مصاب جريحه في الهجرة والجوازات
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

نحن نكتب وننتقد الممارسات والظواهر السيئة في المجتمع ومؤسسات الدولة على أمل أن نصلح أحوالها، ونغير من واقعها للأفضل، نحن نشير لمكامن الخلل لننبه من الكوارث والظلم والتعسف والقهر، الذي طالنا لسنوات ولم نعد نقبل أن يبقى جاثما على واقعنا الحاضر، نكتب وعيوننا على المستقبل الخالي من كل تلك الظواهر، وننزعج جدا لعدم التفاعل مع الطرح، لا المؤسسات نفسها، ولا أجهزة الرقابة والمحاسبة، ولا الرأي العام المجتمعي ليساهم معنا في محاربة تلك الظواهر ودعم القضايا المطروحة، ولا المعنيين بشئون البلد سلطة محلية وحكومة مركزية، وكأن الأمور لا تعنيهم، فيبرز السؤال من المعني بالإصلاح إذا؟!
انتقدنا ما يدور في الهجرة والجوازات، من إذلال وإهانات وعشوائية ومحسوبية وبيروقراطية وابتزاز وفساد واضح المعالم، انتقدنا الصورة المشوهة للدولة والمؤسسات الحكومية، التي تحبط الطامحين بالمستقبل، والآملين بالغد المشرق والتغيير للأفضل، وجدنا ردود أفعال مريحة من المواطنين الذي عانوا جور هذه الممارسات في متابعاتهم لاستخراج جواز، والمؤسف أن الحال كما هو لم يتغير في الأمر شيء، والشكاوي لازالت تصلنا بقهر و وجع، بل قال أحدهم بسخرية، لمن تصيح يا فصيح، لجماعة لا تبالي، أذن من طين وأذن من عجين.
القضية في جوهرها قضية وعي، وعي يدرك مسألة التغيير الذاتي للتغير العام، إصلاح النفوس لتصلح المجتمعات، وأن تلك الحالات الفردية المثخنة بالأنانية والمصالح المادية تضر بالصالح العام، والاتجاه العام، والهدف العام، والتغيير برمته كاستراتيجية ثورية تحررية، وأن النضال فعل لا قول، عمل لا شعار.
ولي أمر فتاة في عمر الزهور، جريحة برصاص مداهمات أمنية لخارجين عن القانون، في الشارع العام بعدن، التزمت الدولة بعلاجها، ولديها رسائل رسمية من وكيل الجرحى في المحافظة، توجيهات لتسهيل صرف جواز مجاني، ولي أمرها، اعتقد أنه حصل على تقدير واحترام الدولة لمصاب ابنته، ولكنه تفاجأ أن مصيبته في الجوازات أعظم من مصاب ابنته الجريحة، التي لم تلق أي تقدير لجراحها، واضطرت أن تقف في كل الطوابير الطويلة والزحمة مما زاد من جراحها وألمها، تفاجئ بقصد مجاني أنها مجرد اعفاء من قيمة الاستمارة فقط، وعليه أن يدفع بقية الرسوم، بسند رسمي أو دون سند، جراح تلك الفتاة لم يعفها من الابتزاز، زحمة التصوير وعدم التنظيم، فتح مجال للتصوير خارج المبنى الحكومي، لدكاكين يعرف الناس ملاكها والشركاء فيها من المسئولين، والسماسرة على الأبواب، يصطادون ضحاياهم من المتعبين والمرضى والجرحى والضعفاء والمستعجلين، والتصوير بمبلغ وقدره أضعاف مضاعفة، القرش يلعب بحمران العيون ويفتح كل الأبواب المغلقة، ويقفل باب النظام والقانون، والعدل والإنصاف والحق الخاص في إطار الحق العام.
مشهد يفقد الدولة احترامها ورجل الأمن مكانته، حيث يهان المواطن ويشتم ويسب، ويدهف ويضرب بالعصا، دون تفريق بين نساء وشيوخ ومرضى وجرحى، دون احترام ولا تقدير، بعذر الزحمة وعدد المتابعين، بحسن ظن نقول فشل القائمين في تنظيم الطوابير، ووضع حلول مناسبة تحفظ كرامة الناس، وتسهل معاملاتهم، حيث يصر البعض أن هذه الفوضى مصطنعة لهدف الابتزاز وممارسة الفساد.
من المسئول عن الهجرة والجوازات نخاطب من؟!, وزير الداخلية، أو مدير المصلحة، ليبرز السؤال هل يستطيع وزير الداخلية أن يطب في ذروة العمل ليشاهد الحقيقة بنفسه، ويستدعي إجراءات صارمة تصلح المشهد المشوه، وهل يوجد مدير المصلحة في عدن أو مهاجر خارج البلد، أم نخاطب الحكومة ورئيس الوزراء الدكتور/ معين عبد الملك ومقره معاشيق القريب من الهجرة والجوازات، ليشهد هذا المنظر المشوه عند خروجه ودخوله للمعاشيق تكفي دقائق معدودة ليأخذ نظرة ويعرف الواقع، ليهتم في إصلاح التشوهات.
ننتظر جهودا تثمر لتصلح واقع مشوه، وترسل رسائل تطمئن الناس بالمستقبل والتغيير للأفضل، وتنصف الجرحى والمرضى والضعفاء والمتعبين من هذا الواقع المزري والبائس، لنقدم الشكر والتقدير للجهود الحثيثة والاهتمام بأحوال الناس، ونقول شكراً لكل من يصنع خيرا وينتزع شرا ويصلح خللاً ليرصف طريق المستقبل بالأمل والتفاؤل.


في الأربعاء 16 يناير-كانون الثاني 2019 07:23:00 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81906