اليمني المريض واليمنية
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

لم نثر في اليمن عبثاً، بل ثرنا تطلعاً في تغيير واقعنا البائس، تغيير نظام الحكم ومنظومته الفاشلة والأنانية، التي لم تقدم للمواطن البسيط شيئاً، كالذي قدمته من تسهيلات للنفوذ والفساد والاستبداد، جعلت البلد مصدراً للابتزاز والاسترزاق من قبل ثلة حقيرة على حساب الناس البسطاء الفاقدين للحياة الكريمة وحق العلاج المجاني والتعليم الطوعي وحق العمل وسبل العيش الكريم.
واليوم.. أين تلك التطلعات في تغيير هذه المنظومة، وهي لازالت جاثمة على البلد، حرب عبثية هي المستفيدة منها والموطن يصطلي بنارها..؟
يفتقد الناس للحياة الطبيعية، وحق الحصول على العلاج، مضطرين للسفر خارج البلد بحثاً عن علاج وعلى حسابهم الخاص، بينما النافذون في هذا البلد البائس نثريات راحتهم وعلاجهم ونعيمهم على حساب الدولة ومن المال العام، والمقربون وأبناء القرية والمنطقة والحزب لهم نصيب، نثريات شراء الذمم وفريق المصفقين والمطبلين في صنع هيلمان القائد الهمام، فتجد الصرف بشخطة قلم خارج المؤسسة والنظام والإجراءات القانونية، تذاكر سفر وكم دولار.. اللهم لا حسد، إنه الماضي الجاثم على الحاضر المعيق للتغيير والتحول والمستقبل.
كل هذا لأن التغيير لازال بعيد المنال، بتلك المنظومة التي لازالت قائمة وتدير البلد بمزاجها السياسي العقيم، منظومة لازالت تستثمر أوجاع الناس وأمراضهم ومخلفات الدهر من معاناة وقهر وألم على أجسادهم.
بسبب هذه العقلية لا يجد المواطن البسيط الغير مرتبط قبلياً أو حزبياً بمثل هؤلاء فرصة للعلاج في الخارج والمنعدم في الداخل، وعلى حسابه الخاص يذهب وهو مثخن بالديون، وجمهورية مصر العربية تستقبلهم بترحاب، رغم غلاء إيجار الشقق، ويصدمك الوضع عندما تعرف أنك في شقة يملكها يمني هامور فساد تلك المنظومة الخالية من الرحمة، مع وجود الخير والرحمة في البعض من رحمهم ربي رغم قلتهم، أعمالهم بلسم يعالج داء الفاسدين.
تشعر وأنت في هذا البلد كأنك مواطن عربي كالمواطن المصري، لا وجود للتمايز، مصيبتنا دائماً منا وفينا، من منظومة الفساد التي تطارد اليمنيين حيثما حلوا، بحجم الفساد والنهب للثروة التي يستثمرها الفاسدون في الخارج وبلدنا بحاجة لمثل هكذا استثمار، شعر أحدهم بالغبط قائلًا سلّط الله علينا تلك المنظومة البائسة من الفاسدين والعائشين على أوجاعنا ومرضنا حتى في مصر.
وكثيرا هي معاناة المرضى اليمنيين في مصر، الذي تلاحقهم مصائب بلدهم حتى وهم في الغربة، والمصيبة الكبرى هي طيران اليمنية، التي تبتز المرضى وتزيد من حجم معاناتهم المالية، بغرامات غير قانونية، وجبايات غير إنسانية.
اليمنية محتكرة للنقل الجوي في اليمن ولازالت تفرض أسعارها وفق مزاجها وعلى المرضى القبول مضطرين، ولا يتوقف ابتزازها هنا بل يستمر في فرض الغرامات الغير قانونية والجبايات الغير إنسانية، استغلال ظروف الناس، بعضهم لا يمتلك مال للبقاء يوماً آخر في مصر، واليمنية الملتزمة بحق عودته لبلده وفق التذكرة التي يحملها (ذهاب وعودة)..
غرامات بمبالغ تصل لمئات الدولارات، بينما الغرامات لا تتعدى العشرات الدولارات، ودون رحمة ولا شفقة، يخير الناس بالدفع أو عدم الحجز، وهي عاجزة على الإيفاء بالتزاماتها اتجاه زبائنها، خدمات رديئة، وإدارة مستهترة، لا تستطيع مقابلتهم، المدير لا يتواجد ويترك موظفين يواجهون غضب الناس في القاهرة.
منظومة يلعنهم التاريخ وسيستمر يلعنهم، وستطاردهم لعنة هذا التاريخ، وهم لازالوا يتآمرون على هذا الوطن ويستثمرون أوجاعه ومآسية، واستمرار الحرب تخدمهم، والناس في الداخل والخارج تدعو عليهم ليلاً ونهاراً وقد سمعتها من مريض يمني في جامع السيدة زينب يدعو كمظلوم، ودعوة المظلوم مستجابه، وكم مظلوما دعاء عليكم أيها.....


في الإثنين 29 يوليو-تموز 2019 08:14:51 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=82726