بعد 4 أعوام من الحرب: قذائف مليشيا الحوثي تمطر تعز بالموت العشوائي

2019-02-16 03:17:53 تعز- أخبار اليوم – معاذ الشرعبي


من يسير في بعض شوارع مدينة تعز، خصوصا في تلك القريبة من أماكن تواجد مليشيات الحوثي أو تلك الأماكن التي تطل عليها تجمعات تلك المليشيات، لا يغيب عن ذهنه احتمالية سقوط قذيفة بجانبه أو في الشارع الذي يقطن به ولا عن صوت صافرة سقوطها على أحد المنازل حوله.
اليوم- وبعد أربع سنوات من الحرب على تعز- أصبحت فرضية أن من يعيش في أحياء هذه المدينة هدفاً سخياً لآلة الموت أمرا واضحاً.
بعد أربع سنوات من الحرب، وسقوط قذائف الهاون على رؤوس المدنيين في تعز ما يزال مشهداً يومياً، خصوصا في تلك الأحياء التي تطل عليها تجمعات المليشيات. قذائف قد لا تحدث دماراً هائلاً في الممتلكات والأبنية، لكنها تسرق بشكل شبه يومي أرواح المدنيين رجالاً ونساءً وأطفالاً.
من خلال ما تشهده مدينة تعز بضواحيها من استهداف عشوائي غادر بقذائف صاروخية تطلقها مليشيات الحوثي، قصدت "أخبار اليوم" حي الروضة وحي التوحيد والموشكي، إحدى الأماكن التي تعتبر أكثر استهدافاً بالقذائف الصاروخية.
حي الروضة أكثر المناطق استهدافاً
في حي الروضة، سمعت "اخبار اليوم" الكثير من القصص التي حدثت للأهالي جراء سقوط قذائف المليشيات على منازلهم وأماكن تواجدهم.
في هذا الحي، حدث أن ودّع أب أسرته كاملة بقذيفة أطلقتها المليشيات على منزله، وحدث أن وقف أب وبصوت مقهور وبجسد يستند على ولده الوحيد المتبقي له، وقف مفجوعاً بنجليه الشهيدين، لاستقبال معزيه، يصافح الوافدين إلى مجلس عزائه بيدٍ يشعلها جمر الفراق الغادر، فراقٌ يخشاه أيّ أبوين، ولا يقدر أحد حتى أن يتخيل تفاصيله التي بات يتوقعها ويخشاها سكان أي مكان اخر في البلاد.
الأخوَان كريم وزهور، واللذان استشهدا في اللحظة ذاتها وهما في سطح منزلهما في حي الروضة، حيث استهدف الحوثيون المنطقة بقذيفة صاروخية استقرت في سطح المنزل، لتتشظى معها أحلام شابين في مقتبل العمر، وهذان الشهيدان ليسا الوحيدين في المنطقة التي قصدتها "اخبار اليوم"، حيث قدمت الروضة المئات من الشهداء خلال السنوات الماضية بقذائف يطلقها مسلحو الحوثي بشكل عشوائي.
وفي حصيلة للأسابيع الأربعة الأخيرة فقط؛ بلغ عدد الشهداء في هذه المدينة عشرة، وكلهم من المدنيين، بينهم أطفال، إضافة لأكثر من ثلاثين جريحاً بإصابات متفاوتة بين الطفيفة المتوسطة والخطرة، لكنها تبقى جميعا إصابات غادرة كما يصفها الأهالي.
ويقول الناشط في المقاومة الشعبية بتعز/ محمد مهيوب- في حديثه لـ "أخبار اليوم"- "المليشيات تواصل قصف المدينة رغم الاتفاقات الأخيرة وكان آخرها قصف حي ٧ يوليو في الروضة وقتل امرأة وطفلها وجرح ١٧ مواطناً وتلتها قذائف مدافع هوزر على الأحياء الشرقية كان آخرها أمس 14 فبراير".
المناطق التي تطلق منها مليشيات الحوثي القذائف
ويتابع الناشط في مقاومة تعز محمد مهيوب، لـ "أخبار اليوم" قائلا "خلال ٤ سنوات من الحرب وقذائف المدفعية الثقيلة تتساقط على رؤوس المواطنين المدنيين في تعز دون توقف راح ضحيتها الآلاف من الرجال والنساء والاطفال، قذائف تطلقها مليشيات الحوثي، من مواقعها في أطراف المدينة الشرقية والشمالية، والشمالية الغربية، وأهم المناطق التي تتمركز فيها المليشيات الحوثية وتطلق منها القذائف على المدينة هي مرتفع سوفيتل، ومناطق الحرير وجبل أومان، ومنطقة الجند، والبريهي، والستين، والربيعي، ومفرق شرعب، وسد العامرة، وغيرها من المناطق المحيط على المدينة والتي تتمركز فيها مليشيات الحوثي".
