مع تزايد وتيرة المعارك في مختلف الجبهات والتحرك العسكري الميداني لقوات الشرعية خلال الأشهر الأخيرة ارتفعت فاتورة الحوثيين البشرية والعسكرية وهي تواجه الهزائم تلو الأخرى، خاصة خسارتها في أعداد كبيرة من مقاتليها الذين يقدروا بالمئات .
هذه الخسائر البشرية الكبيرة دفعت بالميليشيات للبحث عن مقاتلين جدد لتعويض النقص في جبهاتها، وسط تراجع ملحوظ لمستوى تجاوب المواطنين مع حملات تحشيدهم التي باءت بالفشل في معظم المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، ما جعل قياداتها تعيش حالة من الإرباك والتخبط .
"محافظة حجة" واحدة من المحافظات التي عانت الكثير من ويلات الحوثيين والتي لا تكاد تخلو مديرية فيها من المقابر الجماعية للمغرر بهم، ولم يعد أمام الحوثيين سوى الضغط على قيادات المؤتمر الشعبي العام فيها لإقناع من تبقى من أعضاء الحزب للمشاركة في حروبهم العبثية، وفي هذا التقرير تسلط صحيفة "أخبار اليوم" الضوء على أبرز تحركات الميليشيات الحوثية بهذا الشأن منذ مطلع الشهر الجاري.. إلى التفاصيل :
• ضحايا .. لصنع الانتصارات..
من المعروف عن ميليشيات الحوثي الإجرامية أنها مع أي هزائم تتكبدها في أي جبهة أو عدة جبهات تلجأ عادة إلى صنع انتصارات وهمية لتضلل أنصارها المغرر بهم أولا، والرأي العام المحلي ثانياً، إلى جانب تحقيق أهداف أخرى أبرزها الدفع بمزيد من المواطنين لمحارق الموت في الجبهات .
ومع توالي هزائمها في معركة الساحل الغربي عمدت ميليشيات الحوثي مطلع الشهر الجاري إلى فبركة أخبار في وسائل إعلامها عن ضبطها خلية إرهابية -حسب قولها- في مدينة الحديدة، كانت تخطط لتنفيذ مخططات لدول التحالف، وقالت بأن من يتزعم هذه الخلية الشيخ/ فهد مفتاح دهشوش، رئيس فرع المؤتمر الشعبي بمحافظة حجة .
مصادر محلية بمدينة حجة كشفت لـ"أخبار اليوم" بأن من تم إظهارهم كخلية إرهابية في قناة المسيرة أحدهم من أسرة دهشوش، تم أخذهم من منازلهم بمركز المحافظة، ليتفاجأوا بما أعلنته الميليشيات من أنهم ضبطوا في الحديدة متلبسين، إلا أن تلك الواقعة كانت بمثابة مقدمات لما بعدها .
• دهشوش .. أول ضحايا المؤتمر..
ولم تمر سوى يومين من إعلان خبر الخلية الذي أعلنت عنه الميليشيات، لتعقد اجتماعاً موسعاً لما أسمته "حكماء وعقلاء المحافظة" أعلنت فيه إهدارها دم الخلية الإرهابية ومن بتزعمها - في إشارة لفهد دهشوش- رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام بالمحافظة وأمين عام مجلسها المحلي، معلنة "أن دمه دم الحنش بين كل القبائل ".
وكانت قيادات المؤتمر في مقدمة المشاركين والموقعين في بيان هذا الاجتماع، معلنين براءتهم من القيادي "دهشوش" الذي يتهمه الحوثيون بإدارة أعمال تخريبية، خاصة تزعمه اعمال الفتنة - حسب تعبيرها- في الانتفاضة التي دعى لها الرئيس السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر الماضي .
ويقيم دهشوش منذ عامين متنقلا بين القاهرة ومسقط، لعدم قناعته بما تقوم به الميليشيات من انتهاكات وجرائم بحق أبناء الشعب اليمني، إلا أن الحوثيين لازالوا يخشون تحركاته نتيجة الشعبية التي يحظى بها في أوساط المحافظة .
رضوخ مؤتمري..
