ما فيش فائدة يا صفية!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

كان خطأ البيض ورفاقه أنهم توحدوا مع شخص مهووس, فاسد, لا يؤتمن على بيض دجاجة؛ فكيف بشعب ووطن ودولة ونظام ومؤسسة وتاريخ وقوة وسلطة ومن ثم يتم تسليمها لشخص فاقد الأهلية والثقة مثل الرئيس السابق الذي لا يجد غضاضة الآن في خراب وتمزيق الشمال والجنوب معا؟

وإذا كان فشل التوحد أمراً اعتياديا وحتمياً قياساً إلى طبيعة الحامل السياسي وأداته وممارسته التي لم تكن يوما إلَّا وبالاً على المتوحدين وعلى وطنهم وتنميتهم وديمقراطيتهم واستقراهم؛ فإنه من الخطأ الفادح الانسياق خلف الشعارات والخطب الرعنة الجامحة إلى التجزئة ثانية ودونما ثمة اعتبار لماهية الواقع الجديد الذي يراد إغفاله وتجاوزه الآن.

 قالت العرب قديما" إن ما يقرره العقل يدم دهراً وما تقرره العاطفة يدم شهراً" وعلى هذا الأساس أظن أن صوت العقل ينبغي أن يُسمع ويسود وفي وقت عصيب وحرج كهذا الذي يعتقد الكثير من البسطاء أن الحل الوحيد والمنصف للجنوبيين كامن في استعادتهم للدولة الجنوبية التي فقدوها قبل ربع قرن.

نعم؛ فمثل هذا المنطق قد يكون صحيحاً وصادقاً خاصة بعيد خيبة الأمل الكبيرة الحاصلة اليوم في صنعاء وكان من تجلياتها إهدار وتبديد ما بقي من تفاؤل ورجاء في إمكانية إقامة الدولة الاتحادية بناء ومقررات مؤتمر الحوار الوطني، ومع صحة وصدق المنطق القائل بأنه لا فائدة ترجى من إضاعة الوقت والجهد بحثا عن سراب الدولة المدنية؛ فإننا بالمقابل يجب أن لا نهمل المشكلات القابلة الناتجة عن الهرولة إلى التجزئة.

 الجنوبيون اليوم يكاد لسانهم لاهج بمقولة الراحل سعد زغلول "ما فيش فائدة يا صفية" ومعهم كل الحق إذا ما اعتبروا الحل لمعاناتهم لا يكون بغير التحرر والاستقلال من الشمال الغارق بتخلفه وحروبه، لكن ذلك لا يعني أن الجنوب- وفي حال تحقق استقلاله الثاني- سيكون بمنأى عن المشكلات، فعلى العكس من ذلك فهذا الجنوب سيجد ذاته في خضم مشكلات كارثية لا تنتهي، فما هو كامن في أعماق الجنوبيين وفي أذهانهم وتفكيرهم لهو أسوأ بكثير مما هو سائد الآن.

 الحل الواقعي والموضوعي لا أعتقد أنه سيكون بالفرار إلى الماضي وإنما بمواجهة الحاضر كيما يتم الانتقال العقلاني إلى المستقبل.. الكثير قد لا يستسيغ مثل هذا الكلام المتشائم القلق الحذر من هرولة إلى المجهول، ليكن الأمر كذلك فالعبرة دوما وأبدا في النتائج لا في المقدمات، وبما أننا نتحدث عن الزمن القابل فأغلب الظن أن الفدرلة بإقليمين أو أربعة لهي أفضل من فدرلة الجنوب إلى ستة أو عشرة كانتونات قابلة.

 لذا ما زلت أعد الحل الأنسب والعقلاني والواقعي لقضية الجنوب في إطار دولة اتحادية ثنائية أو متعددة الأقاليم، فمهما كان بؤس الحالة وإحباطها وقتامتها ومهما كانت سوأة الحالة الراهنة المحبطة المثبطة, هناك متسع فيها للانتقال إلى فضاء أوسع وأفضل مما هي عليه من الهرولة إلى المجهول.

في الجمعة 17 أكتوبر-تشرين الأول 2014 12:12:26 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=77216