ضحايا أبرياء
قذائف الهاون كابوس حقيقي في مدينة تعز، لم تسلم منطقة أو مكان أو تجمع سكاني، وإحتمالية النجاة من شظاياها، تعتمد على "الحظ" من جهة، و"الحيطة الافتراضية " من جهة أخرى.
يقول السكرتير الصحفي في قيادة محور تعز، راكان الجبيحي، في حديثه لـ "أخبار اليوم": "بلا شك مليشيات الحوثي الانقلابية لم تكف في اللحظة الواحدة عن استهداف المدنيين في الاحياء السكنية للمدينة منذ قرابة اربع سنوات في حربها على مدينة تعز بشكل خاص وهذا يكشف أن المليشيات الانقلابية تحمل حقداً أسود على هذه المدينة لصمودها في مقاومتها".
ويتابع راكان قائلاً: "قصف مليشيات الحوثي لا يوجه لمؤسسة بعينها أو على شارع بعينه بقدر ما هو موجه بشكل عشوائي على الأحياء الأكثر سكاناً والأحياء السكنية التي تكتظ بالسكان والمدنيين وهو استهداف ممنهج يدل على خبث هذه الجماعة المتوحشة التي تحاول تسعى لإبادة هذه المدينة وذلك بعد عجزها عن تحقيق أي نجاح أو نصر في الجانب العسكري أو الميداني".
الحوثي ينتقم من تعز لأنها كسرت مشروعه والصمود مستمر لكسره
وفي هذا السياق قال الوزير السابق وأمين عام اتحاد القوى الشعبية/ عبدالسلام رزاز- وفي حوار سابق مع أخبار اليوم- إن "الحوثي ينتقم من تعز ومن اليمن كلها..هو ينتقم منها لأنها رفضت انقلابه على الشرعية وعلى مخرجات الحوار الوطني ..هو ينتقم منها لأنها كسرت مشروعه الكهنوتي ..تعز عانت تاريخيا من الحكم الامامي ومن الطبيعي ان ترفض مشروع الحوثي باعتباره امتدادا للإمامة في احتكار السلطة والثروة".
ويضيف رزاز: "الحوثي ينتقم من تعز لأنه هزم فيها وينتقم من الجنوب والشرق والغرب والشمال، ايضا لانهم رفضوا مشروعه في قتل اليمنيين وتجهيلهم وتجويعهم ومصادرة حقوقهم وانقلابه على منجزهم التاريخي ممثلا بمخرجات الحوار الوطني ..هو ينتقم من كل الأحرار في اليمن لأنهم وقفوا ضد مشروعه الذي استمده من التاريخ الأسود لأجداده ومن نظام الملالي في ايران النظام الذي دمّر سوريا ولبنان والعراق وانتقل إلى اليمن ويستهدف كل العرب. ينتقم من تعز لأن تعز واجهته بوعيها المدني المعاصر وفاجأته برجال أشداء صدوا جحافله الواهمين بأبسط وسائل المقاومة ..وكلما استمر الحوثي بقصف المدنيين في تعز يتزلزل مشروعه عند كل قطرة دم يسفكها في تعز".
حياة شبه طبيعية
رغم كل الخطر المحدق بأي شخص يعيش في تعز، إزاء كل المحاولات المتواصلة لمليشيات الحوثي لتهجير الأهالي من المناطق والأحياء، لم تستطع ولو بشكل جزئي أن تردع قاطنين تعز من استكمال حياتهم الطبيعية والروتينية اليومية المعتادة.
وفي استطلاع لـ "أخبار اليوم" تقول خولة حمود إنه "بعد أربعة سنوات من الحرب، بات سقوط الهاون مسألة عادية، فكثير من الناس يمرون بجانب القذائف ويكملون سيرهم، دون أي ردود أفعال، والأمر أصبح شيئاً مسلماً به".
وتتابع خولة وهي أحد سكان حي التوحيد، حديثها لـ "أخبار اليوم" بالقول "عندما بدأت ظاهرة الهاون، كنا نخاف من كل صوت نسمعه أثناء سقوطها، أما الأن فنحن نعمل ونذهب إلى الجامعة للدراسة، رغم كل المخاطر الآنية التي يمكن أن تلحق بنا جراء سقوط قذيفة متفجرة، والتي لا تميز بين كبير في السن أو صغير، أو تميز بين حاجز أمني ومشفى أو حتى مدرسة".
وفي ذاكرة أبناء تعز بعض من إصابات القذائف التي لا تنسى، كسقوط القذيفة على حافلة كانت تقل أطفال، واستشهد على إثرها خمسة منهم، إضافة إلى استهداف المدارس والمساجد، والمنازل وهي الأكثر تعرضا للقصف العشوائي، والتي راحت أسرا بكاملها جراء ذلك.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد