استبداد الماضي والحاضر
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
"فرق تسد" سياسة استعمارية خبيثة، هي نفس سياسة المستبد (المستعمر الداخلي) كوسيلة للبقاء أكبر فترة ممكنة في الحكم.
الاستبداد هو صنم وطاغية صنعناه بأيدينا، يأخذه الغرور فيحتمي بالمليشيات، يهوى المنصات والخطابات، والتصفيق والهتافات، يخطب بلساننا ويدعي أنه يمثلنا، أصم لا يستمع للرأي الآخر، ولا يتقبله، يسير في مشروعه الاستبدادي، مستنداً على ما يمتلكه من قوة ومال دون أن يلتفت لأصوات شركائه، الذي يعتبرهم مؤامرة تتربص به، الاستبداد فكر عنيد شعاره أنا أو الطوفان، يتصرف بمشيئة القوم خارج القيم الوطنية والإنسانية، غايته تبرر وسيلته، يمكن أن يرتكب أصناف الانتهاكات ليتربع هرم السلطة بلون واحد هو لون الدم.
يتشكل الاستبداد في الفوضى ويقتنص الفرص ليمتطي مشروع أحلام وطموحات البسطاء، يزعزع العقيدة كي يختل الوعي وتضطرب الأفكار وتنعدم الرؤية الواضحة، يبث في خطابه غازاته النتنة المتطايرة المتشنجة للأعصاب والمجمدة للخلايا والإحساس والإدراك، القاتلة للأفكار، الرافضة لأدوات البناء السياسي السليم، يختار أدواته بعناية بخطاب تحريضي وتحشيدي، يبيع الوهم، ويشيطن المختلفين معه، يتحالف مع الرجيم من أدوات الماضي اللعين.
الاستبداد هو واقع مشحون وثقافة إلغاء وتهميش، هو خطاب تهديد ووعيد واتهام وتكفير، هو زرع التعصب في نفوس الضعفاء، والكراهية بين الناس وتمزيق النسيج الوطني والاجتماعي، كل هذه أساليب خبيثة للمستبد الديني والسياسي، ليشق طريقه السلطوي، هي واقع اليوم ورداءة الأمس.
الشعب اليمني أكثر الشعوب اكتوى بالاستبداد، لم يعاني شعبا كما عانى الشعب اليمني من دواعي ومخلفات الاستبداد، الذي قوض كل مشاريعه الوطنية وشوهها، شرخ المجتمع واللحمة الوطنية،عوق العقول وافرغ الإنسان من كل قيمة ومبدئه النبيلة والسامية، أنتج فقدان الثقة بالقوى المثقفة الناعمة والعقول النيرة، قدمها بصورة هزيلة ومشوهة، حول الوحدة لكابوس، والديمقراطية لمهزلة، والأحزاب السياسية لمطية ومظلة، والوطن طائفة أو منطقة والمسئولية وسيلة للنهب والتسلط والظلم والتعسف والانتهاك، والنزاهة ضعف والفساد بطولة.
ماذا ترى اليوم؟ مستبداً يخرج من أوساطنا، تلاحظ خطاه على هدى المستبد الذي شوهه أفكاره وقناعات، فأصابه بدائه، وانبثق مستفيدا من الفراغ الثقافي واختلال الوعي الذي خلفه ذلك المستبد، مرسخا كل تلك الممارسات والقيم الاستبدادية، الرافضة للتعددية، والديمقراطية، وقبول الآخر، والاستماع للصوت المخالف والرأي المختلف، لا يطيق التوافق والاتفاق والإجماع والشراكة.
ضمان الخلاص من الاستبداد في مخرجات الحوار و وثيقة الدستور والنظام والقانون، ولنفس السبب يجمع على رفضها كل المستبدين وقواهم العفنة من فاسدين وإرهابيين وبلاطجة وتلاميذهم، يرفضون أرادة الشعب في الاقتراع والتبادل السلمي للسلطة، ويروجون لبدائل مشوهة.
 (العسكري بليد للأذى فطن *** كأن إبليس للطغيان رباه) تلك حقيقة النظام العسكري كان انقلابا أو في ثورة شعبية خاصة إن كان نتاج مجتمع قبلي بدوي متخلف كم سنوات نحتاج ليقتنع أن السلطة تبادل سلمي، وإنها ليست غنيمة حرب بل هي مسئولية امة و وطن.


في الإثنين 23 أكتوبر-تشرين الأول 2017 06:53:09 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80618