حرب شوارع وتكثيف المواجهات في خور مكسر وكريتر.. انفجارات في دار سعد.. وسط تحليق مكثف لطيران التحالف.. ومصادر تشير إلى مقتل 15 شخصاً بينهم مدنيين..

عدن.. تفاصيل يوم ساخن تلقي بظلالها على السكان

2018-01-28 21:09:03 تقرير خاص/ وليد عبد الواسع


شهدت مدينة عدن، جنوبي اليمن، أمس الأحد مواجهات عنيفة واشتباكات بين قوات حكومية وقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، خلفت العديد من القتلى والجرحى، فضلاً عن إصابة الحياة بشلل تام من مختلف النواحي.
وأتت أحداث أمس الأحد بعد ساعات حرجة عاشتها العاصمة المؤقتة عدن، مع انتهاء المهلة التي حددتها القيادات في المقاومة الجنوبية للرئيس هادي، لإقالة حكومة بن دغر التي اتهموها بـ"الفساد وضعف الكفاءة".

دارت أمس الأحد مواجهات عنيفة، في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، بين قوات تتبع الحماية الرئاسية من جهة، وقوات تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي من جهة ثانية، بعد دعوة الأخير إلى مظاهرات ضد الحكومة، احتجاجاً على عدم توفر الخدمات.
ونقلت وكالة "الأناضول" عن ما أسمته مصادر أمنية وعسكرية محايدة، أنّ المواجهات شملت منطقتي خورمكسر ومداخل كريتر وسط عدن، بين قوات اللواء الأول مشاة التابع للمجلس الانتقالي واللواء الثالث حماية رئاسية (قوات حكومية)، بمختلف أنواع الأسلحة.
وتحولت المعارك التي تشهدها العاصمة المؤقتة عدن خلال ساعات النهار ليوم أمس الأحد إلى مايشبه حرب شوارع بين ألوية الحماية الرئاسية وقوات من الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية، خاصة في شوارع مدينة كريتر، حيث يتواجد قصر "معاشيق" الرئاسي.
وذكر شهود عيان سماعهم لأصوات الرصاص والانفجارات في حي كريتر ومديرية دار سعد، شمالي عدن.
وأوردت وسائل إعلام إطلاق دبابة خاصة بألوية الحماية الرئاسية بالقرب من منطقة "معاشيق" قذيفتين سقطتا من جبل مطل على مناطق سكنية في أطراف كريتر دون سقوط أي ضحايا، بحسب سكان محليين.
ولوحظ تحليق مكثف لطيران التحالف العربي، من دون قصف، وفقاً لما أوردت “الأناضول” نقلاً عن شهود عيان.
ضحايا المواجهات
وبينما تشهد عدن إغلاقاً شبه تام لمختلف شوارع المدينة، لم يكشف أي طرف بشكل رسمي عن خسائر المواجهات. غير أن مصادر طبية أفادت بمقتل 15 شخصا في المواجهات التي دارت أمس الأحد، بينهم عدد من المدنيين، وفقاً لما أوردته بي بي سي عربي.
في حين أعلنت منظمة أطباء بلا حدود الدولية استقبال مستشفى يتبع لها أربعة قتلى و50 مصاباً، إثر الاشتباكات التي اندلعت بين قوات الحماية الرئاسية التابعة للحكومة الشرعية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، في محافظة عدن، جنوبي اليمن.
وقالت المنظمة الدولية، في تغريدة على حسابها بموقع "تويتر" أنه "بعد ساعات من الاشتباكات في عدن وصلت حصيلة الضحايا التي استقبلها مستشفى أطباء بلا حدود الجراحي بالمحافظة إلى 4 قتلى بينهم امرأة و50 جريحا".
فيما أفادت مصادر طبية يمنية بأن عدداً من ضحايا الاشتباكات يتواجد في مستشفيات أخرى لا تديرها "أطباء بلا حدود"، مرجحة تجاوز عدد القتلى 12 شخصاً.
مناطق السيطرة
وسيطرت القوات الموالية للمجلس الانتقالي على مبان حكومية، وسط اشتباكات عنيفة بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي وأخرى تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي. وأوردت تقارير عن سيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي على مقر الحكومة اليمنية، التي أقامت مقرا مؤقتا في عدن بعد إحكام مسلحي الحركة الحوثية سيطرتهم على العاصمة صنعاء.
وتحدثت وسائل إعلام عن سيطرت قوات الحماية الرئاسية، وقوات حكومية أخرى، على المناطق الشمالية والشرقية للمدينة، فضلاً عن منطقة كريتر التي تعد مركز مدينة عدن، بينما سيطرت قوات اللواء الأول مشاة، والحزام الأمني، على منطقة كالتكس وأجزاء من خورمكسر.
وفقا لمصادر عسكرية موالية للحكومة وشهود عيان، فقد اندلعت الاشتباكات بعد محاولة قوات تابعة للحزام الأمني بقيادة اللواء/ عيدروس الزُبيدي السيطرة على معسكر تابع لقوات الحماية الرئاسية التابعة للرئيس اليمني.
لكن مصادر "المجلس الانتقالي الجنوبي" تقول إن الاشتباكات اندلعت بين الطرفين بعدما حاولت قوات الحماية الرئاسية تفريق متظاهرين من أنصار المجلس الانتقالي الذي يترأسه الزُبيدي ممن يطالبون بإسقاط حكومة بن دغر.
حشود جنوبية
وكان المئات من المناصرين للمجلس الجنوبي تجمعوا صباح الأحد في ساحة العروض بمدينة عدن للمطالبة بإسقاط الحكومة.
وكان الجنوبيون قد منحوا الرئيس عبد ربه منصور هادي، عبر "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يمثلهم سياسيا، أسبوعا للقيام بتغييرات حكومية، متهمين سلطته بالفساد.
وحذر المجلس في بيان من أنه إذا لم يقم هادي بتغييرات في حكومته، فانهم سيستخدمون الشارع لإسقاط هذه الحكومة المعترف بها دوليا. وانتهت المهلة الزمنية صباح أمس الأحد.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، قد دعا، أنصاره، إلى الاحتشاد من كافة المحافظات المحررة إلى محافظة عدن، صباح أمس الأحد، من أجل المطالبة بإقالة حكومة أحمد عبيد بن دغر، نتيجة ما أسمته "عدم توفير الخدمات".
شلل الحياة العامة
فضلاً عن الضحايا تسببت الأحداث بإغلاق شبه تام لمختلف شوارع المدينة التي شهدت توقف شبه كلي لحركة المرور في أغلبها، وشلل تام أصاب الحياة العامة. وتوقف النشاط الإداري والعمالي في المؤسسات الحكومية والخاصة التي أحجمت عن الدوام، وتعليق للعملية التعليمية.
وأُغلق مطار عدن أمام الملاحة الجوية كما توقف النشاط الإداري والعمالي في ميناء عدن بعد اندلاع المواجهات بين الجانبين. ووفقا لإفادات حصلت عليها بي بي سي من مصادر حكومية وموظفين في مطار عدن وميناء عدن، فقد أدت الاشتباكات إلى إخلاء موظفي المطار والميناء وبقية الوحدات الحكومية، وتوقف العمل فيها حفاظا على سلامة الموظفين والمدنيين.
وامتد هذا الإجراء إلى محافظتي لحج وأبين المجاورتين، حيث أعلن عن إخلاء مباني السلطات المحلية فيهما تحسبا لامتداد الاضطرابات إلى هاتين المحافظتين الجنوبيتين.
وتسببت المواجهات التي شهدتها عدن أمس الأحد بركود تجاري وإغلاق للمحلات، فيما خيم الذعر على المواطنين، في الوقت نبه متابعون من أزمة اقتصادية قد تلقي بظلالها على حياة المواطنين.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون، أمس الأحد، أن الشوارع تبدو خالية من حركة المركيات، خاصة في شارع "أروى" أكبر شوارع كريتر الذي يكتظ بالسيارات في هكذا توقيت من كل يوم.
