لإصلاح الحال
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
وصلت المعاناة في المناطق المحررة فوق مستوى الاحتمال، ما يجري اليوم لا علاقة له بالسياسة، بل ترمى السياسة وأدواتها خارج الملعب، وتتصدر المشهد أدوات المدياسة، زوابع من المماحكة والمناكفة،عطلت مجرى الحياة الطبيعية، لتصنع فوضى تسببت في معاناة وأجاع للناس، الناس تبحث عن لقمة العيش و كرامة و حياة كسائر خلق الله على هذه الأرض، وفي ابسطها كحقوق الحيوان في بلد يعرف الإنسانية لكل كائن حي يرزق، يعرف أهمية الحشرة في التوازن البيئي للكون، ونحن لم ندرك أهمية التوازن الفكري والسياسي والثقافي، السؤال المهم اليوم متى يصلح حال هذا البلد ؟
لن يصلح حال هذا البلد دون وعي مؤمن بالإصلاح الحقيقي، عندما نبتعد عن المزايدة على بعضنا البعض، ويعلم المزايدون انه مثل ما تدين تدان، وليس في مقدورهم إصلاح الحال دون الشراكة والتعاون المشترك، والاعتراف الضمني بوطن يستوعب الجميع، وعلى الجميع أن يشدوا سواعدهم للبناء كلا في مجال تخصصه، وان للسياسة سياسيين، وللهندسة مهندسين، وللطب أطباء، وللأرض مزارعين ولكل عمل عمال متخصصين، وللحماية جنود مؤهلين مسئوليتهم حماية النظام والقانون وتطبيقه على الكبير قبل الصغير، وتنفيذ أحكام عادلة لقضاء مستقل يخجل أن يمارس الفساد والابتزاز في مجتمع ثقافته عالية ترفض هكذا سلوك وتمقته وتبصق في وجه كل من يمارسه.
لن يصلح الحال دون أن يعلم المخربون في الوطن أنهم أعجز ما يكونوا قادرين على تخريب وطن والوقوف في وجه حلم شعب وطموح أمه لإعاقة عجلة التغيير والتحول لنكون أمه كسائر الأمم لنلحق بتطورات العصر.
ليعلم الكل أن محاربة الفساد والإرهاب، ليست استثمارا سياسيا، لا تأتي بإثارة الفوضى والصراخ والعويل والشتم والاتهام جزافا والمناكفة والسجال المثير للاشمئزاز، وخلط الأوراق والشعارات والهتافات، هي هدف عام وفكر تنويري وثقافة راقية وعلم وتعليم وفن ومسرح ومجتمع مزدهر ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا، لن يتمكن وطن من النهوض والكل يتجاذبه نحو مشروعه، ويدعي انه صاحب الحق وانه هو مالك الحل والبقية هم المشكلة.
الأوطان تبنى بمؤسساتها تحت راية دولة واحدة وعادلة وضامنة للمواطنة والحريات، الديمقراطية هي مبدئها وثقافة عامة، والحقائق متاحة في أجواء صحية لا يستطيع فيها الكذب أن يدس في جرع وطنية، ولا يستطيع المنافقون الاستمرار في نفاقهم ترفضهم ثقافة المجتمع وسلوكه.
اليوم ينتابني إحساس وأتمنى أن أكون صادقا في إحساسي، أن شدة المعاناة هي القادرة على إيجاد المخرج والخلاص، وان الوعي تولد من رحم تلك المعاناة، وصعب اليوم الضحك على هكذا الشعب مرت على رؤوسه مصائب، خمسون عاما من الفشل والخذلان والتجارب الفاشلة.
الاهتمام القائم اليوم بإصلاح كيان الشرعية والدفع بها لتكون هي رأس السلطة الفعلية والمسئولة أمام الله والناس والمجتمع الدولي والإقليم في الخروج من هذا النفق، والشرعية التي يجب أن ترمم مؤسساتها وتصلح الأضرار التي لحقت بها في زمن الصراع الذي أعاق مسيرتها وتعيد حساباتها في تفعيل المكونات السياسية لواقع اليوم على أساس الشراكة السياسية للجميع بكل أطيافهم وألوانهم وأيدلوجياتهم، وتفعيل المجتمع المدني، والتخلص التدريجي من عسكرة واقع المؤسسات والخدمات والحياة العامة الاقتصادية والاجتماعية، لتقتصر العسكرة على الحماية والدفاع والمقاومة في الجبهات تحت راية هذه الشرعية بجيش وطني ولاؤه لله ثم الوطن.
تفعيل المؤسسات الخدمية والاقتصادية لتحسين الإيراد ليصب في خزانة الدولة، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية والمحاسبة والقضاء والنيابة، لتبدأ الدولة تحاسب وتعاقب كل من تسول له نفسه في العبث بالمال العام والواقع العام وفق النظام والقانون بعيدا عن المناكفة السياسية والمهاترات التي ضاع في زوابعها الحق والمستحق.
لنبني وطناً ومؤسسات ونصلح الساحة السياسية لانتخابات واستفتاء شعبي هو صاحب الحق في تقرير المصير بعيداً عن الحشد والحشد المضاد ومزيدا من تمزيق الحال والمجتمع وتوسيع الشروخ الوطنية والاجتماعي وسماع أصوات الجهلة والمتخلفين لبث سموم الفرقة والطائفية والمناطقية وتجريف الساحة السياسية من أدوات تنميتها بغباء منقطع النظير، وربنا يوفق الجميع لما فيه خير الصالح العام والوطن والأمة.


في الثلاثاء 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 04:40:57 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80735