أم زكريا (35 عاماً)، من قرية الدنين -الخوخة، هي إحدى مآسي الحوثي، وكم هي كثيرة وكبيرة مآسيه التي خلفها ومازال وستبقى في حق الشعب ومستقبله.
الحوثي يزرع الموت في الطرقات.. في المزارع.. في السواحل.. أمام مساكن الناس، لا يعنيه كم روحاً ستزهق، ولا كم من الأوجاع والآلام تخلفها عبواته وألغامه.. لا إنسانية لديه ولاشعور بالندم ولا حتى خجل مما اقترف.
أم زكريا، التي فقدت زوجها أثناء مروره بدراجته النارية فوق لغم زرعه الحوثي في منطقة دار ناجي التابعة إدارياً لمديرية الخوخة، فارق الحياة سريعاً، وحين علمت أسرته بالحادث ذهب أكبر أبنائه، زكريا وعامر أبو الخير أحمد يوسف مقحزي ليريا أباهما سندهما صاحب الأربعين عاماً أو يزيد قليلاً جثة مزقته ألغام الحوثي، حاول زكريا سحبه لينفجر بهما لغم آخر مزق جسديهما وحولهما إلى ضحايا جدد بجانب أبيهما.
هل يدرك الحوثي حجم الوجع الذي زرعه؟ قتل الأب واثنين من أبنائه في يوم واحد، ثم يأتي عبدالملك الحوثي ليتحدث عن حبه لليمنيين، وعن السلام، وحقوق الناس..
كيف ستقنع هذه الشعارات أم زكريا التي أصبحت في لحظة أرملة ومكلومة لفقد زوجها وابنيها، تودع زوجها وفلذتي كبدها، وتستقبل المجهول الذي جعل منها أباً وأماً لستة أولاد أكبرهم لم يتجاوز الحادي عشر عاماً، وبنت وحيدة وزوجة ابنها البكر زكريا الذي لم يمض على زواجه سوى خمسة أشهر..
أصبحت الأم وحيدة في هذا العالم الغريب، نازحة من مكان لآخر، بعد أن حول الحوثي قرية الدنين إلى مستنقع للألغام.. وحدها تكابد صنوف الحياة وأعباءها أسرة كبيرة، وجلهم أطفال، تحتاج من يعينها ويخفف عنها آلام الحياة وقسوة القتلة.