كيف تحالف العسكر والمتطرفون لوأد تطلعات الشعوب؟
عبدالرقيب الهدياني‏
عبدالرقيب الهدياني‏

لمن نسي كيف جاء الحوثي واقتحم العاصمة والمدن وأسقط الدولة، عليه أن ينظر في النسخة المحدثة حفتر ليبيا..
الحقيقة أن هؤلاء أنصار الحوثي وحفتر والسيسي وبن بريك وأبو العباس من نخبنا العربية، لم تعد لهم أي قيم نضالية أو مدنية أو عصرية، حتى تلك التي يرفعونها للاستهلاك كالحرية والعدالة والحداثة والديمقراطية والدولة ومحاربة الإرهاب، لكنهم متورطون في النقيض منها..
لا القوانين المحلية التزموا بها، ولا الشرعية الدولية والانسانية ومتطلباتها من احترام الشرعية الدستورية ورفض العنف وزعزعة الأمن والاستقرار تمسكوا بها...
كما لم يعودوا يؤمنون بشعوبهم وحرياتها وخياراتها وتطلعاتها، بل يقتحمون كل التطلعات بأدوات العنف القادم من حكومات هاجسها الأول محاربة صحوة الشعوب وللحيلولة أن تتمخض عن حكومات تمثل مصالح شعوبها..
قلت مرة كيف لي أن أتناقش مع مثقف سياسي كان أو صحفي أو غيره ومن أي أرضية، بينما قناعته أن حفتر مخلص والسيسي خيار عصري وعيدروس الانتقالي ثائر وأبرز نماذج العصرنة والتحديث في ذهنيته هما نموذج هاني بن بريك وأبوالعباس؟ ..
هؤلاء لا يريدون أن يسلموا بحركة التاريخ وطبيعة الأشياء وتطور وعي الشعوب.. وبدل أن يعملوا على تصحيح أفكارهم ومشاريعهم وأحزابهم وحكوماتهم وتعديلها بعد أن صارت مزجاة بائرة في وسط الشعوب، راحوا ينقلبون عن القيم التي كانوا ينادون بها كالحرية والتعددية والحزبية ووسائل التعبير السلمي واحترام الرأي الآخر والديمقراطية والانتخابات والشرعية الدولية ويغيرون من أدوات السياسة السلمية إلى أدوات العنف..
سألني صديق: كيف اجتمع الحوثي الكهنوتي مع الجنرال صالح الجمهوري والضابط حفتر مع السلفي الجهادي الطرابلسي والعسكري عيدروس مع السلفي الجامي هاني بن بريك وقس على ذلك..؟!
أجبته: جمعهم الفشل العام أمام الشعوب وحركتها السلمية وكما جمعهم- أيضاً- خيار العنف الذي يؤمنون به وسيلة للحكم..
وزاد أن وجدوا ممولاً لديه مطامع وسيستخدمهم كقفازات قذرة لتحقيق أهدافه وقهر تطلعات الشعوب..
السلفية الجهادية مثلها مثل العسكر والحكام المستبدين، وأي مشروع سلالي عنصري مغلق يعادون حركة الشعوب السلمية واتساع دائرة الحريات والتعدد السياسي فيها. (السلفية الجهادية تعتبر الديمقراطية كفر).
لأن اتساع دائرة التعدد والتعبير السلمي يحاصر التطرف ويضيق المساحات أمامه.
جماعات العنف جميعها عبارة عن يد تبطش ولا عقل لها.
إذن نحن اليوم أمام آخر محاولات للاستبداد المحلي وجماعات العنف والهيمنة الخارجية وهي تسعى لحكم الشعوب بالقوة ومصادرة حرياتها وتطلعاتها، لكنها محاولات مفضوحة والمفضوح لا جذور راسخة له.


في الأحد 07 إبريل-نيسان 2019 04:08:57 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=82283