الصفقة سياسية التي ستخلع عن الزُبيدي لقب الرئيس ليبدو "الانتقالي" عاريا بدون الغطاء الإماراتي

2018-10-17 03:14:37 أخبار اليوم/ متابعات


تحدثت تقارير إعلامية عن امتيازات يحظى بها المجلس الانتقالي من الإمارات، التي تستضيف رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي بشكل شبه دائم في أبوظبي.
وتشير التقارير إلى أن الإمارات تنسق للزبيدي تواصلاً مع سفراء أجانب، وتضمن لتشكيلاته العسكرية والأمنية في الداخل الإمساك بمفاصل السلطة، مقابل تحجيم صلاحيات ونفوذ الشرعية عند حدود المسؤولية عن توفير المرتبات والخدمات للمواطنين، دون ممارسة السلطة والسيادة الحقيقية على مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية.
وعاد عيدروس الزُبيدي الأربعاء الماضي، إلى عدن ، الذي بات اسمه مسبوقاً بصفة (الرئيس القائد) في مجلسه ووسائل إعلامه، مستأثراً بكليهما، الرئيس عن الرؤساء السابقين الذين حاولوا إبقاء صفاتهم في المحافل الجنوبية، كعلي سالم البيض وعلي ناصر محمد، والقائد عن القيادات التي تصدرت القضية الجنوبية منذ سنوات كحسن باعوم.
ويبدو أن مركز ومستقبل المجلس وقيادته سيغدو محكوماً باستكمال الانكشاف أمام القاعدة الشعبية التي استعارها لتعزيز حضوره، أو برفع الغطاء السياسي والدعم المالي الذي وفرته الإمارات لقيادته منذ ولادته إما لانتهاء حاجتها إليه، أو تعرضها لضغوط تجبرها على تنازلات سيكون أقلها تأثيراً على مكانتها التضحية برعاية المجلس الذي يتجه ليكون عبئاً على أجندتها ومصالحها لدى شرعية الداخل، وفي تقييم الخبراء واللجان الأممية والهيئات والمنظمات الدولية المؤثرة على كبار صناع القرار الدولي.
في 27 إبريل 2017 أقال الرئيس هادي رجلي الإمارات في عدن؛ عيدروس الزُبيدي من منصبه كمحافظ لعدن، ورفيقه ونائبه في المجلس الانتقالي، هاني بن بريك من منصبه كوزير دولة وأحالهما للمحاكمة بتهمة الخيانة، بعد قيام الرجلين بممارسات وإجراءات مناقضة لسلطة الشرعية ورفضهما الامتثال لها.
لم تنتظر الإمارات كثيراً للرد على هذه الخطوة، إذ سارعت بعد أيام لتمويل تشكيل كيان ثوري يحظى بغطائها ورعايتها ودعمها.. في الرابع من مايو صدر ما عرف بإعلان عدن التاريخي الذي فوض عيدروس الزبيدي، تشكيل قيادة سياسية برئاسته لإدارة وتمثيل الجنوب داخليا ًوخارجياً، وتخويله كل الصلاحيات اللازمة لتنفيذ ما يلزم لتنفيذ بنود الإعلان، وفي 11 مايو أعلن رسمياً عن تشكيل المجلس برئاسة الزبيدي ونيابة هاني بن بريك وعضوية 26 آخرين.
وولد المجلس الانتقالي من لحظته حاكماً، متسلقاً نضالات وتضحيات الحراك الجنوبي، بقيادة أقصتها الشرعية فأسندت له الإمارات المهمة ومكنته من واجهة السلطة، ومولت أنشطته الشعبية التي ارتكزت في تدشينها على شعبية الحراك، ومكنته الوصاية الإماراتية من الظهور كغطاء سياسي انضوت تحت مسماه تشكيلات عسكرية وأمنية، ليمثل واجهة طيعة وورقة رابحة لها لتنفيذ أجندتها التي تمنعها حساباتها من تنفيذها مباشرة دون واجهة محلية.
توالت الفعاليات التي كان هدفها الرئيسي تكريس مجلس عيدروس وبن بريك، وتوليفته الأخرى التي ضمت أربعة محافظين آخرين، حاملاً شرعياً ووحيداً للقضية الجنوبية، وممثلاً وحيداً وشرعياً في الداخل والخارج. في مهرجان أقيم في 7 يوليو 2017، خلا البيان من أي إشارة للحراك الجنوبي كلياً، خلافاً لبيانات التأسيس التي استدعت اسم الحراك لجذب أنصاره وجمهوره، واستعارت جمهوره وتاريخه النضالي لتكريس الكيان الجديد بقيادته الجاهزة حاكماً للجنوب في ظل وصاية إماراتية.
