قوم صالح والتغريد بعيداً !!
محمد علي محسن
محمد علي محسن
غاية أحمد وطارق والقوسي وسواهم من الأقارب والأتباع، هي العودة إلى صنعاء، العاصمة التي لا يتخيلونها من دون سيطرتهم ونفوذهم، فمن يسيطر على صنعاء بمتناوله حكم اليمن، وهؤلاء طامحون في استعادة ما يظنوه حقاً وملكاً لهم، ومن يعتقد أنهم سيحاربون الميليشيات الحوثية المنقلبة على السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي وحكومته، أظنه يعيش وهماً كبيراً، أو أنه غبي وساذج لا يفقه شيئاً من تعقيدات الحالة اليمنية .
تعويل الحكومة المبالغ فيه، على الجنرالين أحمد وطارق، أعده كمن يزرع الريح فيحصد العاصفة، وينطبق الأمر أيضا على إعلام دول التحالف، ففي الحالتين سمعنا جعجعة صاخبة مزعجة دونما نرى طحيناً في واقع المواجهة السياسية أو العسكرية .
فبرغم هول ما حدث، مازال أقارب وأتباع صالح مغردون خارج سرب السلطة الشرعية، بل وأكثر من ذلك، أجدهم أقرب لقوى لانقلاب في صنعاء من المقاومة والجيش الوطني، المحسوبين على السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي وحكومته .
دعونا، نسمي الأمور بمسمياتها، بدلاً من تزييف الحقائق، فبحسب علمي أنه وحتى اللحظة الراهنة لم يصدر من هؤلاء الذين أغدقت عليهم الحكومة وأعلامها ببيانات الترحيب والإشادة، ما يوحي أو يؤكد بأنهم مع السلطة الشرعية وضد الانقلاب الغاشم، فجل تصرفاتهم، لا تشي بغير أنهم ماضون في استعادة سلطانهم المفقود، وفي هذه الحالة يصير الرئيس هادي وحكومته ليس إلا سلطة مغتصبة وسالبة لما يظنوه حقاً وملكاً لهم .
مأساة هذه البلاد الحقيقية في غلبة العاطفة على العقل، فاغتيال الحوثيين لحليفهم صالح، مطلع الشهر المنصرم، أفقدنا القدرة على التركيز والسيطرة على عاطفتنا الجياشة حيال ما حدث، فلا أحد منا تذكر مثلاً: كيف أن الرئيس الأسبق ظل متمسكاً بموقفه الرافض للسلطة الشرعية وللدولة الفيدرالية وللمقاومة والجيش الوطني؟ فمن وجهة نظره هذه المسميات بلا مشروعية تضاهي مشروعية مجلس يحيى الراعي .
وهو يعلن تمرده المزعوم على حلفائه الانقلابيين، ظل مراوغاً ومخاتلاً ومخادعاً، لا أذكر أنه تحدث بشيء جديد يستحق كل هذه الحفاوة، فعلى العكس بقي على عناده وغروره وهوسه بالسلطة ودونما يصدر منه موقف مشرف منحاز لليمنيين الذين خذلهم وضللهم وسرق منهم أحلامهم وآمالهم طوال حكمه الذي دام عقودا نيفت الأربعة .
شخصياً، لا أعول على أقارب وأتباع صالح، فهم في المحصلة جزءاً من تركة ثقيلة، أنهم لا يختلفون عن سيف الإسلام القذافي وجمال مبارك والعدلي وليلى الطرابلسي، فجميع هؤلاء حكموا واستبدوا وعبثوا، وكل هؤلاء قمعوا وقتلوا وحاربوا وعادوا ثورة ما سمي بالربيع العربي، فهل من العقل والمنطق أن يكونون حملة لراية التحرير وإقامة الدولة الحديثة بمضامينها العادلة؟.
دعكم من العاطفة التي أخذتنا زمناً بعيداً عن الدولة الوطنية الجامعة لكل مواطنيها ودونما تمايز أو احتقار أو اضطهاد أو إقصاء، لنتحدث بشفافية ولنسأل : هل أقارب وأتباع صالح أعلنوا انحيازهم للسلطة الشرعية وللدولة الاتحادية الفيدرالية ولمضامين مؤتمر الحوار الوطني؟ إذا كانت الإجابة: لا، فعلام كل هذه الحفاوة؟.
المصيبة أن هنالك من تجاوز مسألة دعوة قوم صالح بالانضمام إلى تحالف قوى الشرعية، إذ سمعنا البعض يطلب من الحكومة الشرعية بالتحرك دبلوماسياً ولأجل رفع العقوبات على الجنرال أحمد،ودونما اعتبار أن الشخص هنا من القيادات العسكرية المتسببة في كارثة الحرب القائمة، وكذا من ضمن أسماء قليلة صدرت بحقها عقوبة دولية ومن أعلى هيئة أممية "مجلس الأمن"، ما يعني أن الحكومة اليمنية تمد يدها لقائد متمرد على السلطة الشرعية .
لا أعتقد أن المسألة شخصية أو لها صلة بتحالفات الضرورة، فعلى العكس من ذلك، إذ مطالبة أو تحالف من هذا القبيل يمكنه نسف القرار الدولي 2216 وإفراغه من مضامينه القانونية، وإنني أعجب كيف ستطلب السلطة الشرعية عودة قائد متمرد صدر بحقه عقوبة دولية وفي قرار دولي تعتبره السلطة الشرعية وأحد من أهم وابرز ثلاث مرجعيات لحل الأزمة ووقف الحرب في البلاد .
ربما عد البعض موقفي هذا رفضاً لكل أشكال التسامح والتصالح مع أقارب وأتباع صالح، والحق أنني لست ضد فكرة التسامي فوق الآم وأوجاع وضغائن الأمس وأياً كان نوعها، لكنني هنا فقط ارفض كل محاولات الاستغفال أو الاستهبال أو التضليل، فالدولة اليمنية الحديثة ماضية ولن يوقفها احمد أو يحيى أو المؤتمر أو الحوثي أو أياً كان ..


في الثلاثاء 16 يناير-كانون الثاني 2018 05:04:21 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80955