إعلان عدن مكوناً شبابياً، كفى عبثاً بعدن..
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

بمبادرة شبابية قام بها عدد من النشطاء الشباب لعقد اجتماع تشاوري لنشأة مكون شبابي عدني مختص في الدفاع عن عدن، عن إرثها الثقافي والفلكلوري، عن تاريخها ومعالمها، عن أيقونتها المدنية وفسيفسائها الرائعة، عن بيئتها الخلابة وسواحلها الساحرة، كمدينه عريقة ومركز اقتصادي حر، كإشعاع ثقافي وفكري وسياسي، فيها تتعايش الناس وتذوب الفوارق والسلالات والأعراق في بوتقة المدنية.
عدن التي تعاني اليوم التجريف والاجتثاث، لكل ذلك الجمال الأخاذ، وتقبح بزرع بذور العصبية والتعصب المناطقي الطائفي والقبلي، الذي عكر صفو هذه المدينة وجعلها في وضع سيئ، سلبها خصوصياتها ومميزاتها، شوّه معالمها وإرثها وتاريخها وجمال تخطيطها العمراني وبيئتها الساحرة، كأول مدينة عرفتها الجزيرة، في مؤسسات الدولة والتشريعات والتخطيط العمراني والتناسق الجميل للشوارع، كسباقة في التحضر وكل جديد.
قراءة نقدية متأنية ورؤية فاحصة لما نحن فيه من مآسي وألم وانهيار وسقوط قيمي وخذلان، وفقدان للدولة الضامنة للمواطنة والنظام والقانون، سنجد أن السبب هو غياب عدن من مصدر القرار والإدارة، إقصاء الكادر المهني والعقل المتحضر والرؤية الراقية المدنية، التعايش والتسامح وحب النظام والقانون، الخبرة والمهارة والعلم والمعرفة، ليستبدل بالعصبية والقروية، في تقاسم المناصب، في غياب متعمد للمدنية، لتتصدر المشهد العصبية، فاجتاحت عدن لتفرض واقعها المعطل للنهضة والتطور، بإقصاء لكل ما هو عدني من كوادر وعقول وملكات ومؤهلات، بحجة تصفية بقايا الاستعمار، دفع بهجرة هذه العقول، مهندسين أطباء وإداريين ومعلمين ومفكرين ومثقفين وسياسيين هجروا مدينتهم عدن، ونهضوا بمناطق اغترابهم، وفقدت عدن الشراكة في مصدر القرار والإدارة، لتتحول لمجرد عاصمة لصراعات القبائل والعصبيات والأيدلوجية، صراع على مر المراحل، جرف ما تبقى من كادر عدن، وفي كل مرحلة تفقد عدن جزءاً أصيلاً منها وتعاني من المنتصر الذي يصب غضبه وحقده على عدن، إنها مأساة عدن.
مأساة عدن جعلتها بين خيارين، الاستسلام لهذا الواقع والخنوع، أو رفض هذا الواقع ومقاومته، فاختارت حقها في الرفض والمقاومة، لتقول كفى عبث، وتعلن عن كيانها المتمثل بشبابها الواعد، الذي يرى ان عدن تستحق ان تعيش كمدينة لا كقرية، حياة كريمة ورقي ومدنية ونظام وقانون، ان تستحق عدن ان تكون ذات إرادة في فرض واقعها الراقي وأيقونتها الجميلة على العصبية والقروية والتخلف والجشع الذي يضر ولا ينفع ليس بعدن بل بالوطن والمنطقة والعالم.
تستحق عدن أن يكون لها مكون يدافع عن حقها في الحياة، لتستعيد مجدها، وتحفظ تاريخها وإرثها، وترمم ما أصابها من تجريف وضرر العصبية والتعصب، تستحق أن تكون شريكة في القرار والمصير والإدارة، هي اليوم تطالب بكل ذلك من خلال تشكيل مكون شباب يدافع عنها ويتبنى مطالبها وينظم نشاط أبنائها.
فلا ضرر بذلك ولا إزعاج، بل يجب أن يشجع مثل هكذا نشاط سلمي مدني، ولا ننسى أن عدن كانت تحتضن نوادي ثقافية وسياسية وحقوقية، كمكونات نظمت أنشطة كل أبناء جنوب وشمال الوطن، مارسوا نشاطهم بحرية دون منغصات، من حقها اليوم أن تنظم أبناءها في مكون مدني ثقافي يعيد لعدن رونقها الجميل، وروحها الأخاذة كمدينة وعاصمة ثقافية وسياسية واقتصادية ومركز تجاري هام تديره عقول متحضرة ونفوس نقية من العصبية والقبلية لتلغي التمايز بين البشر وفق أعراقهم وألوان بشرتهم ومسقط رؤوسهم، بعنصرية مقيتة، وتدعو الجميع بكل أطيافه وتوجهاتهم أن يتركوا عصبتهم وسلالتهم خارج عدن ويندمجوا في نسيج عدن المدني كمدنيين متعايشين مع الجميع بحب وتسامح ورقي.


في الإثنين 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 04:36:44 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81602