جهود لاستئناف العملية السياسية وسط انهيار اقتصادي تصعيد عسكري للحسم

2018-01-24 19:11:24 تقرير خاص

مجددا تعود إلى الواجهة الجهود الدولية لاستئناف العملية السياسية بعد تعثر ثلاث جولات سابقة من المشاورات.
أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، عن اجتماع عقد، الثلاثاء، في لندن، للجنة الرباعية، التي تشمل إلى جانب بريطانيا، كلاً من، الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، بالتزامن مع تعيين مبعوث أممي جديد.

وقالت الوزارة، في بيان على “تويتر”، إنّ “الوزير بوريس جونسون سوف يستضيف، الثلاثاء، اجتماعاً للجنة الرباعية، في لندن، بمشاركة السعودية والإمارات وأميركا، لبحث الخطوات التالية للعملية السياسية”.
وذكرت الوزارة أيضاً، أنّ جونسون، “رحّب بخطة المساعدات الإنسانية التي أعلن عنها التحالف بقيادة السعودية في اليمن”.
إعلان ولد الشيخ
من جانبه أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الاثنين، تجاوب جميع أطراف النزاع اليمني، مع جهوده الرامية إلى استئناف المسار السياسي المتعثر منذ أكثر من عام.
جاء ذلك في بيان صحافي صادر عن ولد الشيخ، في ختام زيارته إلى السعودية التي استمرت 4 أيام.
ودعا المبعوث الأممي أطراف النزاع اليمني إلى “اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان الظروف السانحة للانخراط بشكل تام في العملية السياسية وبنوايا حسنة”.
ولم يكشف ولد الشيخ عن أي تفاصيل إضافية حول مكان وزمان عقد مشاورات السلام الجديدة، بعد تلقيه تجاوبا من جميع الأطراف.
وتأتي جهود استئناف العملية السياسية باليمن بعد تعثر ثلاث جولات سابقة من المشاورات، عقدت في كل من مدينتي بيال وجنيف في سويسرا، وفي عاصمة الكويت.
من ناحية أخرى، أعرب المبعوث الأممي عن قلقه البالغ من الوضع الإنساني في اليمن، مشددا على أنه “من غير المقبول أن يستمر هذا الوضع”.
ودعا الأطراف المعنية إلى أن تدرك خطورة الأزمة وتعي الحاجة الملحة لوضع حد سريع لها.
وجاءت تصريحات المبعوث الأممي، عشية اجتماع لوزراء خارجية دول “التحالف العربي” في العاصمة السعودية الرياض.
لقاء هادي
في حين شهدت العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، لقاءً جمع الرئيس عبدربه منصور هادي، بمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، ونائبه معين شريم، للتباحث حول مستجدات جهود إحياء مسار السلام في البلاد.
وأفادت مصادر يمنية قريبة من الشرعية، ، أن اللقاء جاء لمناقشة ما خرج به الوفد الأممي الذي زار صنعاء، الأسبوع الماضي، برئاسة معين شريم، والتقى مسؤولين من جماعة الحوثيين.
من جانبها، نقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، بنسختها التابعة للشرعية، عن هادي خلال اللقاء، أنه أشار إلى “غدر” الحوثيين بشريكهم الرئيس السابق، علي عبدالله صالح.
وقال إن ذلك يؤكد “على دمويتهم وإقصائهم لكل من يختلف معهم، وعليه يتعذر تفهمهم واستيعابهم لمفردات السلام ومفاهيمه التي عملنا من أجلها مع المجتمع الدولي طوال الفترات الماضية، وقدمنا من أجلها التنازلات حقنًا للدماء”.
وأضاف هادي، أن”المليشيا الانقلابية”، لا “تعترف بمرجعيات السلام، ولا بالقرارات الأممية ذات الصلة، ولا تكترث لمعاناة الشعب اليمني”.
واتهم الجماعة بمصادرة حقوقه في العيش “والاستحواذ على موارد الدولة، واحتياطات البنك المركزي، لمصلحة مجهودهم الحربي”، كما اتهمهم بممارسة اختطاف وتجنيد الأطفال. وأكد في الوقت ذاته “حرصه الدائم نحو السلام انطلاقًا من مسؤولياته الوطنية والإنسانية تجاه أبناء الشعب اليمني”.
من جانبه، ووفقاً للوكالة، أشار المبعوث الأممي، ولد الشيخ، إلى أن اللقاء “يأتي في إطار التشاور وتبادل الأفكار حول السلام وآفاقه الممكنة والمتاحة”.
وأكد “على أهمية بناء الثقة كأرضية لأي لقاءات قادمة والمرتكزة على أسس السلام ومرجعياته المتعارف عليها”، واستعرض “خلاصة نتائج زيارة نائبه إلى صنعاء والوقوف على الأوضاع الجارية هناك”.
