عدن وقتال المصالح
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
بندر عدن هكذا سميت كمدينة للتعايش والسلام والحب والتسامح،أيقونة الحياة، وعاء يحتوي كل التنوع الثقافي والسياسي والديني، تعايش فيها الأعراق والثقافات والمذاهب والمعتقدات، من لا يفهم هذه الإيقونة يتحول لمشكلة لعدن وأهلها وما أكثر المشاكل التي تواجه عدن وتعكر صفوها .
اليوم هي مدينة محتقنة، مهددون مرعوبون فيها، قنبلة معدة للانفجار، ساحة للمواجهات والاشتباكات والتراشق بالرصاص والمتفجرات بين كتائب فلان وجماعة زعطان، والضحية أنا ومثلي من مواطني هذه المدينة المكلومة، ضحايا اصطفاف وتكتل لجماعات متناحرة، اصطفافها ما لم يكن مناطقياً في تجنيد بعض الوحدات كان طائفياً أو جهوياً أو سلالياً، إنها الحقيقة المرة والسم الزعاف الذي حقن فينا طويلا، ونرى آثاره في جسد بلدنا المتهالك، إنها المصيدة التي اصطادونا بها، ليعيشوا متسيدين، فلازلنا فيها مأسورين، نفتقد للوعي القادر على التحرر منها .
هل نسكت وندفن رؤوسنا في الرمال، لنرضي أطراف خوفا من إحساسهم والمساس بمصالحهم، أم نطرق جرس الإنذار قبل الاستفحال، والأحرى بمراكز البحوث و الجامعة أكاديميين مثقفين وكتاب أدباء ومنظمات مجتمع مدني، أن تستشعر المهمة الوطنية، لدراسة وتقييم الواقع ثم تقويمه لوضع الحلول والمخارج والمقترحات، إنها نار الفتن تشب من تحت الرماد حينها لا تنفع الكلمة والرأي، عندما يتفوق العنف والسلاح على كل شي لفرض أمر واقع لا يرضي الجميع .
ما ذنبي أنا ابن عدن الذي خلق وتربى وعاش وسيموت فيها، لا قبيلة لي ولا عشيرة لي غير عدن، ملجأ ومخبأ عدن، حزني وفرحتي عدن، عيدي ورمضاني عدن، إن كانت سعيدة، أسعدت حياتي، وإن كانت تعيسة، أتعست حياتي، أن كانت آمنة، تؤمن حياتي، وإن كانت مهددة تهدد حياتي، لا يوجد لدي بديل، كالبعض يهربون وقت الشدائد من عدن ويأتونها متصلبين متعصبين لمناطقهم، والنتيجة ما حدث ويحدث في عدن منذ يناير المشئوم والذي لازال شبحاً يهددنا إلى ليوم في عدن .
ليلة أمس أسوأ لي في حياتنا في عدن، أرهبنا، احتمى بعضنا تحت السرير وفي بيت الدرج وتحت الطاولات والبدرومات إن وجدت، البعض إغماء عليه، وآخر أصيب بوعكة وصفار، كل ذلك ولدينا جماعات تحمل السلاح الخفيف والثقيل وتلبس زياً عسكرياً، لم نعد نعلم تمثل من ؟، الدولة التي حلمنا بها وقاتل أبنائنا من أجلها؟!، أم كل له دولته وأجنداته يأتمر بأمر أسيادة، أين المقاومة الجنوبية واندماجها بالجيش الوطني الجنوبي و وحدة الصف والمصير، هل هي شعارات كغيرها من الشعارات التي تغنى بها المستبد والطاغية والديكتاتور، لا يوجد قانون يحكم العلاقات وينظم المسئوليات والمهام والمهمات، أو كل يستلم أوامر ليقتل أخاه وابن جلدته لأن القدر وضعه في مهمة حراسة يعتقد أنه في حماية الدولة، مطززين بالبشر والحجر والسلم الاجتماعي وحياة الناس في العيش الكريم والأمن والأمان .
إن كان هناك خطأ، فردود أفعال خاطئة تعمق من ذلك الخطأ، هل هؤلاء يخضعون لنظام وقانون وسلطة مركزية ودولة يتشدقون بها، ولو كان ذلك لما حدث ما حدث ولن يحدث أكثر مما حدث، لكن سنظل نخوض في مضمار من الأخطاء وردود أفعال خاطئة في الحق العام والوطن، خطأ تبدد أحلام وطموحات العامة تقيد حريتهم وأملهم في العيش الكريم والمواطنة، صراعات أبنائنا وقودها وضحاياها .
اللهم جنب عدن والجنوب والوطن شرهم وشرورهم وعنجهيتهم وتعصبه الأعمى، وارحم عبادك الآمنين منهم يا أرحم الراحمين.


في الجمعة 04 أغسطس-آب 2017 03:48:47 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80256