ردود ومواقف
إلى ذلك دعت الحكومة اليمنية إلى وقف الاشتباكات فورا في عدن، وحذرت من أن الاستمرار في ذلك سيؤدي إلى كارثة تهدد وحدة اليمن وسلامته. وقال رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، في بيان أمس الأحد: "لا ينبغي أن تذهب جهود العرب ودماؤهم في اليمن إلى سقوط الوحدة وتقسيم البلاد.
وأضاف أن "هذه جريرتها لا تقل فداحة عن جريمة الحوثيين في صنعاء، ولا ينبغي لكل شريف في اليمن الصمت عما يجري في عدن من ممارسات ترقى إلى درجة الخطورة القصوى وتمس أمن عدن وأمن مواطنيها، وأمن واستقرار ووحدة البلاد، وفي غياب الإرادة الوطنية".
واعتبر بن دغر أن "الممارسات غير الواعية في عدن، هذه خدمة مباشرة للحوثيين وإيران، وحلفائهم في المنطقة"، قائلا إنهم "فشلوا في إثارة أبناء عدن على الحكومة عبر تدمير الخدمات والمرتبات فانتظمت الخدمات والمرتبات، لجأوا لإسقاط الحكومة عن طريق تدمير الريال اليمني ففشلوا.. اليوم يتحركون عسكريا، باستحداث نقاط عسكرية جديدة والهجوم على معسكرات الشرعية".
كما دعا ابن دغر التحالف العربي بقيادة السعودية وكل العرب إلى التحرك لإنقاذ الموقف"، مؤكدا أن "الأمل كما نراه نحن في الحكومة معقود على الإمارات العربية المتحدة، صاحبة القرار اليوم في عدن العاصمة المؤقتة لليمن".
وكانت الحكومة الشرعية قالت، فجر أمس الأحد، إنّ "هذه المرحلة تستوجب على بعض من أسمتهم المقامرين، عدم الرهان على أجندات خاسرة"، في إشارة إلى التظاهرات التي دعا إليها المجلس الانتقالي، للإطاحة بها.
فيما ودعا المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي/ سالم ثابت العولقي جميع أطراف الصراع إلى الالتزام بالسلمية والحوار لتصويب ما وصفها بالاختلالات.
وأعلن نائب وزير الداخلية في الحكومة الشرعية- اللواء/ علي ناصر لخشع في وقت سابق أن الوضع في محافظة عدن تحت السيطرة، وأن القوات الموالية للحكومة تسيطر على الموقف وتتعامل كما يجب مع القوات التي وصفها بـ"المتمرده".
وسبق أن دعا التحالف العربي أول من أمس السبت، إلى "التهدئة وضبط النفس"، وذلك قبيل مظاهرات دعا إليها المجلس الانتقالي ضد الحكومة الشرعية، في محافظة عدن، احتجاجاً على عدم توفر الخدمات.
وشدد التحالف، في بيان له، على "أهمية أن يستشعر اليمنيون، بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، المسؤولية الوطنية في توجيه دفة العمل المشترك مع تحالف دعم الشرعية، لاستكمال تحرير كافة الأراضي اليمنية".
وأشار التحالف، إلى أنّه "يتابع مجمل الأحداث والمستجدات في العاصمة اليمنية المؤقتة (عدن)، وما يدور من سجال إعلامي في هذا الإطار، حول بعض المطالب الشعبية، إزاء تقويم بعض الاختلالات في القطاع الحكومي".
ودعا إلى اعتماد "لغة الحوار الهادئ، من أجل دحر الحوثيين، ووضع حد لسيطرتهم على موارد اليمنيين وحياتهم، وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين لشق الصف اليمني، أو إشغال اليمنيين عن معركتهم الرئيسيّة".