زيارة صنعاء
وكان وفد أممي، برئاسة معين شريم، زار صنعاء، الأسبوع الماضي، على مدى أربعة أيام، التقى خلالها بمسؤولين من الحوثيين، الذين أظهروا، للمرة الأولى منذ تصاعد الحرب في البلاد، ترحيبًا لافتًا بالجهود الأممية الرامية لاستئناف مشاورات السلام، وألقوا بفشل الجولات السابقة، على ولد الشيخ أحمد، وأظهروا، في الوقت ذاته، أقصى درجات التعاون والترحيب المعلن، على الأقل، مع نائبه المعين منذ شهور.
ووفقَ مصادر في صنعاء تحدّثت في حينها لـ”العربي الجديد”، فإن تعاون الحوثيين مع شريم لم يقتصر على الترحيب، بل شرعت الجماعة في خطوات تحاول من خلالها تهدئة الضغوط التي تواجهها.
إذ أطلقت، سراح أكثر من 209 معتقلين من أنصار حزب “المؤتمر الشعبي العام” والرئيس الراحل، علي عبدالله صالح، بعد أن كانوا محتجزين على خلفية أحداث مطلع الشهر الماضي.
وديعة سعودية
وأعلنت السعودية، الاثنين، عن “مساعدة إنسانية جديدة” تبلغ 1.5 مليار دولار وعن عملية لزيادة قدرة مرافئ اليمن الذي يشهد حرباً ويخضع لحصار.
ولجأت الحكومة اليمنية إلى السعودية التي تتجاهل المصاعب التي يعانيها اليمنيون منذ اندلاع الحرب.
ونشر رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر رسالة يوم الثلاثاء الماضي على صفحته في فيسبوك موجهة إلى “الحلفاء” قال فيها إنه يتوجب على هؤلاء العمل على “إنقاذ الريال اليمني من الانهيار التام”، معتبرا أن “إنقاذ الريال يعني إنقاذ اليمنيين من جوع محتم”.
ودعا الدول الحليفة لحكومته إلى إيداع أموال في المصرف المركزي في عدن، وإرسال مشتقات الوقود.
وقررت الرياض، الأربعاء الماضي، إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني، وذلك بعد مطالبة الحكومة اليمنية بمساعدات مالية عاجلة، وفق بيان صادر عن مركز التواصل الدولي في السعودية، لتضاف الوديعة الجديدة إلى وديعة سابقة بقيمة مليار دولار.
وتأتي الوديعة السعودية في وقت تواجه المملكة نفسها مصاعب اقتصادية مع تراجع أسعار النفط منذ 2014 وكلفة الحرب المرتفعة في اليمن.
وسجل الاقتصاد السعودي في 2017 انكماشاً للمرة الأولى في ثماني سنوات بسبب تدابير التقشف الصارمة.
وقدمت السعودية ميزانية توسعية للعام 2018، متوقعة أكبر نفقات حكومية في تاريخها في مسعى لتحفيز الاقتصاد الراكد، لكنها قدرت في الوقت ذاته أن يبلغ العجز في الموازنة نحو 52 مليار دولار.
وتأخرت وديعة السعودية نحو ما يقرب من عام، فقد أعلن الرئيس عبدربه منصور هادي في فبراير/ شباط من العام الماضي 2017، عن موافقة السعودية على وضع ملياري دولار وديعة نقدية في البنك المركزي لدعم العملة المحلية.
ولاحقاً أعلن عن استعداد السعودية لتقديم مبلغ 8 مليارات دولار لدعم خطة الإعمار، لكن تلك الوعود لم تخرج للنور بعد.
وتشعر الحكومة اليمنية بالخذلان، من عدم وفاء السعودية بتعهداتها، خاصة أنها أغدقت الوعود بأن الدعم سيكون ممكناً في حال نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء، ولم يتم الوفاء بالتعهدات بعد مرور أكثر من عام على قرار نقل البنك.
قلق يمني
ويشهد اليمن انهياراً منذ سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة من البلاد والتدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية، والذي خلف أزمة إنسانية تُعد من بين الأزمات الكبرى في العالم.
ويستمر الريال اليمني في التراجع، بسبب الحرب المستمرة منذ قرابة ثلاث سنوات، وانقسام مؤسسات الدولة المالية بين عدن وصنعاء.
وفيما تقف الحكومة الشرعية للبلاد عاجزة عن وضع معالجات وتستنجد بوديعة سعودية، يلجأ الحوثيون إلى ملاحقة الصرافين واعتقالهم ومصادرة أموالهم.
وينعكس التهاوي المتسارع للريال في ارتفاع قياسي لأسعار السلع الغذائية، مما يثير قلق اليمنيين، وهلعهم في ظل انعدام مصادر الدخل وسبل العيش وتوقف رواتب نحو مليون موظف حكومي منذ عام.
