الرئيس والتحديات
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
يتصف الحكماء بالتروي.. فالحكيم لا يندفع في تصرفاته ولا يتهور، وإنما يُهدئ اقتناعه الخاص حتى يتبصر ليصل للهدف الذي يريد، في مثل حالنا في اليمن وثورة الربيع اليمني السلمية بصدور عارية، التي واجهت أعتى نظام استبدادي يلعب على التناقضات ويرقص مع الثعابين ويستخدم أقذر الوسائل حينما يشعر بالخطر وبيده جيش وثكنات عسكرية رباها وغرس فيها الولاء له قبل الوطن، يمكن أن يأمرها لتتحول لنار تحرق الأرض ومن عليها، ثورة كان لابد لها من الحكمة والتروي لتصل للهدف، وكانت المبادرة الخليجية رغم ما بها من ثغرات لكنها أوصلتنا لأهم نقطة هي نزع الشرعية عن هذا النظام في 21 فبراير، الذي كان بتذاكي على هذا الشعب حينما قبل برئيس توافقي واشترط نائبه لـ17 عاما عبدربه منصور هادي الوديع المسالم، نظام خانه تذاكيه و وقع في شر أعماله.
عبدربه منصور هادي، كانت له حكمته وحصافته، اتفقنا أو اختلفنا معه، لكنه خيب ضن الاستبداد، واختار أن يكون مع إرادة شعب، كان الرجل الذي قدر أهمية المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقة لإخراج اليمن من براثن الاستبداد والطغيان والفساد، رئيسا توافقيا لا يملك 10% مما يملكونه من قوة عسكرية ونفوذ وسلطة عميقة وقبيلة تحميهم وثروة منهوبة ضخمة ومكينة إعلامية وعصابات ومصالح وشبكة نظام تكونت 33 عام، رجل يحكم في بيئة غير حاضنة له ولمشروعة، بيئة ترفض الحكم من خارج طائفيتها، لكنه استطاع أن يلملم شتات القوى الوطنية الطامحة للتغيير والدولة الضامنة للمواطنة، استطاع اختراق هذه البيئة واخرج منها بذوراً خيرة وسنداً لتغير الواقع، اخرج أخيارا من قاع الطائفية القذرة،جمع المغربي على المشرقي والجنوبي على الشمالي وكل الطوائف والتوجهات في حوار وطني ورشة عمل أخرجت أفضل ما فيهم، من دستور ومخرجات، وكان الحوثيون وصالح غالبية المشاركين، حوار أعاد الثقة للقوى الجديدة من الشباب والمرأة والمهمشين والقوى الناعمة كتاباً ومثقفين ومفكرين وأكاديميين، وكسر حاجز الخوف وعزز مبدأ النقد الذاتي والعام والطرح بحرية وشفافية.
 كل ذلك بدعم مكونات الثورة التي انطلقت وأعطته الثقة وكان عند هذه الثقة رغم الإخفاق والتعثر الذي لا يتحمله وحده بل يتحمله الجميع أحزاب ومكونات سياسية ومدنية واجتماعية ومقاومة هي قوته الحقيقية في تطبيق مخرجات حوار وطني و استكمال تسوية الساحة وإعداد الدستور والقوانين وتفعيلها لضمان انتخابات نزيهة و وطنية، ليقول الشعب كلمته الفصل فيمن يحكمه.
كل هذا الجمع فيهم الصادقون والمؤمنون بالتحول والتغيير، وفيهم المعرقلون والمبيتون شرا بالحوار وقواه الخيرة، كم حاولوا مرارا وتكرار قلب الطاولة والتهديد بالعنف ورفض العدالة الانتقالية على طريق العدالة الاجتماعية، كلها أحداث مدونة والتاريخ لا يرحم، التاريخ يشهد أنه كان يتجنب العنف، وتفكيك عبواته، والابتعاد قدر الممكن من إشعال فتيله من أي طرف كان، كانت حكمة فهمها المستبدون أنها ضعف، حتى تهيأ لهم أن اليمن لقمة سهلة.
وكانت حربهم العبثية ونارها التي أصلتهم قبل غيرهم، وأنهم أمام شعب عصي ورئيس صلب، وأمه عربية تقف مع الحق وترفض الظلم وحكم الطائفة، اليوم إعلامهم يبكي وينوح من جور ما أصابهم، بتركيز غير مسبوق على الأخ الرئيس ووجع شديد من سياساته التي كشفتهم وعرتهم وعرف الشعب والإقليم والعالم حقيقتهم المخزية وفاحت روائحهم النتنة أزكمت الأنوف.  
رئيس رغم ما لدي من ملاحظات، سلبية رافقت إدارته وحكومته، إلا انه رفض أن يكون مطية لمشاريع صغيرة، طائفية ومناطقية، لديه مشروع وطني ومخرجات يصر على أن تكون واقعا، سخّر نفسه لذلك بإصرار عنيد، وكان له الأعداء من أصحاب المشاريع الصغيرة، فإذا بكلفوت مأرب ظهر بعدن، وانقلابي صنعاء لهم أذناب في عدن، يحيكون له المؤامرات يدفعونه للعنف، لكنه بسياسته الحكيمة أحرجهم كشف أقنعتهم، لنعي أن شرعيته مؤسسة فيها كل الأطراف وتقبل كل من يقبل بمشروعها، مضطرة لتفكك كيان الاستبداد وتظم الجميع نحوها، وتستعين بالنفوذ القبلي والسياسي والعقائدي لإنجاح التحول والتغيير لنصل لنقطة تلاقي ترضي الجميع ونظام وقانون ينظم حقوق و وجبات الجميع لما فيه المصالحة العامة والوطن، وقوته يستمدها من الشعب والوقوف لصفه في مشروعه لإخراج الوطن مما هو فيها إن نجحنا نجح وان فشلنا فشل، وللأسف لازال فينا من يتمنى أو يسعى لإفشاله.
بشراكم إن دماء الشهداء لن تذهب سدى، بل تتطهر الأرض بدمائهم الزكية ورحمهم الله وأسكنهم جنات النعيم وإنا لله وإنا إليه راجعون.


في الخميس 23 فبراير-شباط 2017 02:05:35 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79401