تلفزيون ألماني: تدخل روسي ناعم في اليمن يقطف بوتين ثماره بالغوطة الشرقية

2018-02-27 22:20:46 أخبار اليوم/ متابعات

قال تلفزيون "دوتشيه فيله" الألماني، إن تمهيد روسيا لاستخدام حق الفيتو ضد مشروع قرار أممي يُدين التدخل الإيراني في اليمن لم يكن مفاجئاً، إذ أن موسكو تحاول أن تضغط على كبار خصومها من أجل التنازل عن الحملة العسكرية الوحشية في الغوطة الشرقية بسوريا.
وأشار إلى أنَّ إجهاض روسيا للمشروع الذي تقدمت به أميركا وبريطانيا وفرنسا في مجلس الأمن، حول انتقاد وصول أسلحة إيرانية للحوثيين في اليمن، يؤكد أن روسيا أضحت فاعلاً رئيسياً في نزاعات الشرق الأوسط، وأنه لم يعد ممكناً تجاهل رؤية فلاديمير بوتين لمستقبل منطقة شديدة الحساسيات.
وتابع: موسكو التي تتمسك داخل مجلس الأمن بمشروع قرار يتوقف عند تمديد حظر تسليح الحوثيين لعام واحد دون أيّ ذكر لإيران، تريد قتل الجهود الأمريكية الرامية إلى إدانة أكبر لإيران في أدوارها الإقليمية، حتى تغلق الباب أمام ترامب الراغب بالحصول على مبرّرات أكبر لتعديل الاتفاق النووي مع طهران أو حتى الانسحاب منه. ولا تعبأ موسكو في هذا الصدد بتقارير لخبراء في الأمم المتحدة أشارت إلى تقاعس إيران عن منع وصول أسلحة إلى الحوثيين، علماً أن بعض الخبراء العسكريين شكّكوا سابقا في إمكانية وصول أسلحة إيرانية إلى اليمن، نتيجة المراقبة المشدّدة على كل الممرّات التي يمكن أن تجمع الدولتين.
يثير الموقف الروسي عدة أسئلة حول استراتيجية بوتين في اليمن، فليس جديداً وقوف روسيا إلى جانب إيران في وجه الاتهامات الموجهة لها بتسليح الحوثيين، إذ سبق للمندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، أن صرّح بعدم وجود مبرّر يدفع بالأمم المتحدة للتحرك ضد إيران في الموضوع اليمني، ردا منه على الموقف الأميركي بكون الصواريخ التي يطلقها الحوثيون في اتجاه السعودية قادمة من إيران.
تؤكد روسيا، على الصعيد الرسمي، أنها تدعم جهود الأمم المتحدة في اليمن لأجل تحقيق التسوية السياسية وإنهاء الحرب. آخر من عبّر عن هذا الموقف هو السفير الروسي باليمن، فلاديمير ديديوشكين، خلال لقائه بمسؤول عن حكومة هادي في الرياض. وكالة سبأ، في نسختها التابعة لحكومة عدن، قالت إن المسؤول الروسي جدّد دعمه لحكومة هادي، لكن تصريحات سابقة لوزارة الخارجية الروسية، نقلتها وكالة تاس، كانت تتوقف عند الدعوة إلى حلّ النزاع المسلح بشكل يراعي كافة الأطراف السياسية الرئيسية داخل اليمن، وهو ما يستشف منه أن موسكو تحاول الوقوف بمنطق الحياد بين الحوثيين وحكومة هادي.
يقول ماجد المذحجي- وهو كاتب وباحث من اليمن، ومدير مركز صنعاء للدراسات في حديث لـ DW - إن مقاربة روسيا في اليمن جد حذرة، فليس هناك من خيار أمام موسكو غير الاعتراف بحكومة هادي، حتى لا تظهر متناقضة مع دفاعها المستمر عمّا تراه شرعية لنظام بشار الأسد، لكنها، وعكس بقية القوى الكبرى، تبحث عن حلٍ سياسي يشرك الحوثيين في السلطة، إذ لا تريد أن يبقى مجال الحكم محصوراً أمام هادي المحسوب على خصومها.
رغم أنها لم تعارضه بقوة كما فعلت مع الجهود الغربية الرامية للإطاحة ببشار الأسد، إلّا أن موسكو لم تتخذ كذلك موقفا مسانداً للتحالف العسكري الذي تقوده السعوديين في اليمن، فقد سبق لها أن طالبت، على لسان سفيرها بمجلس الأمن، فيتالي تشوركين، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، بفرض حظر جوي في اليمن، مشابه لمشروع قرار أممي مماثل بشأن سوريا سبق لروسيا أن أجهضته.
برّر المسؤول الروسي هذا الطلب بسقوط ضحايا مدنيين في اليمن جرّاء قصف قوات التحالف، وقبل هذا الموقف، رفضت روسيا خططا سعودية لاقتحام ميناء الحديدة، وقالت إن التكلفة الإنسانية لهذا الاقتحام ستكون خطيرة. هذه المواقف لم تعجب الرياض التي كانت تبحث عن دعم القوى الكبرى لها في حربها ضد الحوثيين، لكن على الأقل استطاعت الرياض أن تحصل في وقت لاحق على تنديد روسي ضد إطلاق الصواريخ الحوثية على اليمن، خلال اتصال هاتفي أجراه الملك سلمان بفلاديمير بوتين.
و لعل الصدفة لعبت دوراً في أن يأتي مشروع القانون الذي يندّد بتدخل إيران في اليمن، متزامناً مع استمرار عملية النظام السوري على الغوطة الشرقية بمباركة روسية واضحة. هذه المصادفة تحاول موسكو أن تستغلها بقوة حسب تعبير/ ماجد المذحجي: "تريد روسيا إضعاف المبادرات الدولية في سوريا ووجدت في الملف اليمني فرصة قوية للضغط على القوى الكبرى المناوئة لها في سوريا".
ومن الضروري الإشارة إلى أن اليمن باتَ مساحة نشطة للمصالح الدولية خلال السنوات الأخيرة، فهناك عدة قوى دولية أضحت حاضرة بقوة في تدبير الأزمة المحلية. استغلال هذا الملف من لدن بوتين لأجل خدمة مصالحه في سوريا يعطي فكرة عن الإستراتيجية الروسية في المنطقة، فموسكو لا ترغب، وفق ما يؤكده المدحجي، بالتخلّف عن الحضور في اليمن، لكنها في الوقت نفسه، لا ترى في البلد ذاته سوى ملف وسيطٍ لخدمة ملف أكبر، موجود على الأراضي السورية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد