تصعيد عسكري تزامناً مع محاولات ومبادرات سياسية لإحياء المفاوضات

2018-02-25 21:31:55 أخبار اليوم/ تقرير

بالتزامن مع تواتر الحديث عن تحضيرات لاستئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية، بعد تعيين الأمم المتحدة، مبعوثاً جديداً إلى اليمن، وهو مارتن غريفيث، عاد التصعيد العسكري بين قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية ومسلحي جماعة الحوثيين، جنباً إلى جنب، مع الغارات الجوية التي ينفذها التحالف العربي بقيادة السعودية، في أكثر من محافظة في البلاد.

يأتي التصعيد الجديد، في الوقت الذي يجري الحديث عن جهود لاستئناف مفاوضات السلام، حيث يواصل وفد من الحوثيين، برئاسة المتحدث باسم الجماعة ورئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام، جولة خارج البلاد بدأت من مسقط، وشملت العاصمة الإيرانية طهران، وسط أنباء عن توجه الوفد إلى دولة أوروبية، في زيارة لم يُعلن عنها بعد رسميا.
هجمات وضربات جوية
وأكدت مصادر ميدانية وأخرى محلية ، أن الحوثيين، وخلال الـ48 ساعة الماضية، صعّدوا هجماتهم على مواقع لقوات الشرعية، في كلٍ من مديرية نِهم، شرق العاصمة صنعاء، ومحافظة مأرب، التي تعد مركزاً لقوات الشرعية، في المحافظات الشمالية، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى في صفوف قوات الشرعية، بهجوم للحوثيين في منطقة المخدرة، غرب المحافظة، وهي إحدى المناطق التي تشهد مواجهات متقطعة، منذ أكثر من عامين.
وشمل تصعيد الحوثيين باتجاه مأرب، إطلاق صاروخين بالستيين على الأقل، يوم الجمعة الماضي، قالت الجماعة إنهما استهدفا مقر القوات الإماراتية والدفاعات الجوية في مأرب (قاعدة التحالف)، إلا أن مصادر المحلية قالت إن الدفاعات الجوية للتحالف اعترضت الصاروخين وأسقطتهما من دون أضرار.
وفيما ارتفعت وتيرة الضربات الجوية التي ينفذها التحالف، ضد الأهداف المفترضة للحوثيين، في أكثر من محافظة، بما فيها صنعاء وصعدة، يواصل الحوثيون تنفيذ هجمات في المناطق الحدودية، ويعلنون، بوتيرة شبه يومية، عن إلحاق خسائر بالجانب السعودي، من جراء القصف المدفعي والصاروخي وأعمال القنص من قبل مسلحي الجماعة، في مقابل الغارات الجوية التي ينفذها التحالف، وتتركز في مناطق محافظة صعدة (معقل الحوثيين)، المحاذية للسعودية.
تصعيد وتحشيد
وجاء تصعيد الحوثيين، خلال الأيام الأخيرة، باتجاه مأرب على نحو خاص، في ظل استمرار الجماعة في عمليات الحشد والتدريب للمقاتلين في المناطق الخاضعة لسيطرتها تحت عناوين عدة من “التجنيد الطوعي”، إلى “التعبئة العامة”، حيث احتفلت مؤخراً، بتخرّج دفعة من المقاتلين قالت إنهم سيتولون الدفاع عن صنعاء، في مقابل تراجع وتيرة عمليات قوات الشرعية، على أكثر من محور، منذ أكثر من شهر.
جهود لاستئناف المفاوضات
وتوقعت مصادر سياسية يمنية، أن تشهد الأسابيع القادمة انتعاشاً على صعيد جهود إحياء المفاوضات، بعد تعيين الأمم المتحدة مبعوثا جديدا إلى اليمن، وهو مارتن غريفيث.
ومع اقتراب موعد عقد مجلس الأمن الدولي، جلسة لمناقشة الأوضاع في اليمن، باتت التطورات اليمنية، في الجانب السياسي على الأقل، مرتبطة بنتائجها، وذلك في ظلّ طرح مبادرتين. الأولى دعا القيادي في جماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي، مجلس الأمن لتبينها، وسبقها جدل في الشارع اليمني، حول مبادرة أطلقها الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد.
ويعقد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء المقبل، جلسة سيخصصها للوضع في اليمن، من المقرر أن يناقش فيها تقرير فريق الخبراء ويستمع إلى إفادة أخيرة، من المبعوث الأممي السابق، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حول آخر التطورات في البلاد.
وبات اليمن على وقع مبادرتين سياسيتين، واحدة من الحوثيين والأخرى من الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد، قبل الجلسة المقررة في 27 الشهر الحالي في مجلس الأمن الدولي، لمناقشة الوضع اليمني.
ويتوقع السياسيون اليمنيون أن تكون الجلسة حاسمة، في مسألة العقوبات المفروضة على شخصيات يمنية، متهمة بعرقلة التسوية السياسية وممارسة أعمال تهدد الأمن والاستقرار، بما في ذلك أسرة الرئيس المعزول علي عبد الله صالح، وتحديدا نجله الأكبر أحمد، المقيم في الإمارات. مبادرة حوثية
وكان محمد علي الحوثي، رئيس ما يُسمى بـ”اللجنة الثورية العليا”، وأحد القادة البارزين في الجماعة، قد كشف الخميس، عن رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ولأعضاء مجلس الأمن الدولي، تضمّنت “مبادرة لإنهاء المآسي التي جلبها” ما وصفه بـ”العدوان على اليمن”، في إشارة للعمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية.
وتضمنت الرسالة ستة بنود، أولها “تشكيل لجنة مصالحة، ثم الاحتكام لصندوق الانتخابات لانتخاب رئيس وبرلمان يمثل كل الشعب اليمني وقواه السياسية، ووضع ضمانات دولية ببدء إعادة الإعمار وجبر الضرر، مع أي اعتداء من دول أجنبية على اليمن، وإعلان عفو عام وإطلاق كافة المعتقلين من كل طرف، وأخيراً، وضع أي ملف مختلف عليه للاستفتاء”.
واعتبر الحوثي في رسالته، أن “أي حلول لا يمكن أن تكون جذرية ما لم يتم إيقاف ما وصفه بـ”العدوان” (عمليات التحالف) وكذلك رفع الحصار البري والبحري والجوي، عن البلاد.
ومثّلت دعوة الحوثيين، مجلس الأمن، إلى “اعتماد مبادرة، تدعو للاحتكام لصندوق الانتخابات”، خطاباً لافتاً، لهم وهم الذين عُرف عنهم، استخدام السلاح للتوسع والسيطرة على مركز الدولة اليمنية.
إلا أن المبادرة الحوثية، خلت من الحديث عن الترتيبات العسكرية والأمنية المفترضة، التي من الممكن أن توفر بيئة مناسبة للانتخابات، بما جعلها أقرب إلى “كلام في الهواء”، وفق تعليقات العديد من النشطاء المعارضين للحوثيين، الذين رأوا أن “المبادرة”، لا تتمتع بأهمية، لأسباب عدة، منها أن ما يُسمى بـ”اللجنة الثورية العليا”، كيان ليس له صفة اعتبارية رسمية، خصوصاً منذ تشكيل ما يُسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى”، الذي حل محل “اللجنة الثورية”، كواجهة للسلطة في مناطق سيطرة الحوثيين وحلفائهم.
وكان واضحاً أن رسالة الحوثي جاءت في سياق الخطوات التي استبقت اجتماع مجلس الأمن المرتقب في 27 من الشهر الحالي، لمناقشة تقرير فريق الخبراء، الذي نُشر بنسخته النهائية، منذ أكثر من أسبوع.
ورأى الفريق، أن “محمد علي الحوثي، يستوفي معايير إدراج الشخصيات في لائحة العقوبات الدولية المفروضة على يمنيين، نظراً لدوره في قيادة الأحداث التي شهدتها صنعاء مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي وقتل خلالها الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح”. وهي الأحداث التي ذكر التقرير أنها “تشكل تهديداً للسلام والأمن في اليمن”.
ومنذ أسابيع، باتت أغلب التطورات السياسية اليمنية، مرتبطة بدرجة أو بأخرى، بالجلسة المرتقبة في مجلس الأمن، المقرر أن تبت بالعقوبات المفروضة على الرئيس الراحل ونجله الأكبر أحمد، المتواجد في الإمارات، والذي دشن أنصاره منذ أيام، حملة إلكترونية، تطالب بشطب اسمه من قائمة العقوبات، وذلك بعد أن انفضّ التحالف بين أنصاره وبين الحوثيين وما رافق ذلك من تطورات.
كما أن الجانب الرسمي اليمني في الشرعية، لم يحدد موقفاً معلناً على الأقل، برفع العقوبات من عدمه، غير أن أبوظبي والرياض، والأولى على نحو خاص، تدفعان نحو رفعها.
