم من الشمال واهتفوا ضد ما اسميتوه الاحتلال واستعيدوا دولتكم بماضيها الأليم وشيدوا على الحدود, بيتنا جورانكم, فدولتكم الحالية :القائمة" أوسع وأكبر وأكثر أمناً مما مضى, فمهما فعلتم, سيظل عيدنا عيدكم, وأفراحنا أفراحكم, وأحزاننا أحزانكم, وسنظل ـ مع كل خطايانا وأخطائكم ـ نخطب ودكم, ونجهر أنفسنا لراحتكم, لا نبتغي أرضكم ولا ثرواتكم, كما يقول بعضكم, لا لضعفنا وقوتكم وإنما لأنكم يا أهلنا: في الجنوب أهلنا ونحن أهلكم وقوتنا قوتكم وعزنا هو عزكم, ما ارتضينا يوماً ذلنا, ولا إذلالكم, ولم ولن نرض حتى إهانة بعضنا لبعضكم كما حصل لبعضنا عندكم, وفي دياركم, وإن صمتنا يوماً عن جلادنا وجلادكم, فلإن سياطه شقت ظهورنا قبلكم حتى أعمتنا آلامنا عن نصرة أحلاكم, فأحلامنا هي أحلامكم, وأوجاعنا هي أوجاعكم, وها نحن ندفع الثمن أضعاف أضعافكم

 يا هؤلاء نحن إخوانكم وآباؤنا آباؤكم وأبنائنا أبناؤكم, ولو كنا قريشاً لكنا بعفو محمد أطلقاكم, أغضبوا كيف شئتم, لن تقتلعونا من جذوركم, فجذورنا هي جذوركم, وأرضنا هي أرضكم, وحلمنا هو حلمكم, فما نحن إلا مرئاتكم بارك الله لنا في عيدكم

 صنعاء اليوم مثخنة بالجراح بطعنات الأوغاد, وضربات الرماح, وسيل دمائها, بثارات الحسين عليه السلام, وظلمات كربلاء, وزحف جيش المهدي, تتلمس بكفي الحمدي, وعين الزبيري, وفي وجه عدن الدامي, من جيش الفاتحين, للمحفد وعزان وجعار بصيص صباح شيئاً من دفء سالمين.

وذاكرة الأفراح ونسائم بحر العرب, وخلجان عروسة البحرين, فما إن يستنشق الهواء اللطيف, حتى تعلو الأصوات وتعلو بإلحاح, برع, برع, يا استعمار

لك الله يا صنعاء

 يا مدينة الأحلام يا من حوت كل الأحلام, يحكمك رجال من شبوة وأبين ولحج والضالع وحضرموت وبينما تموتين تحتلين "عدن", قد يقول قائل: من الجماعات والفصائل ماذا يريد الكاتب من دغدغة مشاعر الكتائب, ليوهن عزائم الثوار ويستعطفكم بمعسول القول والخطاب كاذب, وللجميع نقول ماعدنا نستجدي بقاء أحد ولا نخشى ذهاب أحد, فما يضير البلاد سلخها بعد ذبحها, ففي قرابين الساسة والسياسيين والإيديولوجيات المختلفة, والتي حولت اليمن إلى ميدان تجارب, ليس للبحث العلمي بل للذبح الأعمى, ودعكم مما نقول, أو يقول هذا أو ذاك فللجنوب وأهله حق استفتاء القلوب ومن كان بلا خطيئة أو عيوب, فليرمي صنعاء بحجر, وليحكم بيننا يا أهلنا علام الغيوب, نعم يبدو وجه الوحدة قبيحاً بعد حرب صيف 1994 كوجه الثورة اليوم, بعد أن عبثت بملامحه بعض أيادينا القذرة, وليس كل ما جرى في صيف 1994 سوءاً, بل إن هناك وجه مشرق يظهر من ظلمات تلك الحرب لم يعتدها أهلنا في الجنوب, منذ الاستقلال, صحيح أن قيادات الحزب الاشتراكي في صنعاء, تعرضت للإيذاء والتهميش, وصحيح أن من كان يحكم قبضته على العاصمة آنذاك أراد أن يبتلع الجميع, بلا استثناء, ولكن ينبغي على أهلنا في الجنوب أن يذكروا بعض محاسن تلك الحرب, فلم تقام المشانق, في الساحات, ولم تنتهك الأعراض ولم تنهب الأموال, على الأغلب إلا ما ندر, ولا بأس هنا أن نذكر لأهلنا بعض القصص للعبرة فقط, ذكرها لنا بعضهم بعظمة ألسنتهم, فأحد الضباط ـ وهو يسكن في المعلا شارع مدرم ـ عند دخول الجيش إلى عدن ظل في شقته مؤصد الأبواب مع زوجته وأولاده, ينتظر القدر المحتوم كما كان يتصور ليؤخذ إلى الساحة ليعدم وفوجئ بمن يطرق عليه الباب, ولم يكن من مفر من فتح باب الشقة, وكانت المفاجأة, ثلاثة أشخاص يقدمون لهم كراتين الماء, والبسكويت والحبحب والكعك مع كبش دخل عليهم الشقة, ليحول الحزن إلى فرح, وبعد أن ذهب الضيوف الغير مرحب بهم, بقيت الأسر في حالة ذهول أهذا يعقل هذا ما لم يكن في الحسبان, وتساقطت الدموع مزيجاً بين الفرح والذهول, وهذا هو الفرق بين تلك الحروب التي اعتادها أهلنا في الجنوب وما خلفته من دمار وقتل و تشريد وحرمان واضطهاد بين حرب أخرى فكانت أقل قتامة من غيرها

 ونقول لأهلنا في الجنوب ألم تكن صنعاء وشمال الوطن الحضن الدافئ لكل من تشرد وفرد من جحيم الصراعات والإيديولوجية, منذ الاستقلال حتى حرب 1986م كما كانت عدن ملاذاً آمناً لثوار سبتمبر, هذه هي اليمن شمالها وجنوبها, يحتضن الأرض أهلها ويحتضن الأخ أخاه

أحبتي:

لا تلوموني, فإنني أعشق أن أسمع كلماتكم بجنون, ما جود, تبغي, هبله, وربي, ويه, وإيذاكوا وغيرها من معسول الكلام

 لا كما تكرهون أن تسمعوا كلماتنا:

مع, يا ذاك, يا خبير, أبصروا, وتيه يا رجال, وسواءً ظلت قائمة أو ذهبت أدارج الرياح, دعونا لا نسقط غصن "الإخاء" من أيدينا, وحب اليمن من قلوبنا, والأمر ليس مجرد عاطفة ولكنه شرط البقاء بوجه العاصفة

فقوة العالم وأطماعه من أممانا وفساد المفسدين من خلفنا لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن قلوب الرجال تضيق.

والله من وراء القصد.

في الأربعاء 18 يونيو-حزيران 2014 07:57:17 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=76093