كفى عبثاً بعدن
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
أنهكنا وأنهك الوطن، أنهكت عدن والجنوب، بآلة التدمير المتاحة بالفوضى المصطنعة، العبث بكل شيء بالقيم والأخلاق، بالبنية والتاريخ، بالهوية والحضارة.
نعيش اليوم في انفلات أمني خطير، برغم عسكرة المدينة، وشوارعها تكتظ بالأطقم والنقاط والمعسكرات المتنقلة في الإحياء، كل ذلك غير نافع لا يصب في تعزيز الأمن والحفاظ على السلم الاجتماعي وتامين المواطن، بل في حراسات شخصيات ومشايخ وأعيان وقادة وأصنام، في شارعنا استأجر قائد عسكري وعكر صفو حياتنا، زرت صديق في إنماء و وجدت معسكراً من الجنود يحرسون شيخ قبلي بمعدلاتهم يسرحون ويمرحون في الشارع، يأكلون ويتبولون في الشارع، حتى الصلاة في المسجد بأسلحتهم، مشاهد عسكرة عدن.
هذه العسكرة وعدن تعيش انفلاتً أمنيا خطيرا، البسط على المتنفسات والأراضي، تدمير معالم وتاريخ عدن، تجريف المجتمع من هويته وتنوعه وألوانه الزاهية، طمس تاريخ وحضارة أمة، بقلع معالمها التاريخية وشواهدها الحضارية، كجريمة تهديم مفتاح عدن التاريخي في العقبة.
كل هذه العسكرة وتجارة المخدرات منتشرة تعبث بعقول ونفوس الشباب، والاغتيالات لازالت تهدد أخيار عدن، عسكرة تهدد السلم الاجتماعي، حيث أي اشتباك مقصود أو غير مقصود، بين تلك القوات المتعددة الولاء، التي لا نعلم تخضع لمن، وهل هي قوة أمنية أو مليشيات أو عصابات مستأجرة كحراسات لحماية مصالح خيراً أو شراً.
مهدد السلم الاجتماعي والمواطن المرعوب بانتشار اللصوص في الشارع العام، حيث صارت الدراجة النارية مصدر تهديد في اختطاف الحقائب أو التلفونات وما يحمله المواطن من أغراض، سرقة ببجاحة وعيني عينك أمام المارة، والدباب الذي ينقل الركاب ويسرقهم بل يجردهم من كل ما يملكون ويرميهم على الشارع، الناس تشكوا وتستغيث، فهل من مغيث.
لا مجال لنا للخلاص من واقعنا المدمر اليوم لما تبقى من حياة واستقرار في عدن بغير دولة، ومؤسساتها الأمنية والعسكرية تحت سلطة هذه الدولة التي نخاطبها ونحاسبها وننتقدها ونحملها المسئولية، لا نريد أي تشكيلات تحت أي مسميات خارج إطار الدولة، دولة قادرين إصلاح إعوجاجها ومخاطبتها، لنخلص من الفوضى المصطنعة وتستغل اليوم، لخلط الأوراق، وبث الإشاعات، وعدم تحديد المسئولية المباشرة كل يرمي بلاه على الآخر، والضحية عدن، حيث المجال مفتوح لحمل السلاح لمن هب ودب، وحراسات في الشارع العام بل تقفل بعض الشوارع في وجه ساكنيها بحجة حماية أفراد وقاده ومسئولين والشعب دون حماية، بحماية أرحم الراحمين،صورة مكرره من الماضي السيئ.
الحماقة تدفع بأصحابها للانتحار، ينحرون هويتهم، ويصنعون بدلا عنها أصناماً يعبدون، وإذا بهم لأجندات خارج الوطنية مرتهنون، فإذا بالسيادة يفرطون، بالجرم العام مشتركون، وانهيار البلد سياسيا وثقافيا وأخلاقيا مساهمون، لتتحول القضية لعقدة والرداءة لعقيدة، وتنوع الولاء وتشتت الجهود، وتعم الفوضى ويسرح ويمرح الخارجين عن القانون والأنذال يعكرون صفوا الحياة، والأبطال والشجعان في الجبهات يسطرون أروع صور التضحيات والانتصارات، لنستعيد وطناً يستوعب أبناءه بكل مشاربهم وألوانهم وتوجهاتهم، لا يحكمه الفاشلون والفاقدون للإرادة والوطنية، وينحرون الدولة بمؤسساتها، ليفرطوا بالسيادة والكرامة ليتحولوا لأدوات تديرها رؤوس أموال وأجندات خارجية.
كل الإجراءات التي تمت وتتم اليوم في إطار هذه الفوضى باطلة، حتى تستقيم الدولة هي الكفيل في التصريحات والمعاهدات والاتفاقيات، كل القواعد العسكرية والمناطق التي يستحوذ عليها من يعتقد أنه يفرض أمرا واقعا، وهو ينتحر في بلد عرف عنه على مر التاريخ أنه مقبرة للغزاة، فلا تستفزوا شعباً مقهوراً ومكلوماً، يشكركم على مساعدته، واحذروا من غضبه والسخرية به، فعلموا هذا الجيل أن سيادة وطنه خط أحمر، وأن يحب الوطن بالكبد لا بمدونات السلوك القانوني وقرارات مجلس الأمن والبند السابع في التفكير الرخو لسادتكم، والله على ما قول شهيد.


في السبت 06 يناير-كانون الثاني 2018 01:28:54 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80910