حكم العسكر والقوى المدنية
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

مشكلتنا في الدول النامية، لم نستطيع أن نفصل بين السلطات، ولم نفصل بين الدين والسياسة، نستخدم الدين لأغراض سياسية والعكس، ونعشق حكم العسكر، ونتبعهم مستسلمين، بل بعضهم يشعر بفخر بقوة وبطش الحاكم العسكري، أمة ابوية، تحتاج للعصا في إدارتها.
حكم العقل الحكيم لا ينفع، يتمرد عليه صغار القوم من القوى العبثية التي تبحث عن نقاط ضعف لتنقلب عليه، لتبني سلطتها الغاشمة كما حدث وسيحدث في منطقتنا النامية، التي لم تصل بعد لمستوى من الوعي، لا نخب سلطة، ولا نخب مجتمع، الا ما رحم ربي منهم وهم قله تأثيرها ضعيف، لدعم القوى المدنية، والعقل والمنطق ليتفوق على العضلات والقوى العنيفة العسكرية لترسيخ دولة مدنية يديرها عقل ومنطق وكفاءة، وتكنقراط .
السلطة مغرية، مغرية للضعفاء المغيبين لعقولهم، أي من يجرهم الحماس الثوري، ويتقدمون الصفوف بعضلاتهم والبندقية التي على أكتافهم، أو بدعم قبلي وعسكري، يصلون للسلطة، ثم يبدأ سيناريو جديد من سلطة العسكر التي تلغي القوى المدنية، لتجعل منها مجرد أداة من أدواتها، أداة ترويج وحشد وتحريض، أداة تلميع ونفخ وتطبيل، ومن يرفض أو يواجه هذا المشروع يتعرض للإهمال، الإهمال الذي يحرمه من لقمة العيش والحقوق والمستحقات، يحرمه من الحياة الكريمة، بعضهم يخضع ويستسلم للواقع، والأكثر إصراراً على مواجهة هذا المشروع نهايته وخيمة، هي نهاية القوى المدنية في بلدنا، نهاية المناضلين الأوائل الشرفاء المفكرين والمثقفين، الذي حصدتهم الة الاهمال الممنهج وقضوا نحبهم ومنهم من يعاني إلى اليوم .
هذه السلطة لا يمكن أن تصنع دولة مدنية، وهي تدعم بقوة العسكر لتتفوق على القوى المدنية الناعمة، وليس أي عسكر، بل عسكر اشداء على القوى المدنية رحماء بينهم، حيث تتفوق العضلات على العقل، ليتحول العقل أداة بيد العضلات، في ادارة شؤون امة وشعب بضرورة سيعاني الامرين .
هذه الصورة تتجسد في حادثة العند، سقط العسكر في جريمة بشعه، وسقط معهم بعض الصحفيين، الزملاء نبيل الجنيد ومحمد النقيب وهم يقومون بتغطية حفل التخرج، يصورون المنصة، ليقدموا الصورة على شاشة التلفاز كإنجاز عسكري فيه اشادة بالقادة والعسكرين في تحرير الارض والعرض من الانقلاب العسكري أيضا، حرب فرضت علينا كمثقفين وصحفيين أن نكون خلف العسكر لدعم التحرير، على امل بعد التحرير سيكون لنا مكانة، للعقل والقلم وموقع رفيع ومساهم في ادارة البلد .
وما حدث انه تم الانقاذ السريع للعسكر واهمل الصحفيين، ليراودنا السؤال هل سيتيح حكم العسكر فرصة للعقل أن يساهم في ادارة البلد ؟! اليوم تتضح الصورة باهتمام القيادة العسكرية بالجرحى في العملية الجبانة، اهتمام بالعسكر وإهمال بقصد لكل الصحفيين، ماذا يعني ذلك، يعني ما حدث للصحفي نبيل القعيطي في عدن، حينما خرج عن طاعة العسكري، أو أن العسكري لم يرقه وقتها منظر نبيل كصحفي، احب أن يمارس هوايته في إهانة كرامته وإنسانيته، هذا سلوك المريض الذي يحتاجه من حين لأخر بعض العسكر ليشبع رغبات مرضه، رغم أن نبيل يعمل في اطار خدمة ذلك العسكري، وفي الاخير على هذا الصحفي أن يقدم الولاء والطاعة ويعتذر .
مش مهم الصحفيين ولا المثقفين، هكذا يقول لسان العسكري يموتون المهم أن نحافظ على العسكري، لهذا اليوم يعيش العسكر في وضع احسن من المدنيين ، زيادة في الراتب 100% وتعدد اوجه الصرف، بعضهم يستلم ثلاثة وأربعة رواتب، صرف سخي دون حساب ورقابة، المدني زيادة 30% والمتقاعد 15% والرواتب لا تكفي لسدة جوع الأسرة، هذا هو اقع العسكر وحال المدنيين، والمستقبل الذي ينشده البعض من حكم العسكر، الذين يستنزفون المدنيين في حرب عبثية لن تنتهي هي بالنسبة لهم مصدر دخل وفساد وثروة وعبث لا نظير له دون نظام وقانون وحساب وعقاب ودوشه ووجع رأس.
والله يستر على هذا المستقبل .


في الأحد 27 يناير-كانون الثاني 2019 07:38:34 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81955