مع سلام ينزع فتيل الحرب
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

السلام هو الأصل في العلاقات الاجتماعية بين البشر ليحكمها العقل والنظام والقانون، ونقيضه الحرب التي تجعل من حياة تلك المجتمعات جحيم وعلاقات الغاب الذي يسيطر عليها العنف ويحكمها السلاح.
الناس اليوم أنهكتها الحرب، والبلد فقدت الكثير من سبل الحياة الكريمة، الحرب كارثة بكل المقاييس، ولن تتضح هذه الكارثة بوضوح الا بعد ان تضع الحرب أوزارها، سيعرف الجميع وبالذات قوى العنف والذين راهنوا على العنف كوسيلة حسم، سيعرفون حجم الكارثة التي تسببوا بها، سيعرفون هزيمتهم الحقيقية، وماذا حصدوا من حربهم هذه، خطاب التبجح والنفاق الذي نسمعه اليوم من الانقلابين عن الصمود أربع سنوات حرب، وعن وهم الانتصارات، وفشل التحالف في هزيمة الانقلاب، سيكون مجرد سخرية عندما يتم فرز حقيقي لنتائج الحرب، عندما تتضح حجم الكارثة التي اصابت البلد في الارض والإنسان والسيادة والكرامة، في الخراب والدمار للبنية التحتية ومقدرات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في الخسائر البشرية والمادية والشروخ الاجتماعية والوطنية والشروخ النفسية للناس، عن أي نصر يمكن ان يتحدث هولا في حرب اشعلوها واليوم يبحثون عن سلام يحصنهم من جرائمهم، ويبقي على ما تبقى من كيانهم متطفلا على حياة الناس ينموا ويترعرع حتى يشتد ساعده ثم يعيد الكره.
نار الحرب لا يطفئها غير السلام، يطفئ نارها المشتعلة فوق الارض وما تبقى من نار تحت رماد وخراب وأطلال مخلفات هذه الحرب، يطفئها في نفوس الناس بالعدالة الانتقالية وإنصاف الضحايا، سلام يقضي بالكامل عن منابع وحواضن مسببات هذه الحرب، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : " وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "،.
السلام هي خطوة جريئة لكل مناضل وطني شريف، يتطلع للدولة القادرة على ان تجنب البلد ويلات الحروب والدمار، يتطلع إلى حياة الأمن والأمان، والحياة الكريمة للإنسان الخاسر الأكبر اليوم في الحرب، فالسلام فيه حقنٌ للدماء، وإيقافٌ لكل ما يؤدي لزعزعة الأمن والاستقرار، مما يتيح للشعوب أن تتطور، وتكبر، وتفرّغ طاقتها للخير والعلم والأدب، بدل أن توجه طاقاتها الثمينة للصراعات السلبية التي تغذي الحروب والكوارث البشرية.
نسعى للسلام لنعيش، ويستعيد البلد عافيته، ويعود الناس من شتات النزوح في الداخل والخارج، في المهجر والمنافي، لتعيش آمنة في وطنها، وتلم شتات أبنائها ولن يتم ذلك دون سلام حقيقي وغير منقوص، سلام يقدم درسا للقوى العنف والتسلط والاستبداد والهيمنة ان لا بقاء لها في هذا البلد دون ان تعيش وتتعايش مع الناس بسلام، وتخضع لسلطة الدولة والنظام والقانون، وتترك السلاح جانبا وتحمل أدوات البناء والعمل، السلاح بحيازة رجال الدولة والامن الذي يخضعون لسلطة النظام والقانون ويحمون البلد من الخارجين عنه، ولائهم وطن لا غير.
هذا هو السلام المنشود لنعيش في وطن يستوعب كل الناس بكل ألوانهم وتوجهاتهم، سلام الحوار الوطني والدولة الاتحادية ومسودة الدستور، و سلطة النظام والقانون الذي يحاسب الخارجين عن العقد الاجتماعي، ونفوذ الحرب من لصوص الاراضي والمتنفسات والثروة والسلطة في الشمال والجنوب، بعد السلام لا وجود لمثل هولا دون عقاب وحساب يجعل منهم اناس صالحون ملتزمون للحق العام والواجب العام، لا سلام يبقي النار تحت الرماد، ويعطي الحصانة للقتلة والمجرمون واللصوص والعابثين بالأرض والإنسان، في زمن الحرب مما جعل الكارثة كوارث بسبب هولا.
ونسأل الله تعالى، أن يحل السلام في البلد وكل بلدان الربيع العربي والعالم، وأن يجنبنا ويلات الحرب والدمار, وقوى العنف والتسلط والاستبداد واللصوص والناهبين وبياعي الارض والعرض والسيادة.


في الخميس 06 ديسمبر-كانون الأول 2018 03:50:13 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81719