ورحّبت الحكومة بالبيان الصادر عن التحالف. ونقلت وكالة "سبأ" الرسمية، عن المتحدث الرسمي باسم الحكومة، راجح بادي، أنّ ما دعت إليه قيادة التحالف، "هو ما تؤكد عليه الحكومة مراراً، من أهمية عدم حرف بوصلة المعركة المصيرية للشرعية والتحالف العربي، في مواجهة المشروع الإيراني الخطير، إلى صراع داخلي"، بحسب ما نقلت "الأناضول".

تطورات متسارعة
يبدو الجنوب اليمني مقبلاً على تطورات مفصلية، بعد اشتراط المجلس الانتقالي، تغيير حكومة أحمد عبيد بن دغر. وسيطرت أجواء متوترة على عدن، بعد انتهاء المهلة التي منحتها المقاومة الجنوبية للرئيس عبدربه منصور هادي لإقالة الحكومة.
في وقت تم رصد حشود من مناصري المجلس الانتقالي بدأت بالتوجه إلى العاصمة المؤقتة، استعداداً لفعالية مناهضة للحكومة.
وكان اجتماعاً عُقد السبت، وضم رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، وأعضاء في حكومته، مع قيادات التحالف العربي، وذلك لتدارس احتواء أي تصعيد، بعد أن بدا كما لو أن المدينة، التي تعدها الحكومة الشرعية بـ”العاصمة المؤقتة”، على أبواب مواجهة بين الشرعية وقيادات المجلس الانتقالي.
وسبق لوزارة الداخلية اليمنية التابعة للشرعية، أول من أمس السبت، التأكيد أنها رصدت "تحركات مقلقة للأمن" في عدن، وأعلنت إجراءً استباقياً، بمنع أي تجمعات أو اعتصامات أو مسيرات في المدينة، واعتبارها "أعمالاً تستهدف السكينة والاستقرار".
وأظهر البيان، جدية الخطر الأمني الذي يتهدد المدينة، بعد الأنباء التي تحدثت عن انتشار آليات عسكرية، تابعة للطرفين، لتبدو عدن كما لو أنها أمام انفجار مؤجل بين الأطراف الداخلية المتناحرة، بما لها من ارتباطات إقليمية.
وتهدد المواجهات بين السلطات الحكومية والمجلس الانتقالي الجنوبي تحالفهما منذ أكثر من ثلاث سنوات في مواجهة مليشيات الحوثيين الانقلابية.
وتوترت العلاقات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي مؤخرا إثر اتهامات لحكومة بن دغر بـ"الفساد وضعف الكفاءة".
ولا يمكن قراءة الأحداث المحلية، بمعزل عن التحركات التي قامت بها الأطراف المختلفة في اليمن والجنوب تحديداً. ولم تتوفّر إلى الآن الظروف الكفيلة بتحويل عدن إلى عاصمة مؤقتة فعلياً لليمنيين.
ومنذ إعلان تحريرها من الحوثيين في يوليو/ تموز 2015، عاشت عدن موجة من الصراعات بين القيادات والفصائل المحلية، وبين القيادات والأطراف اليمنية الداعمة للحكومة الشرعية، التي واجهت العديد من العراقيل، في طريق استقرارها الكلي في المدينة، على الرغم من مضي أكثر من عامين ونصف العام على إعلانها “محررة”، في حين لا يزال الرئيس هادي والعديد من قيادات الدولة في العاصمة السعودية الرياض.
ويحذر مراقبون من أن تؤدي الأحداث التي اندلعت أمس الأحد حتماً إلى صراع خطير في عدن ما لم يتراجع المجلس الانتقالي عن تحذيره لهادي، ورفضه انعقاد البرلمان، أو أن يستجيب هادي لمطالبته بتغيير الحكومة، وإن بدا مطلباً بلا بدائل واضحة.
ويرى المراقبون أن هذه التطورات لا تتوقف على الأطراف اليمنية، فإذا كان التحالف قد قرر الإطاحة بحكومة بن دغر عن طريق المجلس الانتقالي الجنوبي، فهي سابقة لن تتوقف تداعياتها هنا، والأهم أن القبول بهذا المطلب سيعطي مجالاً لتمرير مطالب المجلس الانتقالي الأخرى.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد