الحقيقة بين واقع مرفوض وواقع مفروض
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
الحقيقة مؤلمة، والبحث عنها نضال في ظل الكم الهائل من الوهم والإشاعات، وكثرة أصحاب التفكير السطحي، الذين لا تهمهم الحقيقة، مصادرهم إشاعات تغذي قناعاتهم، يتركون أنفسهم للوسواس والخناس، لإبليس اللعين يوسوس في صدورهم، يخلقون زوابع من حكاوى التحريض لزرع الألغام والمعوقات في طريق الخروج من النفق المظلم، كثرت إشاعاتهم فصدقوها ويراد منا أن نصدقهم، لنشكل معاً مجتمعا مريضا مرعوبا يحتضر، ليبقى مبرر الفشل قائما، ومبرر الاستبداد قائما وإن اختلفت أدواته، مبرر الوصاية قائم بمختلف غاياته.
واقعنا اليوم السيئ والمسيء، واقع مبني على أسس الماضي وصراعاته، نسى البعض وتناسى التغيير والتحول، وفتح صفحة جديدة مبنية على الحقائق الدامغة والقانون والنظام، واقع يعكس النكسة التي بلينا بها، حجم الإصابة التي أصابتنا، واقع يؤسس قواعده على الأحقاد والضغائن، ويبني عروشه بعيداً عن الدولة ومؤسساتها، وعن المبادئ والقيم الإنسانية، واقع أسهل ما فيه هو التبرير، وحكايات أوجاع والآم الناس واستثمارها لأغراض دنية، واقع يبتعد عن الحق ويمارس فيه الباطل إن الباطل كان زهوقاً.
مهددين ومعرضين للموت من الرصاص الطائش أو الراجع، كالذي وصل لتوه من المهجر وأفرغ مخزناً من الرصاص تحية لوصوله، وراجعها تصيب من تصيب لا يهتم لمثل كذا حقيقة يعيش وهم التحية بإطلاق النار في الهواء، وكالسمسار في سوق بيع السلاح في الشيخ عثمان الذي يهدد حياة الناس في اشتباكات يومية وخلفت عدداً من الضحايا، ونبتعد عن حقيقة العيون الساهرة التي يجب أن تحمي عدن وساكنيها من مثل هؤلاء، عن الأمن والأمان والمسئولية الوطنية والإنسانية التي يحملها رجل الشرطة وأجهزة الأمن، وتفعيل أقسام الشرط والنيابة والقضاء، وتحكيم العقل لتطبيع الحياة وتستعيد الناس أمنها وأمانها، وأن نحدد المسئولية بدقة ونوجه صحيفة الاتهام للفشل والإخفاق، بعيداً عن الإشاعات والتحريض ضد البسطاء بمنطق مناطقي عفن، يعفن الواقع ويشوه القضية.
ما أكثر الأطقم والحراسات المشددة لحماية الأفراد، وغيابها في حماية المدينة وساكنيها، في حماية المصالح العامة والأسواق والمتنزهات.  
الحقيقة هي فقدان الأمن والأمان، سهل الاختراق، وممارسة المجرمين لهويتهم، ونبحث في هذا الركام عن أضحية، لنبرر للفشل، بأسلوب رخيص، ضحاياه بشر وناس بسطاء لا حول لهم ولا قوة، غير أنهم ينتمون لمنطقة أو طائفة، لا تروق للطائفيين والمناطقيين، سلوكاً يجر البلد إلى ما لا يحمد عقباه، ويزيد من التنافر لمزيد من الصراع المدمر.   
ليس من الصعب أن تعثر على الحقيقة، لكننا بين فكين مستبد، انشطر لنصفين، نصف يقتلنا لأننا رفضناه، والنصف الآخر أخفق في حمايتنا واستلذ إغراءات السلطة، لكي يستمر يبقينا في خوف من عدو قادم من خلف أسوار الوهم، خوفاً أن نعرف حقيقته فنرفضه.


في الأحد 02 إبريل-نيسان 2017 03:59:52 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79673