مراقبون محليون - تحدثوا للصحيفة - بأن إعلان الميليشيات إهدار دم القيادي المؤتمري يأتي كمقدمة لتنفيذ عقوبات وجرائم بحق دهشوش وأقاربه وأنصاره بمبررات مفتعلة لإنهاء نفوذه وإسكات أصوات أعضاء وقيادات الحزب وترويضهم لتنفيذ ما يريده الحوثيون وفي مقدمتها تعزيز جبهاتهم بالمقاتلين، وهو ما قابله قيادات المؤتمر برضوخ تام .
ومع بداية الأسبوع الجاري دشنت قيادات مؤتمرية حملات تحشيد للحوثيين في عدد من المديريات، إلا أن نتائجها لا تزال مخيبة لآمال الحوثيين الذين باتوا يخسرون كل يوم مساحات واسعة من المحافظة مع تقدم قوات الجيش الوطني إلى حيران ومستبأ متجاوزة حرض وميدي .
• تحشيد مستمر..
اجتماع الحكماء الذي دعت إليه الميليشيات كان بمثابة تدشين حملة التحشيد لأعضاء المؤتمر الشعبي، حيث وجه المشاركون فيه دعوة للمواطنين وخاصة منتسبي القوات المسلحة الذين في منازلهم للتفاعل مع لجان التعبئة والحشد وسرعة عودتهم إلى معسكراتهم للمشاركة في حروبهم العبثية خاصة الساحل الغربي، بعد أن فشلت جهود سابقة لهم في جمع مقاتلين في صفوفهم، بالتزامن مع ارتفاع حصيلة ضحاياهم في مختلف الجبهات .
كما تلا تلك الدعوة عمليات نزول ميداني لمعظم المديريات والتي لا تزال مستمرة حتى كتابة التقرير، وبمشاركة قيادات الميليشيات من الصف الأول، وتتركز حملاتهم حول أهمية معركة الساحل الغربي التي تفتقر جبهاتهم فيها للمقاتلين .
• تذمر شعبي ..

وتشهد محافظة حجة كغيرها من المحافظات تذمرا متصاعدا تجاه الميليشيات الانقلابية نظرا لسياسياتهم الهمجية بمختلف المجالات أغرقت المواطنين في وحل الفقر والجوع والتشرد والجهل، إلا أن هذا التذمر زادت حدته مع اتهام زعيم التمرد عبدالملك الحوثي، القبائل ومشائخها - في وقت سابق - بالخيانة، إثر تراجع شعبية ميليشياته في أوساط المواطنين، الأمر الذي زاد من توسيع الهوة بينه وبين القبائل التي أدركت الأعيب وقذارة الحوثيين ومشروعهم الرامي لتدمير حياتهم برمتها خاصة بعد أن قدموا فلذات أكبادهم قربانا لمشاريعهم التدميرية .
• استنفار وتخبط
وإزاء هذا المشهد القاتم تعيش قيادات الحوثي في حجة حالة استنفار وتخبط اًغير مسبوق، خاصة وأنها تخسر العديد من قياداتها البارزة سواء في جبهات المحافظة أو الحديدة، إلى جانب تهرب عدد من المشرفين من قياداتها ومعهم العشرات من أنصارهم يرفضون التوجه إلى الجبهات بحجج مختلفة .
ويدرك الكثير من الحوثيين أو المتحوثين مصيرهم المحتوم إذا ما توجهوا للجبهات الذي ينتهي بالقتل، الأمر الذي جعل الكثير ممن لم يؤمنوا بخزعبلاتهم يتهربون من التوجه للحرب مفضلين البقاء فيما يسمى باللجان الأمنية بالمديريات، والاستفادة مما يجنونه من وجبايات مختلفة المسميات .
• انتظار الحسم..

وينتظر أبناء محافظة حجة بفارغ الصبر ساعة حسم التمرد فيها وإنهاء سلطة الميليشيات التي تسببت في تنغيص معيشتهم بمختلف المجالات، كما أن تأخر الجيش الوطني في تقدمه نحو عبس والشرفين ومركز المحافظة بات يشعر المواطنين بنوع من اليأس في وانقشاع الغمة عنهم .
ويأمل أبناء المحافظة من قوات التحالف العربي المساندة للجيش الوطني اتخاذ قرار تحرير المحافظة في القريب العاجل، بما يكفل عودة الأمن والاستقرار والسكينة العامة إليهم بعد أن سلبت منهم بفعل إجرام الحوثيين بحقهم ..