مبادرة ناصر
وفي سياق الحديث عن مبادرات، ولكن بعيداً عن مجلس الأمن، أثارت مبادرة أطلقها الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، نقاشات في الأوساط السياسية اليمنية، وذلك بعد أن رأى خلال مشاركته في مؤتمر “فالداي” للحوار، بالعاصمة الروسية موسكو، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، أن “الحل في اليمن، يكمن في ثماني نقاط، وهي إيقاف الحرب وتوفير مناخ سياسي ملائم للحل، والشروع بعد وقف اطلاق النار بخطوات لاستعادة الثقة بين المتصارعين بموجب تشكيل مجلس رئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة توافقية من كافة المكونات السياسية.
بالإضافة إلى تشكيل لجان عسكرية محلية وإقليمية ودولية لجمع السلاح الثقيل والمتوسط من الجماعات المسلحة ومركزتها تحت سلطة وزارة الدفاع الوطنية، والبدء في حوار بين كافة المكونات السياسية والاجتماعية للتوافق على شكل الدولة الفيدرالية وقيام الدولة الاتحادية من إقليمين، وتشكيل لجنة دستورية لتنقيح المشاريع الدستورية المطروحة، وتشكيل لجنة انتخابية لوضع الأسس لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وعقد مؤتمر دولي لتمويل وإعادة إعمار ما دمّرته الحرب، ودعم مجلس الأمن الدولي لهذه الخطة لتكون ملزمة وقابلة للتنفيذ تحت إشرافه”.
ورحّبت قيادات حوثية بالمبادرة التي أعلنها علي ناصر محمد، ووصفها القيادي في الجماعة، عبدالملك العجري، في تصريح له، بأنها “مبادرة مسؤولة وواقعية تمثل في معظمها مخارج جيدة للحل السياسي في اليمن”.
غير أن “المجلس الانتقالي الجنوبي”، هاجم المبادرة. وقال القيادي في المجلس، لطفي شطارة، إن “الرئيس الأسبق علي ناصر محمد الذي نكن له كل الاحترام، ومهما اختلفنا مع طروحاته بالنسبة للحلول السياسية للخروج من الوضع الذي تمر به اليمن، والتي يطرحها هنا أو هناك.
وخاطبه بأن الواقع تجاوز هذه الرؤية التي أعلنها من موسكو، وأن الجنوب واقع جديد وهناك تعاطٍ دولي مع المجلس الانتقالي”.
ويعتبر محللون أن حديث الحوثيين عن مبادرة قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن ليس سوى محاولة من قبل الحوثيين للمراوغة وكسب جولة جديدة من الحرب، كما جرت العادة كل ما أحسوا بضغط يفقدهم السيطرة ويهدد بقاءهم.
قرار أممي
وأتت المبادرة الحوثية تزامناً مع مشروع قرار من مجلس الأمن لإدانة طهران بانتهاك حظر الأسلحة على اليمن.
ورفضت روسيا، الأربعاء، مشروع قرار في مجلس الأمن لإدانة إيران بانتهاك حظر الأسلحة على اليمن، والدعوة إلى تحرّك أكبر ضد طهران.
وكانت بريطانيا أعدت مشروع قرار، الأسبوع قبل الماضي، لتجديد العقوبات على اليمن، لمدة عام، ويدعو أيضاً إلى اتخاذ إجراءات غير محددة، ردّاً على تقرير للأمم المتحدة، كشف أنّ الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على السعودية، تمّ تصنيعها في إيران.
واعتبر السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزا، بحسب ما أوردت “فرانس برس”، أنّ الإجراء المقترح، يجب أن يركّز على تجديد تفويض مراقبي تطبيق العقوبات في اليمن، بدلاً من استهداف إيران.
وقال “لا نحب الإدانات أبداً بشكل عام”، مضيفاً “أنّه قرار حول تمديد تفويض مجموعة العمل، وليس حول إيران. لذلك علينا التركيز على تمديد مهلة هذه المجموعة أولاً”.
وكان مشروع القرار “يندّد” بانتهاك إيران الحظر المفروض في 2015 على اليمن، “بعد أن فشلت في اتخاذ الإجراءات الضرورية، لمنع التزويد المباشر أو غير المباشر ومبيع ونقل” الصواريخ البالستية قصيرة المدى، والطائرات المسيرة، وغيرها من التجهيزات العسكرية إلى الحوثيين.
ويحدّد النص الذي دعمته فرنسا والولايات المتحدة، أنّ مجلس الأمن سيتخذ “إجراءات إضافية من أجل التصدّي لهذه الانتهاكات”، مضيفاً أنّ “أي نشاط مرتبط باستخدام صواريخ بالستية في اليمن” يُعتبر مبرّراً لفرض عقوبات.
ومن المقرّر أن يصوّت مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار، الأسبوع المقبل. وذكر التقرير الذي أعدّه خبراء أمميون، اتهاماتٍ أنّ إيران تسلّح الحوثيين، رغم نفي طهران المتكرّر لذلك.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد