زكريا قاسم في غياهب السجون
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

لكي نصحو نحتاج أن نواجه أنفسنا بالحقيقية، أننا لم نخرج ضد النظام الا لكي نرسي العدل (العدالة الاجتماعية) الذي كان غائباً، وسنخرج ضد كل ظلم وقهر وتعسف، كل من يتعمد تغييب النظام والقانون والمبررات السخيفة في اختراقه.
إرساء العدل هو أساس حل كل مشاكلنا ومعضلاتنا، دون عدل هو هراء مثقفين وسياسيين لا معنى له غير إعادة النظام المرفوض، بصورة أخرى، هو استبداد بشكل آخر، و خذلان وضحك على الناس، الناس المكسورين اليوم والمخذولين من فقدان أحلامهم وطموحاتهم وآمالهم، غدهم المنشود في خبر كان.
أين العدل اليوم، وشواهد الظلم والقهر كثيرة لا يسعها مقالي هذا؟.. نأخذ منها قطرة في وحل آسي من الظلم والقهر.. المخفي قسرا الأستاذ التربوي/ زكريا أحمد قاسم ابن عدن، أستاذ وناشط اجتماعي تكافلي، يقدم العون والمساعدة للمحتاجين، وعضو مجلس محلي منتخب، له شعبيته واحترامه بين الناس، قبل عام أي في يناير الماضي، اعتقل من أمام مسكنه، لا يعرف لماذا اعتقل، لم يمكن متلبسا بجريمة، جريمته أنه مختلف عنهم في الرؤى والتوجهات السياسية، وهذا ما لا يروق المتسلطين والعقل الشمولي، الذي لا يريد غيره في الساحة، ويعتقد أنه باستطاعته إعادة عجلة التاريخ للخلف للنظام الشمولي الذي يحلم به متسلطاً على الناس.
هو عضو في حزب الإصلاح السياسي، المستهدف اليوم وتم اغتيال عدد من كوادره، وإن اختلفت جهات التنفيذ، يظل الهدف واحدا هو استهداف هذه الشريحة، التي لا يراد لها أن تبقى في هذا المجتمع من قبل مخرج سيناريو عدن اليوم..
هذه الشريحة المستهدفة تعيق تنفيذ هذا السيناريو، سيناريو بدأت فصوله، بالتحريض ونثر كم هائل من الأكاذيب والتهم الكيدية، ليهيئ الناس لتقبل انتهاكات، الذي يراها بعض من تغرر بالشائعات أنها محاربة الإرهاب.
بينما محاربة الإرهاب والفساد هي محاربة الخارجين عن القانون، وتحتاج لتفعيل دور القانون والنظام، الذي ينص على ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، هكذا قضية مهمة لا تحتاج للسرية، ولا للإخفاء القسري، ولا للتعذيب، لابد أن تكون مهمة وطنية وقانونية الكل يشترك فيها رجال الأمن بمساندة الناس الذين عانوا من الإرهاب، ولن يبخلوا بجهدهم في التعاون لمحاربة الإرهاب والفساد معا، هل فعلا يحاربون الإرهاب؟!.
الناس اليوم أكثر وعيا، وتدرك أن ما يتم لا علاقة لهم بحرب الإرهاب، هي عمليات مداهمة وخطف وإخفاء قسري، تنتهك القانون وكرامة الانسان، في حق الدفاع عن ما ينسب للفرد، وتقديمه لمحاكمه عادلة وقضاء ونيابة، ما يتم هي سلوكيات عصابات الانظمة الفاسدة والمستبدة التي ترهب خصومها، وتلفق لهم التهم جزافا، وتعذبهم في سجونها، يموتون غرباء في أرضهم ويدفنون في العراء خلسة.
أسرة المجني عليه توكد اعتراف الأمن أنه في قبضتهم منذ اليوم الأول للاعتقال، ثم لم يسمح لهم بزيارته، واليوم تصلهم إشاعة أنه فقد الحياة (مات), وهم يسألون عن هذه الحقيقة، وسبب الموت، هل مات تحت التعذيب كغيره من المعتقلين؟، كل هذه الأسئلة لا مجيب لها ولا تجاوب مع المطالبات بكشف الحقيقة والإخفاء القسري، أطفاله وذووه ومناصروه محتجون أمام مقر وزير الداخلية تحت أشعة الشمس، دون اكتراث، ظلم وقهر وتعسف، إهمال ولامبالاة، هذا هو الرهان الخاسر للدولة العادلة، لوكان لديهم ما يدين المذكور، لملأوا الدنيا صخباً، وواجهوا المحتجين بالحجة، فلا حجة لهم هم في أزمة، ولا ملف للقضية يراد فتحه.
هذه صورة من صور عدة، بما يسمى محاربة الإرهاب زورا وبهتاناً، والحقيقة هي استهداف لشريحة معينة سياسيين وتربويين ونشطاء وأصحاب رأي، ومعارضين لمشروع سياسي، يتم تصفيتهم خارج إطار النظام والقانون، بطريقة العصابات والأنظمة المستبدة هي انتهاكات جسيمة تضع أصحابها تحت طائلة القانون والدستور والمعايير القانونية والأخلاقية لحقوق الانسان، هي جرائم لا تسقط بالتقادم سيقدم أصحابها آجلا م عاجلاً للمحاكمة وسينالون جزاءهم.
مهما حاول المتسلطون اليوم والمنتهكون تغييب القانون والعدل، سيأتي اليوم الذي ينتصر فيه الحق، ويرسى العدل على الأرض وما أجمل العدالة الاجتماعية عندما تنصف الضحايا وتدين المجرمين وإن غدا لناضره لقريب.


في الثلاثاء 22 يناير-كانون الثاني 2019 02:16:48 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81941