العصيان يعني عطلة كل أثنين!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

درجنا على أن كل يوم اثنين هو يوم عطلة رسمية بحكم الواقع الذي فرض علينا ومنذ أول عصيان مسلح، فبدلاً من نكتفي بالإجازة المقررة من الحكومة بيومي الجمعة والسبت صارت العطلة ثلاثة أيام في الأسبوع، فيا نعمتاه!

عبثاً تحاول توضيح المسألة, خاصة إذا ما كان المتكلم إليه شخصاً متمنطقاً سلاحه ولا يفقه شيئا بلغة الاقتصاد ونشرات البورصة وحساب الربح والخسارة، لا يفرق بين عصيان هدفه إرضاخ الحكومات وتكبيدها لملايين الدولارات وبين عصيان لم يزد هذه الحكومات وخزينتها إلَّا سطوة ومنفعة ووفرة في السيولة العائدة عليها من هكذا عصيان.

لا عليك، فالاثنين يوم عطلة وهو ما يتوجب عليك الامتثال لهذه الحقيقة المُرَّة، فلماذا تتعب ذاتك في إقناع شاب متعصب عاطل عن العمل بماهية ما تخسره وتتكبده كل يوم عصيان؟ أليس البلد برمته في عصيان دائب وبلا منتهى؟.

أحد أصدقائي المهاجرين وصف عصياناً في بلاد ليس بها دولة أو حكومة بأنه يماثل الرقص فوق كثبان الرمل، فمع هذا التهكم الشديد لا يبدو أن أحداً قد فهمه. قلنا لهم: يا خلق الله العصيان كمفهوم ومدلول وفعل لا يصلح في بلد لا توجد فيه غير مصانع وشركات المرحوم هائل سعيد أنعم، فضلا أنه ليس فيه سكك حديد لا تتوقف فيها قرقعة عجلات القطارات أو سياحة أو مطارات وطائرات صاعدة وهابطة على مدى الدقائق والثواني.

تقول لهم يا خبرة ما بش رئاسة أو حكومة أو سفارة، وقريبا ربما ستنطفئ الكهرباء كليا خاصة إذا ما ظلت الوضعية على هكذا منحى، وتصير البلاد وأهلها في حلكة وخارج التغطية والخدمة، الشوارع والأسواق تكاد في المساء خالية إلا من الكلاب الضالة والحمير السائبة، وبرغم هذه الوضعية البائسة والمحزنة مازلنا نرضخ لحقيقة أن العصيان يعني عطلة ورخصة مضافة ينبغي شكر الحراك الجنوبي عليها.

نعم.. كنا ولوقت مضى, نشكو من خفة عقل وجهل وبلادة أولئك الذين لا يفرقون بين عصيان في دولة صناعية مثل ألمانيا أو الصين وبين عصيان في دولة فاشلة كاليمن؛ فإذا بنا في معمعة عصيان شامل لا يقتصر على يوم أو ثلاثة، وإنما بات هذا العصيان عصيانا يوميا نمارسه هنا، فالحكومة في حالة عصيان والرئاسة في عصيان، وغالبية موظفي الدولة بالكاد همهم منشغل بنهاية الشهر، وتحديدا ما إذا البنك المركزي بمقدوره دفع مرتبات أم لا؟
في الإثنين 16 مارس - آذار 2015 10:46:19 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=78402