التطبيع مع الانقلاب
فكرية شحرة
فكرية شحرة
كلما اشتبكت بآراء الناس في الشارع وفي الحافلات كنت في معركة حية تقنصك الدهشة لإصرار الناس على المضي في جهالتهم والتنديد بالعدوان.
إن الالتفاف العجيب على الحقائق التي نعايشها كل يوم من قبل الانقلابيين أمر وارد وأكيد لكن تصديق هذا الالتفاف والتزييف من قبل قطيع كبير من هذا الشعب يقول لنا إن محنتنا ستطول وأننا مازلنا بحاجة لتمحيص وصهر أكثر مما هو حاصل علينا.
وأن هذا الشعب يستحق أن تؤكل حقوقه ويسام صنوف الذل في معيشته فهو مازال ذلك الشعب الذي قال فيه المتنبي :
قومٌ إذا مس النعالُ وجوههم.. شكت النعالُ بأي ذنبٍ تُصفعُ
ما زالت الكثير من العقول ترزح تحت ضلالات وكذب الانقلابيين أن سبب المجاعة التي حلت بنا وما آلت إليه حالنا والحرب التي تطحننا ما هو إلا قوات التحالف بقيادة المملكة وما ضربته من حصار على اليمن. 
شعب لا يجد قوت يومه ومازال يحتشد في الميادين ليهتف بحياة قاتليه هو شعب تستكثر عليه الحياة نفسها. 
إنه الشعب الذي لا يدرك عدوه من صديقه والذي يتلقى بشغف الدواب للبرسيم كل ما يعبئ به رأسه وما زال منه ذلك الذي يغلب مصالحه الحزبية على نفسه فكيف لا يعتلي ظهره أحقر القوم.
شعبٌ تستكثر عليه تعاطفك ورحمتك ودفاعك عن حقوقه مادام يبرر لقاتله فعلته, ويجد في الصبر على الظلم باب لدخول الجنة، مثلما كانت الثورة خروج على ولي النعمة.
التطبيع مع الانقلاب وتصويره كسدٍ في وجه العدوان هي الحرب الفعلية التي يجب مواجهتها بشتى الصور.
إنه القتل الناعم الذي يمارسه منظرو الحوثية وإعلامهم باسم التعايش والرضا بالواقع والحال المفروض وهو أشد فتكا علينا من أسلحتهم وحربهم ما دام هناك من يصغي ويصدق دجل وخرافات ألف عام من خبرة التدجين عن طريق التجويع والتزييف.
نصف عام يمر بلا دخل لنصف هذا الشعب يقول إنه بنصف عقل وبنصف كرامة وبنصف حياة ولا يستحق النصف الآخر.


في الأحد 26 مارس - آذار 2017 11:25:39 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79624