جمهورية الإنسان 2
حسين الصوفي
حسين الصوفي


بعد نشر مقالي السابق قبل يومين جمهورية الإنسان (1)؛ كانت جثة المختطف #عمر_الريامي تنشر الفجيعة على شكل حروف متوجعة في صفحة المحامي القدير الاستاذ عبد الرحمن برمان، وكنت قد تساءلت: كيف ستبرر الحكومة لنفسها هذا الصمت تجاه ما يقارب من قتل مائتي ضحية حتى الان، هناك ضحايا قتلوا ولم نعرف عنهم شيئاً ولم تبلغ اسرهم الجهات الحكومية والاعلام، ولدى الزميل/ ابراهيم الجحدبي رواية شهد عليها لمقتل ضحية من أبناء شبوه في سجن الشمالية بذمار! ولدى الخارجين من السجون حكايات يجب أن تروى للأجيال.
مائة وخمسون ضحية قتلوا تحت التعذيب وربما يزيدون، هذا أمر جلل ويستنهض كل مؤسساتنا الرسمية والمجتمعية لاعادة ترتيب الاولويات؛ نحن في ظرف بالغ التعقيدات ندرك ذلك، ولكل وزير في الحكومة ما يكفيه من القضايا كما هي للمجتمع، لكن تبقى قضية المختطفين أهم القضايا وفاتحة النضال وأم الحلول وبوابة النصر.
المليشيا الارهابية الايرانية تعبث بالمختطفين وتعذبهم بوحشية وترتكب أخطر الجرائم في غياهب السجون، والمختطفون هم خط الدفاع الأول عن كرامتنا وعن هوية اليمن الحقيقي وهم روح الجمهورية وقلبها النابض، يتحدث بعض المفرج عنهم اليك فلا تكاد تجد فرقا بينه وبين الزبيري والسنيدار والثلايا وقادة النضال في الحقبة الاولى لتأسيس الجمهورية الأم من رواد ثورتي سبتمبر وأكتوبر، تشابهت الوجوه والاوجاع، وتطابقت الأهداف وطبيعة المعركة، معركة إمامة كهنوتية تنتقم من جمهوريين أحرار، مقابل عزيمة لا تلين وأنين يردده الجمهوريون سرا وجهرا يسحق حلم "الإئمة الجدد" كلما لفظ مختطف أنفاسه وصعدت روحه الشامخة إلى بارئها في صبر وجلد وصمود اسطوري لا مثيل له!
كتب لي المفكر الكبير والاستاذ القدير/ جمال أنعم، عن الذين يقتلون تحت التعذيب وقال لي "لك أن تتأمل ألف مرة أن من يقتل تحت التعذيب ليس سوى بطل من نوع خاص، لقد بلغ من الشجاعة أن يفدي وطنه بروحه دون أن يقبل الخنوع لهذه العصابة" وقريبا من ذلك قال.
المختطفون هم السور الحصين الذي يحمي وطننا، هم سياج الجمهورية وروحها ونبضها الصامد، والجميع يدرك أن التضحيات العظيمة يجب أن تقابل بوفاء موازي لها، ويجب أن تكون قضية المختطفين البوصلة لتحرير الوطن وهزيمة الانقلاب.
بإمكان الحكومة أن تبرق للمبعوث الأممي بعدم رغبتها في فتح أي نقاش أو تبادل أي افكار ما لم يتم الحديث عن آلية عاجلة لإنقاذ المختطفين، بإمكانهم الضغط بقوة على ذلك، باعتبار الامم المتحدة تدعي أنها راعية القانون الانساني الدولي وحامية حقوق الانسان!
مليشيا الحوثي تقتل المختطفين تحت التعذيب وترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية والامم المتحدة معنية بالدفاع عن الضحايا ومحاسبة المجرمين، بإمكان الحكومة تذكير غريفث بهذه المسؤولية التي تفضح نفاقهم وتباكيهم على قضايا إنسانية ليست أبشع ولا أشد مرضا وجوعا من القتل تحت التعذيب!
هي مليشيات قذرة نعم، لكنها تمول من لاعبين دوليين، وهناك أطراف تورطت في ارتكاب جرائم تعذيب في السجون، واشتراك محققين أمريكان في التعذيب سجون صنعاء غير مستبعد كما شاركوا في سجون عدن، كل شيء وارد، والطائرات المسيرة لا تتحرك هذه المسافات الا بأقمار صناعية عسكرية تمتلكها دول أكبر من إيران حتى! فلا حضور لحجة أنها مليشيات! هم مقاولي حرب مجرد أداة والحكومة تعرف من يستخدمهم ومن يخدمون ولصالح من يعملون!
آن الأوان لتقوم الحكومة بالضغط على المبعوث الاممي بضرورة القيام بواجبه تجاه ملف المختطفين..
آن الأوان لتحريك السلك الدبلوماسي الكبير لإنقاذ القضية الوطنية برمتها، فقضية المختطفين الضامن الحقيقي وصمام أمان انجاز انتصار بحجم التضحيات دون الوقوع في فخ الحلول السياسية التي تغمط الحق الوطني وتعيد تموضع المجرمين وتغرس بذرة التمرد والانقلاب على مبادئ الجمهورية والدولة الوطنية.
ملف المختطفين حاجز صد أمام كل من يسعى لابتزاز قيادة الشرعية والانتقاص من حلم اليمنيين..
ملف المختطفين يجب أن تضغط به الحكومة على المجتمع الدولي أولا، وسترى كيف ستتحول المعركة السياسية لصالحها لأن الثمن مدفوع وفاتورة نضال الاحرار كفيلة بتحرير القرار السياسي.
يتبع.


في السبت 28 يوليو-تموز 2018 06:24:35 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81087