الوعي النضالي والنقابي
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

إذا كان للعمل الفردي أثر نسبي فإن للعمل للجماعي أثر مضاعف على الفرد والمجتمع معا، العمل الفردي اجتهاد قد تشوبه ثغرات ما لم يكن في إطار عمل مؤسسي جماعي، العمل الجماهيري والعمالي يحتاج لإطار ينظمه وفق أدبيات ووثائق ونظم وقوانين، كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني التي تشكل إطارا حضاريا في النشاط الجماهيري والعمل الجماعي.
قوة العمل النقابي في انحيازه للناس ومشاكلهم وأوجاعهم، بعيداً عن اللغط السياسي، ضاعت حقوق الناس في استثمار السياسيين للعمل الجماهيري لخدمة أجنداتهم السياسية، والاستثمار القذر لهذه الحقوق.
عندما يغدق بالمال على أي مشروع نضال يحوّله لمشروع ارتزاق، وأحد أبشع وأحقر التفسخ السياسي والأخلاقي الذي طبع به المجتمع اليوم هو أن يتحول المناضل لمرتزق يعتاش على ألم ومعاناة المواطن أو العامل.
المزعج أن المكونات السياسية الطارئة اليوم، التي فرزتها الحرب، تضع في تشكيلاتها مكونات نقابية وحقوقية، لتناوئ والمكونات الرسمية الموجودة على الأرض، وتدفع بها كورقة ضغط سياسي حقير ضد الآخر، لعمل زوابع من الفوضى المؤسسية.
هذه أساليب قذرة ذقنا مرارتها من سلوكيات النظام السابق، عندما فرخ مكونات وأحزاباً لنفس الهدف، وجعل منها عربات يجرها خلفه، ويغدق عليها بالمال لشراء ذممها، وحولها لمجموعة من المرتزقة، وضاعت الحقوق، والنتيجة مظالم اليوم والفوارق بين الناس حسب الانتماء السياسي والمحسوبية.
واليوم يكرر إخوتنا نفس المنوال، مما جعلنا أن لا نعول عليهم، لأنهم نسخة طبق الأصل من ذلك الفاسق والفاسد، يسعون ليكونوا ورثته في الفساد السياسي والأخلاقي، ولهذا لا استطاعوا أن يكون شيئاً يذكر، ولا تركوا الناس تعمل، والتغيير يسير في خطئ سليمة لتصحيح الواقع، ومؤسساته ومكوناته النقابية والحقوقية.
بدأت النقابات تعمل على طريق إصلاح بنيتها المؤسسية، للمطالبة بدورة انتخابية، لتطعيمها بدماء جديدة، وثائق وأدبيات تتناسب ودورها في التغيير الحقيقي، تغير يسلك مسلكا صحيحا في الحفاظ على الإرث والتاريخ من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في عدن، وعدن سباقة بذلك، نحافظ على تاريخ قرن من مؤسساتها وعضوية هذه المؤسسات الدولية والعربية وعلاقاتها بالعالم، ودورها الفاعل يجب أن لا نستهين به، ونستكمل المشوار، لا أن نجرف هذا التاريخ.
هل نتعظ ونحذر من أي دعم تحت أي مبرر لأي مكون نقابي وحقوقي، لا يمكن أن يكون هذا الدعم بريئا، لابد أن يكون وراءه هدف سياسي، وهذا معناه استثمار قذر لحقوق الناس، وهو المرفوض أخلاقيا وقيميا.
قوة العمل الجماهيري في حياديته للناس وحقوقهم بعيدا عن أي توجه سياسي مهما كان الهدف، السياسيين اليوم يغيظهم أي نشاط جماهيري ينحاز للناس، فيحاولون استمالته أو ضربه بالإشاعات، وتبدأ العقول المتبلدة والمتعصبة، تعيد ترديد تلك الإشاعات، بعضهم بهدف يدركه جيدا، والبعض الآخر كالببغاء يردد ما يقولونه، ممن لا يدرك حقائق الأمور إلا بعد أن يصيبه الضرر، ويحس بالوجع حيث لا ينفع الندم، ولا يحمي القانون المغفلين.


في الثلاثاء 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 03:14:08 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81659