شرعية لا تهتم ولا يعنيها
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

لم تكن لنا الشرعية غير قيمة ومبدأ، حلم وطموح في مشروع الدولة الوطنية الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، لم تكن لنا غير مخرج آمن للثورة الشبابية الشعبية وربعينا العربي لبر الأمان، في التسوية والتحول المطلوب لمستقبل منشود، كنا نراها الوعاء المفترض أن يستوعب كل المؤمنين بالمشروع والحالمين بالمستقبل المنشود الذي رسمته مخرجات الحوار الوطني، لوطن يستوعب كل أبناءه.
لم نكن يوماً نعتقد أنها ستتحول لمشكلة، مشكلة في الكم الهائل من التعيينات والقرارات الجمهورية المعلنة والغير معلنة، لتشكل عبئاً حقيقياً على المشروع، وعلى وحدة الصف، وجبهة المواجهة مع الانقلابيين.
قرارات وتعيينات لشراء الذمم وتقاسم حزبي مناطقي، وجبر خواطر أطراف سياسية واجتماعية وقبلية، جمعت لفيفاً من المتناقضين، وأصحاب المصالح والمنافقين الذين صاروا يشكلون عبئاً ثقيلاً على الشرعية ومشروعها، هناك كم هائل من الوكلاء والمدراء العامين والمسئولين في السلطات العليا والمحلية، يرتعون مع الشرعية ويعملون ضد مشروعها، وبعضهم لديه أكثر من قناع وفق المصلحة واللحظة والقوة، في لحظة يمكن أن يبيع الشرعية ليقفز من على قاربها لمشروع آخر ضدها، خاصة ذلك النفر الذي كان في حضن عفاش وقفز للشرعية لمصلحة، بل بعضهم، دون خجل، يعمل ضد الشرعية على مرأى ومسمع الشرعية نفسها، دون أن تحرك ساكناً..
وكم هي الإشاعات والأخبار الكاذبة التي تنشرها تلك الأطراف أمام الملأ عن هزائم تلحق بالشرعية وتستهدف مأرب كمركز قوة للشرعية وتخدم الانقلابيين، حتى أن أحدهم يأخذ الخبر بمحمل الجد لأنه صادر من طرف يتبع وكيل وزارة في الشرعية، ويسخر أحدهم من المكذبين للخبر باعتباره صادراً عن الشرعية.
في الوقت الذي فيه صحف وصحفيون ومواقع إلكترونية وأفراد على التواصل الاجتماعي يدافعون ليلاً ونهاراً على هذه الشرعية ومشروعها، ويتعرضون للانتهاكات والتهديد والوعيد، مورست في حقهم أبشع الممارسات، بل هناك من قدم حياته وهو يدافع عن الشرعية، كإحراق صحيفة "أخبار اليوم" ومؤسسة "الشموع"، ومطاردة البعض بسبب رأيهم مع الشرعية وخاصة مناصري الثورة الشبابية، وهم في المحك في عدن وتعز رفعوا راية الشرعية بعد أن كاد يخفت، دون أن تقدم لهم الشرعية يد العون والمساعدة في حفظ حقوقهم، وحمايتهم من تلك الانتهاكات، وهم شرفاء لا يتنازلون في طلب هذا الحق الواجب على الشرعية،و هذه هي مصيبة الشرعية التي جعلها هؤلاء المنافقون عرضة للسخرية بسلوكياتهم، وهم يخدمون الانقلاب عيني عينك.
هذا الأسبوع ستتوقف صحيفة "أخبار اليوم" عن الصدور، وستغلق نافذة مهمة من نوافذ اعلام الدولة الاتحادية ومخرجات الحوار الوطني مشروع الشرعية، بسبب الانتهاكات المستمرة التي خلفت خسائر فادحة أثقلت المؤسسة بالديون بحيث لم تعد تحتمل المزيد، ولديها أحكام قضائية نافذة لم تنفذ، بسبب غياب عدل الشرعية، هذه هي الشرعية تنهار أدواتها أمام أعينها وهي لا تهتم، وكأن ما يحدث لا يعنيها، بل ما يكتب لا يعنيها، وكيف سيعنيها بما تحتويه من لفيف المصالح والمنافقين وأدوات النظام السابق الحاقدين على الثورة الشبابية الشعبية والثوار.
سنظل على مشروعنا الدولة الوطنية الاتحادية ومخرجات الحوار، وسيأتي اليوم الذي سيسقط هذا اللفيف من المنافقين وأصحاب المصالح، وستستقيم الشرعية بانتخابات الشعب سيقول كلمة الفصل فيها، سيعود النظام والقانون يحكم موازين التعيين والقرارات وفق الكفاءة والمؤهل والأولوية، بعيداً عن التقاسم وشراء الذمم وجبر الخواطر على حساب وطن وشرعية شعب وأمة.


في الأحد 23 ديسمبر-كانون الأول 2018 09:13:46 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81811