وتسارعت وتيرة تهاوي العملة اليمنية، من 390 ريالا للدولار الواحد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 500 ريال للدولار خلال يناير/كانون الثاني الجاري.
وانعكست التقلبات في سعر الصرف بصورة فورية على أسعار السلع، وأكد سكان محليون في صنعاء، والعاصمة المؤقتة عدن، أن أسعار المواد الغذائية قفزت إلى مستويات قياسية منذ مطلع الأسبوع الجاري، فيما أوقف أغلب التجار عمليات البيع والشراء بانتظار استقرار أسعار الصرف.
وأكد مواطنون وتجار في صنعاء، أن تهاوي الريال تسبب في ارتفاع أسعار السلع بنسب تتراوح بين 50% و80%، وأن أسعار الأدوية قفزت بنسبة 40% منذ مطلع الأسبوع الجاري.
وفي العاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد)، حيث مقر الحكومة، أغلقت معظم محال بيع المواد الغذائية أبوابها، منذ يوم الاثنين الماضي، بسبب حالة عدم اليقين بشأن وضع العملة وأسعار الصرف، كما أغلقت شركات ومحال الصرافة فروعها وأعلنت توقفها عن بيع وشراء العملات الصعبة.
وتوقع مستوردون، انخفاضا غير مسبوق للريال خلال الفترة القادمة ليصل الدولار إلى 800 ريال، مع اقتراب شهر رمضان وحاجة التجار للدولار لتغطية واردات الشهر الذي يشهد أعلى معدل استهلاك خلال العام.
وتشهد السوق مضاربات شديدة على النقد الأجنبي، في ظل انخفاض المعروض النقدي، بسبب الركود الاقتصادي وتوقف الاستثمارات، فضلاً عن عجز البنك المركزي عن التدخل في سوق الصرف.
استهداف السعودية
وبعد يوم واحد من اجتماع جدة لوزراء خارجية دول “منظمة التعاون الإسلامي” لبحث استهداف جماعة الحوثيين، للأراضي السعودية بصواريخ بالستية، استضافت الرياض، الاثنين، اجتماعاً لوزراء خارجية دول التحالف.
وأعلنت جماعة الحوثيين، في الثامن عشر من يناير الجاري، عن إطلاق صاروخ باليستي، هو الثالث من نوعه في أقل من 48 ساعة، ضدّ أهداف في مناطق سعودية قريبة من حدود اليمن، فيما أعلنت الرياض عن اجتماع مرتقب لمنظمة التعاون الإسلامي لبحث استهدافات الحوثيين.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، بنسختها التي يديرها الحوثيون، عن مصدر عسكري، قوله إنّ “القوة الصاروخية التابعة للجماعة، أطلقت صاروخاً باليستياً قصير المدى على معسكر الدفاع الجوي، في منطقة نجران الحدودية مع اليمن”.
وفيما قال الحوثيون إنّ الصاروخ “أصاب هدفه بدقة مخلّفاً خسائر كبيرة في معسكر الدفاع الجوي”، ذكرت مصادر سعودية أنّ الصاروخ جرى اعتراضه وتدميره في سماء نجران.
ويُعدّ الصاروخ الثالث من نوعه الذي يطلقه الحوثيون خلال أقل من 48 ساعة، حيث أعلنت الجماعة، في اليومين الماضيين، إطلاق صاروخين ضد أهداف سعودية في كل من منطقتي نجران وجيزان الحدوديتين مع اليمن.
وقالت مصادر قريبة من الحكومة الشرعية ، إنّ الاجتماع جرت الدعوة إليه كغطاء للإعلان عن خطة إنسانية شاملة في اليمن، كتجاوب سريع ولافت مع الدعوة التي أطلقتها الأمم المتحدة لتمويل خطة إنسانية بمبلغ 2.96 مليار دولار أميركي.
اللجنة الرباعية
وتُعد اللجنة الرباعية، من أبرز اللاعبين الإقليميين والدوليين في ملف الأزمة اليمنية وتم تشكيلها أواخر العام 2016.
ويأتي الاجتماع في لندن، الثلاثاء، غداة تعيين البريطاني مارتن غريفثت، مبعوثاً أممياً جديداً، خلفاً للمبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي أبلغ الأمم المتحدة اعتزامه عدم الاستمرار في منصبه، مع انتهاء فترة تعاقده أواخر فبراير/شباط المقبل.
وأوضح ولد الشيخ، في بيان رسمي ، أنّه أعرب عن خالص شكره لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، على دعمه القوي لجهود التوصل إلى حل سياسي للصراع في اليمن، مشيراً إلى أنّ الدولة اليمنية “تعاني واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تدميراً في العالم”.
يُذكر أنّ ولد الشيخ الذي عُين مبعوثاً إلى اليمن في الـ25 من إبريل/نيسان 2015، أشرف على العديد من جولات المشاورات التي عادة ما انتهت دون التوصل إلى حل ينهي الصراع في البلاد.
///////////

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد