يا صباح و يا عربي.. فاقد الشيء لا يعطيه!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن
 
بمن تستغيثين يا صباح؟ ومن تستصرخ يا "عربي "؟!.. امرأة اعمورية ماتت والنخوة والغيرة رحلتا مع المعتصم الذي هو الآن تراب ورميم.. الجامعة العربية ولدت ميتة، والحاكم العربي فاقد الإحساس والشعور، طاغية وجبروت، بلا رحمة، وبلا حياء، وبلا فؤاد، وبلا تقوى، وبلا ضمير.

الواحد وأي واحد من هؤلاء الحكام يفطر على أنين قرابينه المزهقة كل لحظة ولمجرد شبهة تافهة، ما من حاكم عربي إلَّا وكان القتل تسليته المحببة إليه، وما من واحد إلَّا واعتاد ذبح الرقاب وكتم أنفاس الإنجاب وإشاعة الجهل والخراب؛ فكيف لكما يا صباح و يا عربي مناشدة حُكام ديدنهم الفتك والسحل والخوف والنهب والكذب والجهل؟.

قُتل ملك ملوك الجنون " القذافي" بيدي ثوار بلده، وقبله حوكم صدام واُشنق بمقصلة بني جلدته، مبارك الذي انهكه الكبر والذعر في محبسه،وزين العابدين المحكوم غيابيا هو الآن في منفاه هاربا،وصالح الغبي الجاهل المُضحك المُبكي لمبارك ومعمر وصدام كان أذكى الجميع فلم يُقتل أو يُحبس أو ينفى وإنما صار رئيساً للرئيس الخلف ذاته.

 قُتلوا أو سجنوا أو نفوا أو رحّلوا، في النهاية جميعهم نسخة واحدة مكررة،وجوه متعددة في صورة واحدة جامعة لكل أشكال الطغيان والاحتقار والفساد والخوف والاضطهاد والزيف والكذب وسواها من الصفات الذميمة القبيحة المتغطرسة العنجهية المتسلطة المهينة لكبرياء الإنسان العربي الذي خُذل زمنا بمثل هؤلاء الحكام الذين لم يترددوا لحظة في توجيه ترسانة جيوشهم إلى رؤوس وصدور شعوبهم ودونما رأفه أو شفقة.

نعم.. قناعتي راسخة ولم تتبدل إزاء القضية الفلسطينية باعتبارها قضية الشعب الفلسطيني أولاً ونهائياً فلم يضر بها أو يؤخر حلها وحسمها سوى حين صارت قضية كل الأنظمة العربية الاستبدادية البوليسية الفاسدة. لطالما ربطت بين إقامة الدولة الفلسطينية وبين ما تحرزه المجتمعات العربية من تغيير سياسي وديمقراطي بداخل كل بلد.

 فدون أن يتحرر الإنسان العربي في مصر والعراق والسعودية وليبيا واليمن والعراق والجزائر وسواها من الدول العربية القابعة مجتمعاتها في قعر تخلفها وفسادها وأزماتها فإن الحديث عن تحرر شعب فلسطين وإعلان دولته المستقلة ليس إلا كلاماً إنشائياً لا قيمة له أو أهمية.

 ودون أن يكون الشعب الفلسطيني في طليعة هذا الكفاح والنضال المجترح منذ التبشير بفكرة الوطن الجامع لشتات اليهود وتحديدا منذ ما بعد انجلاء الحرب الكونية الثانية وإعلان وعد بلفور المشؤوم سنة 1917م.

ما كان بنيامين نتانياهو سيقدم على جريمته النكراء البشعة لولا معرفته بحالة الوهن العربي، فما من حاكم عربي يمكنه فعل شيء إزاء عدوانه الغاشم على مدينة محاصرة ضائقة بالأطفال والنساء والشيوخ والمساكن. فهؤلاء الذين لم يحركوا ساكناً وهم في ذرى سطوتهم ومزايدتهم باسم القضية الفلسطينية كيف لهم اليوم وقف العدوان على غزة ؟ وكيف لحكام قتلوا وبطشوا واهرقوا وخربوا كل شيء وقع تحت تصرفهم ومن ثم يكون بمقدورهم إنقاذ شعب شقيق يعيش مأساة حقيقية ؟.

الحقيقة الساطعة هي أننا عشنا وهماً طويلاً لم نستيقظ منه سوى بُعيد فصل دامي حزين مررنا به ومازلنا في كنفه نعاني وطأة القتل والتنكيل والتشريد والخوف والخراب الحاصل في أكثر من بلد عربي.

 فهذا الرئيس السوري وجيشه الباسل المقاوم مازال صامدا ومقاوما ولكن ليس لاسترداد الجولان المحتلة منذ حزيران 67م وإنما لقتل الشعب السوري ولتدمير مقدراته ودولته وحتى أحلامه وتطلعاته في التغيير والحرية والمواطنة وغيرها من الآمال الثورية الجميلة التي اصطدمت بنظام قمعي استبدادي لا يجد غضاضة في هلاك شعبه وفي فعل ما لم تجرؤ عليه الفاشية والنازية والصهيونية.

وذاك الزعيم الحامل للواء العروبة " القذافي " الذي وجه كتائبه وميليشياته ضدا لإرادة شعبه فكانت الحصيلة قرابين مزهقة تجاوزت خمسين ألفاً وثلاثة أضعافهم جرحى ومعاقين ومنكوبين هذا فضلا عن مليارات الدولارات التي تم إهدارها عبثا ولمجرد إشباع نزوة ديكتاتور متسلط.

وذاك مبارك وبن علي وصالح، فثلاثتهم لم يجدوا حرجا في توجيه أسلحة الجيش والأمن إلى الشباب الثائر الأعزل المتظاهر في الشارع فكانت الحصيلة قتلى وجرحى ومعاقين بالألاف علاوة على ما تكبدته أوطانهم من خسائر فادحة ومكلفة.

يا صباح و يا عربي قلوبنا تنزف حرقة ووجعاً، ومع ما يعتصرنا من ألم وحزن يقينا أنكم ستنتصرون على هذا العدوان الغاشم، قوتكم كامنة في عدالة قضيتكم وفي صمودكم بوجه العدوان الظالم. لا تنتظروا نصرة وموقفاً من حاكم عربي أياً كان شكله وخطابه، فكل هؤلاء الذين تدعونهم وتسخطون عليهم هم في الحقيقة قتلة وفظائعهم في أوطانهم لهي أبشع وأهول مما اقترفته الفاشية الإيطالية أو النازية الألمانية وحتى الإسرائيلية.

في الأحد 20 يوليو-تموز 2014 06:03:25 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=76389