حكومة سفري!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن
السلطة الشرعية - رئاسة وحكومة - إذا ما ظلت على منوال الفترة المنصرمة فبكل تأكيد البلاد ماضية من سيء إلى أسوأ، فلا هي بقادرة على تحرير محافظات الشمال أو أنها ستنجح في بسط سلطاتها ونفوذها في محافظات الجنوب.
نعم، إنه لشيء محير ومخيف، فبعد عامين كاملين على تحرير العاصمة المؤقتة للبلاد "عدن" مازالت الرئاسة والحكومة غير مستقرتين في عدن، ما خلق وأوجد حالة عجيبة غريبة ليس لها شبه أومثال في التاريخ.
البعض يبرر هذا الإخفاق الصارخ بأنه نتاج لمحاصرة السلطة الشرعية وإجبارها على مزاولة نشاطها في مساحة ضيقة لا تتعدى " قصر المعاشيق".
والصحيح هو أن السلطة الشرعية هي من وضعت قيوداً على حركتها، وهي من شيدت موانع عزلتها عن السكان المحليين الذين كان يحدوهم الأمل بالتغيير المضطرد والإيجابي ولمجمل الأوضاع الحياتية.
للأسف، لا الرئاسة كان أدائها جيدا ومقنعا للمواطن البسيط، أو أن الحكومة نجحت في تبديل تلك الصورة القاتمة المشوهة.
 فالسكان في عدن وجوارها كانوا يأملون من وجود السلطة الشرعية في عدن بحل ومعالجة كثير من المشكلات المؤرقة لهم، وعلى رأسها بالطبع الكهرباء والمياه والأمن والمرتبات ودمج شباب المقاومة بالجيش والأمن.
عادت الرئاسة والحكومة مرات عدة إلى عدن، وفي كل مرة تأتي وتغادر هذه السلطات إلى الرياض، يكون ذلك من فاتورة مصداقيتها المهدرة ومن حساب نفوذها وسيطرتها الآخذين رويدا رويدا بالانحسار والتلاشي.
ما حدث خلال الأسابيع الماضية شيئا متوقعا وأعده نتيجة طبيعية لترك المحافظات الجنوبية تمور في مشكلاتها القديمة الجديدة، وبلا ضابط أو منهج أو جهات مسؤولة يمكنها التحكم والسيطرة على الوضعية التي هي في المحصلة نتيجة لمسببات عدة تراكمت على مدى أكثر من عقدين من الزمن.
الحقيقة أن الواقع الجديد يلزمه أشياء كاثرة، لكنني أتحدث هنا عن رئاسة انتقالية أخفقت في أن تقدم ذاتها للجنوبيين بكونها مختلفة كلياً عن النظام العائلي الفاسد. والحال ينطبق على محافظات الشمال التي مازالت محلك سر.
كان لضعف الحكومة وطريقة تعاطيها مع مختلف الأوضاع السياسية والوطنية والعسكرية والثورية بمثابة نكسة إن لم نقل محنة إضافية ساهمت وبشكل كبير في حالة الاحتقان السائدة في المحافظات المحررة.
فهل هنالك ثمة عاقل يمكنه قبول حكومة ضخمة أكبر من حكومات الصين وروسيا والهند وأميركا وفوق ذلك هي حكومة فنادق وسفريات دائمة وجل هم وزرائها بدلات وحوافز ومكرمات وعطايا الأشقاء والأصدقاء.
أصدقكم أنني كنت أنتظر- ومنذ عامين كاملين- كي تقوم الرئاسة بتصويب المسألة، فليس من المنطق أو المقبول أن يكون البلد في حرب وأزمات حادة اقتصادية وإنسانية ووجودية، ومع ذلك لدينا أكبر حكومة على ظهر البسيطة.
وفوق هذا وذاك هذه الحكومة بلا وطن وبلا وزارات وبلا موارد وبلا جيش حقيقي وبلا سفارات وبلا غاية واضحة وبلا كرامة أيضاً.


في الثلاثاء 30 مايو 2017 03:57:21 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79995