عدن في اليوم العالمي للمسرح (والتحديات )
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
نحتاج لخلق حالة وعي في هذه الظلمة المعتمة والتخلف والجهل، نحتاج للتعبير عن الذات بحرية في ظل قيود محكمة نحتاج لوعي قادر على تحطيمها، وعي يخرجنا مما نحن فيه، وأدوات الوعي كثيرة وأرقاها الفن والمسرح الذي يشكل روح الإنسان وإدراكه، كرسالة معززة للقيم والفضائل في النفوس وجمال الروح، باعتباره أداة لانعكاس وبلورة معطيات الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والحضاري، المسرح مرآة تعكس الصورة الحضارية للشعوب، ويقدمها بصيغة جميلة للعالم من ثقافة وارث وتاريخ وعادات وتقاليد، المسرح يشخص الحالة ويسلط الضوء على واقع المجتمع سواء من حيث الاستقرار أو من حيث المعاناة وطرح هذه المعاناة للنقاش والتحليل، ما أمسنا في هذا البلد التعيس لنكتشف أنفسنا وعلاقتنا ببعض، لنترك مختلف أشكال الخصومات ونتحول لشركاء فاعلين بمختلف الإمكانيات والأفكار ليتم إيجاد الحلول الناجعة والمناسبة للتخلص مما نحن فيه، كم نحن بحاجة للترفيه وصقل المواهب.
27 مارس يوم المسرح العالمي، وكيف لعدن أن تنسى هكذا مناسبة وهي وهج الحياة والوعي والثقافة والفنون والمسرح في الجزيرة واليمن كما تشير الوثائق والأبحاث، (عرفت مدينة عدن المسرح منذ العام 1904 حين عرضت فرقة هندية زائرة لعدن عملها المسرحي، وهي في طريقها إلى لندن لتقديم عروضها هناك. جذب العمل المشاهدين، مما حمس شباناً من عدن على تأليـــف عمل مسرحي محلي قدموه في 1910).
 عدن تاريخ عريق في المسرح،و هناك جهود لباحثين كبار وأصحاب الشأن من رجالات وهامات المسرح في تدوين هذا التاريخ، منذ الثلاثينات من القرن المنصرم بدأت النهضة المسرحية في الأندية المختلفة التي كانت تعج بها عدن حينها كنادي (النور لشباب الاخمور)، وبروز مسرح الجيب والمسارح المتنقلة وفرقة المصافي الكوميدية ومنها برز العديد من نجوم المسرح، وكان المسرح في أوجه في السبعينات عندما تم تنظيمه رسميا في إطار المؤسسة العامة للمسرح والفنون، وتأسيس معهد جميل غانم للفنون، وتشكيل فرقة المسرح الوطني، وتجهيز دار المسرح الوطني القائم حينها في منطقة التواهي،كان وكانت عدن منبرا ثقافيا وفنيا وصرحا أنار سماء اليمن والمنطقة بالكثير والكثير من الأعمال و النجوم، حتى حرب صيف 94م الظالمة التي أطفأت هذا الوهج وكل نافذة نور وخير لهذه المدينة المكلومة عدن من حينها إلى اليوم،وحاولوا جعل عدن ظلمة وظلاما، ولم يستسلم رجالات المسرح والفنون والثقافة فيها وشبابها الطموح والمبدع الذي تحدى ويتحدى الصعاب ليعبر ويبدع وينتج أعمال من حين لآخر، هذه العراقة والتاريخ، من يتصور أنها مدينة تفتقد لدار مسرح بمواصفات متواضعة، مدينة تقاوم وتحاول أن تنهض، واستثمر مبدعوها أدوار السينما القديمة التي كانت تكتظ بها عدن لتقديم أعمالهم، ولازالت المؤامرات محاولين إعاقة تطبيع ونهضة عدن إلى يومنا هذا.
طالعتنا صحيفة أكتوبر الغراء- في مقابلة مع المخرج والممثل البديع نجم المسرح العدني من السبعينات قاسم عمر قاسم- وهو يتحدث عن فعاليات مهرجان اليوم العالمي للمسرح، فعالية تكريم وإخراج عمل يحاكي واقعنا اليوم، لإنارة وهج من التفاؤل والخير في هذه الظلمة المعتمة، لمحاولة إنارة العقول وتطهير النفوس وتجاوز آثار الحرب، والجميل في الأمر تجاوب الأخ وزير الثقافة مروان دماج ودعم رئاسة الوزراء، وتعليمات وصرف ميزانية متواضعة لهذه الفعالية، وكل تلك الجهود تصدم بواقع لم يتغير ولم يتحول بعد للمأمول، لازال الماضي يعكر صفو الحاضر، لازالت البيروقراطية الإدارية والمالية تسيطر على واقعنا، واشتباه أن للفساد يد، ميزانية لم ترى النور و مماطلة من المعنيين بالصرف، سلوكيات أشغلت المبدعين عن إبداعهم، واستنزفت الجهود في المتابعة في دهاليز المالية والى لحظة كتابة هذه السطور الميزانية لم تصرف والجهود المبذولة تكاد تذهب في مهب الريح والعمل يكاد يتعثر، وفارق الزمن يلعب دورا في الترتيبات والإبداع والتجهيز، والله يعلم ما في نفوس المعنيين، والكارهين لعدن أن تتطبع فيها الحياة، وتتوهج فيها قناديل تنير ساحاتها لتطرد شياطين العنف والموت لتستدعي الخير والأخيار وتعود عدن وهج ينير طريق المستقبل المنشود كعاصمة التغيير وبناء الدولة وأدواتها ألخيره، ومن يعتقد أن عدن ستستسلم لضغوطاتهم فهو واهم سيستمر أبنائها وأخيارها بجهودهم تجاوز تلك المعوقات والانطلاق لتطبيع الحياة نحو نهضة مأمولة وطموح وأمل منشود ومستقبل وضاء .


في الخميس 23 مارس - آذار 2017 05:40:00 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79607