عن المساعي الغربية لإنقاذ مليشيا الانقلاب..

ضغوط بريطانية على الشرعية لفرض تسوية تبقي على الحوثي وتعيد مجد إمبراطوريتها

2018-11-18 03:38:12 أخبار اليوم/ خاص


في الوقت الذي تبدو بريطانيا مهتمة بالوضع الإنساني في اليمن، الذي أوجدته الحرب الدائرة منذ قرابة أربع أعوام، بفعل الانقلاب الذي نفذتها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، يرى الكثير أن هذا المسعى البريطاني جاء لإنقاذ مليشيا الانقلاب وإبقائها كفاعل سياسي على الساحة اليمنية. رغم أنها "أي بريطانيا" تصرح بأنها تدعم الحكومة اليمنية الشرعية التي انقلبت عليها مليشيا الحوثي..
مؤخراً أعلنت بريطانيا أنها ستتقدم بمسودة قرار إلى مجلس الأمن تدعم المطالب الخمسة التي طالب بتنفيذها مارك لوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق شؤون الإغاثة الطارئة.
وقالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة كارين بيرس في جلسة لمجلس الأمن يوم الجمعة إن وزير خارجية بلادها طلب منها إبلاغ المجلس بتقديم مسودة بمشروع قرار عن المطالب الخمسة الاثنين المقبل.
المطالب الخمسة التي تقدم بها المسؤول الأممي تبدو في ظاهرها أنها إنسانية، إلاّ أنها في الواقع تعد بمثابة محاولة إنقاذ لمليشيا الحوثي الانقلابية التي خسرت معظم خطوطها الدفاعية في كل الجبهات، ناهيك عن الهجومية، فميليشيا الانقلاب بدت مؤخراً غير قادرة على حشد مقاتلين في صفوفها ووصل بها الحال إلى مساومة عقال الحارات في العاصمة صنعاء بتعزيز الجبهات بالمقاتلين مقابل تزويد هذه الحارات بمادة الغاز المنزلي، وممارسة ضغوط كبيرة على مشايخ القبائل والوجاهات الاجتماعية لتعزيز الجبهات بالمقاتلين وفشلوا في معظمها، ما دفع المليشيا للذهاب للخارج والاستنجاد ببريطانيا وروسيا التي لها مطامع قديمة – جديدة في الشرق الأوسط. رغم أن الولايات المتحدة الأميركية هي اللعب الرئيس في ملف الحرب في اليمن بحسب كل المعطيات الموجودة على الأرض.
وفي هذا السياق يرى الكاتب الصحفي/ محمد اللطيفي، أن المقاربة البريطانية للحل اليمني تبدو حذرة لكي لا تتصادم مع المقاربة الأمريكية.
ويذكر لـ"الموقع بوست" أنه "إذا ما لاحظنا فالولايات المتحدة بيدها الخيوط الرئيسية للعبة الحرب في اليمن، خصوصا العسكرية، لكن لندن تحاول التأثير عن طريق الأدوات الناعمة للحرب، مثل الدبلوماسية والقنوات السياسية، وهو ما يجعل التدخلات البريطانية في البلاد، تتم بتفاهم مع واشنطن".
ويؤكد أن تحركات بريطانيا الأخيرة تسير في خط مواز لتحركات واشنطن، فمسودة لندن الخاصة بمشروع قرار جديد بشأن اليمن، لا تخرج في مجملها عن مساندة التوجه الأمريكي الأخير لوقف الحرب في اليمن.
لكن ذلك لا يعني عدم وجود اختلاف في وجهات النظر، ولا أيضاً تقاطع في طبيعة المصالح، فلندن تملك علاقات قديمة وتاريخية في المنطقة العربية، وهي طرف مؤثر في جميع الدول المتصارعة في الشرق الأوسط، بما فيها إيران، وفق اللطيفي.
أما عن دوافع بريطانيا لذلك، يقول الكاتب اللطيفي، إنها ترغب في الوصول إلى حل سياسي لا ينهي قوة الحوثي، بل يضعفه، وهي ترى أن وصول القوات المدعومة من التحالف إلى داخل مدينة الحديدة، فرصة كافية للضغط على مليشيا الحوثي، لتقديم تنازلات تفضي إلى الدخول في مفاوضات سياسية، وتلعب لندن دور تجميع الأطراف نحو هذا الهدف.
واستدرك "لكن لا مؤشرات على تحقيق نجاح حقيقي باتجاه المفاوضات، فكل الأطراف تناور من أجل استثمار الوقت لتحقيق مكاسب على الأرض".
وأضاف "لكن المؤكد أن لندن في النهاية تستفيد، بعكس واشنطن، من بقاء الوضع في اليمن في حالة اللا حرب واللا سلم، لأنه يسمح لتوسيع نفوذها في الشأن اليمني، ففشل حسم الحرب هو فشل غير مباشر لأمريكا، الداعم الدولي للتحالف عسكريا، وفشل إيقافها هو أيضا تحدٍ آخر للولايات المتحدة، وقد يمكن للندن تحقيق نجاح شكلي لوصول الطرفين إلى طاولة المفاوضات، لكن فرص إحراز نتائج حقيقية مهمة صعبة للغاية".
وعن المشروع الذي تعتزم بريطانيا تقديمه لمجلس الأمن الدولي غداً الاثنين فقد قدم المسؤول الأممي مارك لوك خمسة مطالب إلى مجلس الأمن وطالب بتنفيذها دون تأخير، وتمثلت المطالب الخمسة كالتالي:
- تنفيذ وقف الأعمال العدائية في جميع البنى التحتية والمرافق وحولها التي تعتمد على عمليات الإغاثة والمستوردين التجاريين. في إشارة إلى وقف المواجهات المسلحة في محافظة الحديدة، غربي اليمن، التي تعد بمثابة الرئة التي تتنفس بها مليشيا الحوثي، والتي حققت فيها القوات الحكومية مسنودة بالتحالف العربي تقدماً كبيراً وبات يفصلها "5كليلو متر" فقط عن مينائها الاستراتيجي، وتمكنت القوات الحكومية خلال المعارك الأخيرة من دكت خطوط دفاع مليشيا الانقلاب الحوثي الأكثر تحصيناً. وتتضمن بقية المطالب الأممية:
- تسهيل حماية الإمدادات الغذائية وغيرها من السلع الأساسية في جميع أنحاء البلاد.
- ضرورة دعم الاقتصاد اليمني عن طريق ضخ العملات الأجنبية ودفع الرواتب والمعاشات.
- زيادة التمويل والدعم لعملية المساعدات.
- مطالبة جميع المتحاربين بالعمل مع المبعوث الخاص الأممي الخاص لليمن مارتن غريفيث لإنهاء النزاع.
وجدد مارك لوك دعوته للتحرك بسرعة نحو تدابير بناء الثقة والمشاورات، واستئناف المفاوضات الكاملة بين الأطراف المتحاربة في اليمن.
وبحسب مصادر صحفية فأن مشروع القرار البريطاني سيتضمن أيضاً إدانة الهجمات الصاروخية من قبل مليشيا الحوثي على السعودية. ويدعو المشروع إلى تسهيل تدفق مواد الإغاثة، وإبقاء الموانئ اليمنية مفتوحة.
وفي تصريح له أمام مجلس الأمن قال غريفيث أمس الجمعة "هذه لحظة حاسمة لليمن"، مؤكدا أنه تلقى تأكيدات قاطعة من قيادات الأطراف اليمنية بالالتزام بحضور المشاورات التي ستعقد في السويد.
ويحاول غريفيث التوسط في إحلال السلام في الصراع الدائر منذ أكثر من ثلاث سنوات.
بريطانيا التي ستضمن مشروع قرارها هذه المطالب الأممية، مارست ضغوط سياسية على الحكومة الشرعية اليمنية، فقد أثير الكثير من الجدل حول بريطانيا، بعد تصريحات كشف عنها رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني محمد حلبوب، بشأن استمرار لندن تجميد أرصدة الحكومة لديها من أجل الضغط عليها والتحالف لإيقاف الحرب في الحديدة، لافتا إلى أن البنك المركزي تفاجأ بالاشتراطات السياسية التي قدمتها لندن لفك الحظر عن حساباتها.
وقبل أيام قال محافظ البنك المركزي/ محمد زمام، إن بريطانيا لا زالت تجمد حسابات اليمن لدى بنك إنجلترا، مستغربا من دعواتها لمساعدة اليمن ومنع البنك من استخدام أمواله.
في تناقض واضح، قال وزير الدفاع البريطاني/ مايكل فالون -منتصف العام الماضي- إن "السعودية يحق لها الدفاع عن نفسها وجلب أصدقائها للدفاع عنها ضد هجمات الحوثيين"، وهو ما يبرهن على العلاقات القديمة بين البلدين فلندن أحد أبرز الدول المصدرة للسلاح للرياض.
ومع قرار بريطانيا بشأن انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، والتوقعات بشأن نفوذها دوليا، وتركيزها على الجانب الاقتصادي، يبدو أن اليمن ستكون أحد اهتماماتها نظرا لوجود العديد من الموانئ فيها.
وكان المحلل العسكري/ علي الذهب، قد توقع- في حديث سابق مع "الموقع بوست"- بأن يكون شكل الدور الذي يمكن أن تقوم به بريطانيا اقتصاديا، فالقوة الاقتصادية هي المحرك الأول للأطماع ولفرض الإرادات، مشيرا إلى أن البلاد هي أحد بأهداف الاستعمار الحديث، وضحية صراع حلفاء هذا الاستعمار وأعوانه.
موقع "ورد سوشيالست ويب سايت" كشف مؤخراً عن سعي بريطانيا لإعادة تأسيس نفوذها في اليمن، من خلال دورها في الحرب الدائرة في اليمن.
وهو ما يذهب باتجاهه المحلل السياسي فيصل علي الذي يرى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي يعني عودتها نحو الشرق الأوسط، حيث أملاكها القديمة وخرائطها الجغرافية والديمغرافية والطائفية جاهزة لإعادة تقسيم المقسم.
وعلى صعيد متصل بهذا الدور المشبوه لبريطانيا وعدد من الدول الغربية، خاصة في هذا التوقيت، فقد عبر الأوساط السياسية والاجتماعية اليمنية، وقيادات في المقاومة والجيش الوطني عن رفضها هذه المساعي الدولية لإنقاذ مليشيا الحوثي من خلال الضغوطات التي يتعرض لها التحالف العربي بقيادة السعودية ومن خلال الربط بين ما يفهم به التحالف من دعم لإنهاء الانقلاب الحوثي وقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد