مستوطنات حوثية وكينونات شيعية تغير الطبيعة الديمغرافية لسكان أمانة العاصمة

النسخة الثانية للضاحية الجنوبية في صنعاء

2018-12-19 08:03:40 أخبار اليوم/تقرير


"الأرض تبقى وكل شيء يفنى" هكذا يجسد الفكر الحوثي سياسة ما بعد الزوال من منطلق الاستمرارية، بحيث تغدو مسألة القضاء على الجماعة الانقلابية أمراً في غاية الصعوبة، يقول خبراء، في محاولة لاستنساخ تجربة العراق وسوريا ولبنان، الذي يعتمدها النظام الإيراني حزب الله.
رغم الحصار البري والبحري والجوي الذي تفرضه قوات التحالف على المناطق القابعة تحت سيطرة الانقلاب، والانهيار المخيف للعملة المحلية، وانقطاع المرتبات والتحذيرات الأممية من كوارث إنسانية جراء المجاعة المحدقة على السكان في المناطق الشمالية.
الأسواق العقارية تنتعش
تشهد الأسواق العقارية في العاصمة صنعاء انتعاشاً غير مسبوق خلال الأعوام الأربعة الماضية، التي أعقبت الانقلاب الأسود على السلطة الشرعية في 21 من سبتمبر/ أيلول 2014م.
يرجح مختصون أن هذا الانتعاش الذي تشهده الأسواق العقارية يعود لسببين رئيسين، وهما: الهجرة الغير مسبوقة للعمالة اليمنية من المملكة العربية السعودية بعد "سعودة" بعض الأعمال.
ويكمن السبب الأخر: إلى الأيدلوجية الحوثية المتطرفة في تقسيم المدن طائفيا، بحيث تجعل من المستحيل التعايش بين مختلف فئات المجتمع، تيمننا بالتجربة الإيرانية واستنساخاً لتجربة حزب الله اللبنانية في تغيير المجتمعات السكانية ديمغرافياً.
صنعاء القديمة
كما أن المتمردين الحوثيين سعوا جاهدين لإحداث تغيير ديموغرافي في معظم أحياء العاصمة صنعاء، من خلال إنشاء كينونات متماسكة في معظم الأحياء، وإعادة هندسة العاصمة بولاء مطلق.
تقارير سرية مسربة كشفت عن عمليات شراء تقوم بها الجماعة للعقارات لمنتسبيها، والسيطرة قسرا على أرضي المواطنين الخاصة، والسطو على الأرضي الخاصة في وزارة الأوقاف، وإصدار وثائق بأسماء عناصرها في قيادة الجماعة الانقلابية.
وبحسب معلومات غير متداولة، فإن معظم عمليات الشراء للعقارات في العاصمة صنعاء نابعة من فساد، وتتم عن طريقة وسطاء لقيادات في جماعة الحوثي الانقلابية.
في المقابل حذر مراقبون، من الأهداف الاستراتيجية للجماعة للسيطرة على الأرض، وضمان بقاء وجودهم في كل الأحياء والمناطق، وهو ما سيمثل تهديداً لحياة آلاف المواطنين المناوئين للمتمردين، التي ترفض التعايش مع الآخرين.
هندسة ديمغرافية
تقول مصادر محلية: إن جماعة الحوثي الانقلابية تقوم بإعادة هندسة مدن صنعاء من خلال عمليات الشراء بمبالغ طائلة، والسطو المسلح على الأرضي والعقارات، بشكل تدريجي ومدروس.
وكشفت المصادر -التي فضلت عدم الكشف عن اسمها لدواعي أمنية لموقع "اليمني اليوم"- أن المتمردين الحوثيين دشنوا عدداً من المستوطنات الخاصة بهم في عدد من المناطق والإحياء المدنية التي تطوق العاصمة صنعاء، والمتمثلة في حي المطار والجراف في شمال صنعاء، ومنطقة قاع القيضي وحزيز في شمال العاصمة، ومنطقة الصباحة في غرب العاصمة كمرحلة أولية، تحت شعار تسكين أسر الشهداء، وهناك مؤسسات قامت لهذا الهدف.
وفي السياق قالت مصادر مطلعة: إن عمليات الشراء للعقارات التي يقوم بها المتمردون في الإحياء التي تطوق صنعاء، والمراكز الحساسة في وسط العاصمة، هي محاولة لتأمين العاصمة في حال السقوط أو الاقتحام من قبل قوات الحكومة الشرعية، خاصة مع التهديدات المستمرة للمتمردين من قبل قوات الجيش الوطني المتمركزين في كلاً من مدير نهم شمال العاصمة ومديرية صروح المحاذية لمديرة خولان التابعة للأمانة، على المستوى القريب.

وعلى المستوى البعيد، تمثل عملية الشراء للعقارات التي يقوم بها المتمردون في أحياء العاصمة، ضغطاً أكبر على أيَّة حكومة في صنعاء العاصمة في المستقبل، بالإضافة أنها مرتكزات تعتمد على الجماعة في حال حدثت حرب أهلية في المستقبل المنظور، وخلق نوع من الأحزمة التي تجعل هذه المدن ضمن لون واحد فقط.
وتشير معلومات حصل عليها موقع "اليمني اليوم"، إلى أن المتمردين الحوثيين يحاولون جاهدين وضع قدم لهم في أحياء تكون في الغالب خارج نطاق سيطرتهم الأيدلوجية، من خلال تغير عقال الأحياء السكنية وأعضاء المجلس المحلي وتغير أئمة المساجد في تلك المناطق، وهناك أحياء تعرف بميولها الأيدلوجي لحزب معين في منطقة شملان وحي النهضة ومنطقة دارس، ومديرية معين وحي مذبح يقوم المتمردين الحوثيين بإغراء أهالي تلك المناطق بترك منازلهم، من خلال اللعب على ورقة الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن اليمني، وفي أحيان يتم طريقة البيع وفي أحيان لا تتم لمن يمتلك وعياً فكرياً بمخططات المتمردين.
سطو مسلح
احتدم الصراع بين قيادات جماعة الحوثي الانقلابية في صنعاء، عقب إتلاف المتمردين لمبنى وزارة الأوقاف والإرشاد، بعد أن قامت سابقاً بنقل أغلب وأهم الوثائق والمسودات والمخطوطات، والتعدي على أموال الأوقاف وأملاك الدولة العقارية.
ورجحت مصادر أمنية في صنعاء، أن إحراق وزارة الأوقاف والإرشاد له صلة بالصراع المحتدم حديثا داخل قيادات الميليشيات الحوثية على أموال الأوقاف والأراضي التابعة لها، وهو ما حدا برئيس المجلس السياسي الانقلابي مهدي المشاط، إلى التدخل لاحتواء الخلاف وتنظيم عملية النهب من قبل ميليشياته لعقارات الأوقاف.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية عن مصادر في صنعاء "أن رئيس مجلس حكم الميليشيات مهدي المشاط، أمر مدير مكتبه القيادي البارز في الجماعة أحمد حامد والمكني «أبو محفوظ» وهو أحد المقربين من زعيمها الحوثي، بتولي ملف الأراضي التابعة للدولة والأخرى التابعة للأوقاف، وحسم الصراع المتنامي بين قادة الجماعة في صنعاء وتنظيم عمليات النهب الممنهجة من قبلهم".
واستولت بعض قيادات الجماعة على قاعة المؤتمرات التابعة لوزارة الأوقاف، والتي تقع في شارع الستين بصنعاء، والتي تتضمن المبنى الجديد لمجلس النواب، وقاعة المؤتمرات والمكتبة المركزية، بالإضافة إلى مساحة لا تزال غير مستخدمة.
وأقدمت على نهب والسيطرة على مساحات واسعة وممتلكات كثيرة تابعة للأوقاف في العاصمة صنعاء، والمحافظات التي تسيطر عليها، وآخرها سطوها بالقوة على أراضي الدولة المجاورة لمقر دائرة التوجيه المعنوي في حي التحرير وسط العاصمة صنعاء.
صورة متداولة بوسائل التواصل الاجتماعي لمبنى الأوقاف الذي تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بإحراقه.
في أول ردة فعل قالت الحكومة الشرعية -في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)-: إن إحراق المبنى جاء بعد أن عَمِدت الميليشيات في أوقات سابقة إلى التصرف في ممتلكات الأوقاف، ونهبها ونهب كل الوثائق، في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ووجهت الحكومة وزارة الأوقاف "بإلغاء كل ما تم التصرف به والانتفاع من خلاله بأراضي الأوقاف، سواءً بالبناء أو بأي صورة من صور الانتفاع لجهات أو شركات أو أفراد، واعتبرته لاغياً وباطلاً قانوناً ودستوراً وشرعاً، وإن القرارات المتعلقة بأموال الأوقاف بعد 21 سبتمبر (أيلول) 2014م، لا يترتب عليه أثر قانوني في مواجهة إدارتي الأوقاف والهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد