حكام زمان و أراجوز البرلمان
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

نتحدث عن الثورة الشعبية كفعل ومسئولية ضخمة على عاتقنا أبناء الوطن الواحد في خطابنا، عن التغيير والتحول للبناء والنهوض من واقعنا الماضي المرير لواقع أفضل يلبي طموحاتنا وآمالنا وقناعاتنا كشعب، صار خطابا للاستهلاك، لم نصل بعد لقاسم مشترك يحوي هذه القناعات، يرضي الكل دون تحيز وتعصب وعناد، الكل ينادي بإسقاط أنظمة الظلم والطغيان والفساد والإرهاب، ينادي بالحرية والعدالة والمساواة، وفشلنا في إرساء الدولة الضامنة لذلك، إنها مسؤولية الجميع بشراكة الجميع، شراكة عادلة سلاحنا فيها الفكر والرؤى والمشاريع والحوار، لا للعنف وسلاح القتل والدمار، العنف يولد عنفاً مضاداً، وشراكة غير عادلة، أحد طرفيها مكسور الجناح، والآخر مغرور بعنجهية، وواقع موحل بالصراعات يشكلان خطراً على الوطن وأبنائه وجيرانه، واقع تنهار فيه القيم والأخلاق يتصدره المجرمين والإرهاب، بداية الانهيار والارتماء في أحضان أجندات خارجية ومشاريع تدميرية، وتجاذبات إقليمية ودولية.

الاصطفاف مع قوى العنف وأطماعها ومشاريعها الغير وطنية، يبدد حلمك وطموحك وآمالك، بحلمهم وطموحهم وآمالهم، وتنجر فتجد أنك مجرد أداة تستخدم في صراع لا ناقة لك فيها ولا جمل، صراع أنت أول ضحاياها وآخرهم وهم في مأمن محصنين محروسين بك وبأمثالك قرابين لمشروع يجردك من إنسانيتك وكرامتك وعزتك وشرفك، فتصير أرخص سلعة تشترى وقت الحاجة وترمى عندما تنتهي تلك الحاجة (كرت لعبة)، وما أسهل مهمتهم عندما تكون في متناولهم تصفق حينما يريدون ذلك وتقتل أخاك عندما يطلبون ذلك وتنام وتصحو بأمرهم، إنها لعنة العنف إذا أصابتنا،أصابنا الضرر.

المفارقة العجيبة أن مجلس النواب يمثل الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في التغيير وإسقاط نظام الماضي المرير، ولم نسمع له كلمة تدين هذا النظام الذي يقاوم التغيير ليبقى متسيدا مهيمنا رابضا على كاهل هذا الشعب معيقا تطوره ونموه وازدهاره، برلمان غض النظر ونام نوما عميقا، تاركا ناخبيه يواجهون ويلات الطغاة، برلمان صنيعتهم وخلطتهم لحماية فسادهم وجرائمهم وكيانهم العفن، ورقة محروقة يلوحون بها، فاستدعوه لشرعنة جرائمهم وانقلابهم، ولبى النداء، كما قال المربي الفاضل/ فؤاد مرشد في خاطرته: احتل الحوثيون صنعاء وصفعوا الدستور (على قفاه) كما صفعوا مجلس النواب وأحلوه ثم احتلوا المدن تباعا وركلوا الدستور بمؤخرته كما ركلوا المجلس وبعد زواج الحوثي وصالح بحثوا بين الأنقاض عن الورقة المحترقة، فلم يجدوا إلا أراجيز نيام.. صرخوا: اصحوا قد مر عام ونيف وجاء وقت الاستخدام..

عموما الصورة تبين وجه الراعي ونموذجاً من تلك الأغنام.. صورة تحاكي ما حدث من وجهة نظر شعب ثائر أحلامه تبدد، شعب قتل ويقتل في ربوع أرضه في عدن والجنوب وتعز والبيضاء ومأرب وعلى كل الأرض اليمنية، بحرب عبثية، وبطيشهم وعنجهيتهم وغرورهم،استدعوا بها الخارج، حرب هددت الوطن وجيرانه والإقليم، وحولته ساحة لتصفية حسابات صراع إقليمي طائفي مقيت لا علاقة للإنسان اليمني فيه،غير أنه ضحية من ضحايا الحشد والتحريض، والتعبئة لحرب مقدسة لمن أشعلها، سيدا ينتقم لرواية مر عليها 1400 عام تجاوزها الزمن وارض حكمت (كإمارات ومشيخات وامبرطوريات وممالك ودول)، كل هذا الزمن ونحن عالقين في روايات وحكاوي زمان، نسوا أن الإسلام دين المحبة والتسامح والوئام، بالحديث القائل عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) رواه البخاري ومسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه البخاري ومسلم.

 فمتى يلتحم الشعب بعضه ببعض ضد هؤلاء الطغاة والمستبدين والجهلة والمتخلفين أصحاب مشاريع السلالة والطائفة والحرب التدميرية لخدمة سيد أو شيخ أو زعيم أو أمير كلهم طغاة ومستبدون، لنشكل حصنا منيعا وصفا قويما لنصرة الحق ومشروع الدولة المدنية الضامنة للحريات والعدالة والمساواة حلمنا وطموحنا وآمالنا..

في الثلاثاء 16 أغسطس-آب 2016 01:43:00 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=78553