أواخر يناير الماضي، بلغ تصعيد المجلس ذروته ضد الحكومة الشرعية.. وفي سيناريو مشابه لانقلاب الحوثيين في صنعاء، التي اجتاحوها وسيطروا على مؤسساتها بقوة السلاح بذريعة إسقاط الحكومة الفاسدة، أمهل المجلس الانتقالي الرئيس أسبوعاً لإقالة حكومة بن دغر، مع دعوات تحشيد شعبي، واستنفار عسكري كبير.
بعدها قادت تشكيلاته المسلحة مواجهات عنيفة مع القوات التابعة للحكومة الشرعية، وبغطاء ودعم إماراتي، أفضت لسيطرتها على معسكرات ومؤسسات حكومية، الأمر الذي وصفته الحكومة بأنه محاولة انقلاب فاشلة.
تعرضت الشرعية، وحكومة بن دغر لخضّة شديدة في تلك الأحداث، التي كان واضحاً أنها تمت بإشراف إماراتي، وحياد سعودي إلى مستوى معين، لكنها واصلت إدارة شؤونها من قصر معاشيق بعدن، متحملة أعباء المرتبات والخدمات، مسلوبة القرار في إدارة الشؤون الأمنية والسياسية والعسكرية.
ولم يقتصر الأمر على تلك المؤسسات، إذ تطال الوصاية الإماراتية المباشرة أو غير المباشرة عبر التشكيلات المسلحة للمجلس الانتقالي المؤسسات الإيرادية والموانئ والمطارات، وتتحكم في تصدير النفط لتكريس عجز الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي ووقف انهيار العملة المحلية، بسبب توقف أغلب صادرات النفط والغاز، التي تشكل نحو 80% من دخل البلاد القومي، ومصدراً رئيسياً للعملة الصعبة، ما يتيح للإمارات ووكلائها في الجنوب ابتزاز الحكومة واتهامها بالفشل والفساد والعجز عند أي مفترق طرق أو محاولة منها لتجاوز الوصاية الإماراتية .
وإضافة إلى تحكمها في ميناء عدن، والمخا، اللذين يعيشان وضعاً مشلولاً، تسيطر القوات الإماراتية على منشأة بلحاف التي تشكل أكبر الاستثمارات النفطية اليمنية في قطاع الغاز، وأهم روافد الاقتصاد اليمني، وحولته إلى معسكر خاص بقواتها وعملياتها..
ومطلع الشهر الجاري، أحكمت قوات «النخبة الشبوانية» في محور عزان شبوة، وهي تشكيلات أمنية مدعومة إماراتياً، ولا تخضع للشرعية، سيطرتها على مقر اللواء الثاني مشاة بحري، وميناء النشيمة في مديرية رضوم بشبوة، لإحباط مساعي الحكومة وترتيباتها لاستئناف تصدير النفط من حقول شبوة عبر الميناء، ضمن حزمة إجراءات اقتصادية مقررة لإنقاذ الاقتصاد، ورفع فاتورة الصادرات، ووقف انهيار العملة.
ولعل الاتهامات الأخيرة التي ساقها الرئيس هادي من الرياض للمجلس المدعوم إماراتياً بتلقي الدعم من إيران، رغم الفتور والتراجع في مواقفه والتغيير الحكومي يؤشر لتغيرات محتملة، في وضع ومركز المجلس، الذي ولد بقرار إماراتي أعلنه الزُبيدي لنفسه ونائبه وجميع هيئاته أعضاء وقيادات.
فالمجلس الذي فوض نفسه تمثيل الجنوب داخلياً وخارجياً باستدعاء فعاليات شعبية كشفت الأيام سريعاً أنها مستعارة من حساب ورصيد الحراك الجنوبي السلمي، ما فتئت شعبيته تنحسر في غضون أقل من عام على توظيفها كواجهة جنوبية لتمرير الأجندة الإماراتية، خصوصا مع تعالي الأصوات وزيادة الفعاليات المناهضة له في إطار الحراك الجنوبي.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد